العدد 2803 - الأحد 09 مايو 2010م الموافق 24 جمادى الأولى 1431هـ

ملاحظات على هامش الحوار العربي الصيني

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

طوال يومين من المتابعة لوقائع الندوة الثانية للتعاون العربي الصيني في مجال الإعلام في المنامة، كنت استمع لهذه اللغة الغريبة على المنطقة، التي جاءت لتصلح من باب التجارة، ما تفسده السياسات.

يطلب الصينيون مزيداً من التقارب الاقتصادي والسياسي والإعلامي مع المنطقة العربية، وهم ينطلقون من التعامل مع الجامعة العربية كرمزٍ جامعٍ للعرب، وربما يعلّقون عليها آمالاًً أكبر من طاقتها، بينما يقابل الغرب هذه الجامعة بكثيرٍ من الاستهانة وعدم الاعتراف، فضلاً عن خضوعها للمناوشات الداخلية، فلم يكتمل عقد القمم في السنوات العشر الأخيرة قط.

المفارقة أن الجامعة التي طالب بعض العرب بتصفيتها مؤخراً، ينظر إليها الصينيون بهذا القدر من الاعتراف والتقدير، فالتعامل مع مؤسسة رسمية لتبادل الرأي أسهل بكثيرٍ من 22 دولة، من أجل الاتفاق على الأهداف المشتركة. وهم ينطلقون من رؤيةٍ تقول إن خيارنا المشترك تعزيز التعاون بما يخدم الطرفين، دون عقدة خوفٍ أو استعلاء. فتاريخ العلاقة بين الطرفين منذ القدم كانت تحكمه المصالح والعلاقات الطيبة، على عكس جارنا الغربي (أوروبا وبعدها وارثتها أميركا) الذي طبعت علاقتنا به قرونٌ من الضغائن والدم والحروب والاحتلالات.

في نهاية الجلسة الحوارية الأخيرة التي ضمّت مجموعة من الإعلاميين العرب والصينيين، طلبت الحديث لأقول بأن النبي العربي (ص) قبل خمسة عشر قرناً، حثّ قومه في مطلع نهوضهم الحضاري، على طلب العلم ولو في الصين، لأنها كانت أبعد بلدٍٍ عن جزيرة العرب في العالم القديم المعروف آنذاك.

كان الوصول إلى الصين يومها يستغرق عدة أشهر، براً أو بحراً، أما اليوم فتصلها جواً في أقلّ من نصف يوم، وتتصل بها إلكترونياً في ثوانٍ معدودات، بفضل وسائل الاتصال الحديثة. وإذا كنا مستهلكين سلبيين للتقنية الحديثة فإن الجانب الصيني طرفٌ منتجٌ فيها، بعد أن تحوّلت صناعة النشر التقليدية إلى صناعة رقمية، تستخدم شبكة الإنترنت والموبايل، فهناك مئات من دور النشر (الإلكترونية)، وأكثر من 9 آلاف من المجلات الخاصة بهذا المجال الواعد، حيث بلغ عائد هذه الصناعة 25 مليار دولار العام الماضي.

الصين طرفٌ منتجٌ... خطابه واثقٌ، ومتطلّعٌ بقوةٍ إلى المستقبل، بينما تعليقات المشاركين العرب تعكس خطاب أزمة عميقة، يكرّر مقولات الغزو الفكري واختراق الغرب للهوية العربية عبر وسائله الثقافية والإعلامية. وهي من علامات الأمة الضائعة التي تعيش متعلقةً بأمجاد الماضي، مرعوبةً من الحاضر، ولا تملك أية تطلعات للمستقبل.

أحد الزملاء انتقد الصينيين لعدم ابتكارهم وسائل تقنية غير تلك التي ينتجها الأميركان، للتدليل على الأصالة كما قال، فأجابه أحدهم بقوله: «شبكة الإنترنت فضاء عام، مجرّد منصة، فلماذا لا نستفيد منها لتحقيق مصالحنا»... وهذه إحدى الفروق الذهنية بين العقليتين.

هيمنة الأخوات الخمس

المنتدى يتعلق بالتعاون في مجال الإعلام، فكان طبيعياً أن يتطرق إلى إحدى الإشكاليات الكبرى، وهي ضرورة التعامل المباشر بين الطرفين دون وسيطٍٍ أو طرفٍ ثالث. وهي مشكلةٌ ليس لها حلٌ قريبٌ في ظلّ الاستلاب الحالي. ففي الصحافة (والفضائيات أيضاً) نواجه يومياًً هذا الكم الهائل مما تضخّه وكالات الأنباء، مصطبغةً بأيدلوجياتها وتوجهاتها السياسية.

«سوق الأخبار» إن صحّ التعبير، تسيطر عليه الأخوات الخمس الكبرى (وكالتان أميركيتان، وبريطانية وفرنسية وروسية)، بعضها يزيد عمره على القرن، أين منها هذه الوكالات الهزيلة الموزّعة على 22 قبيلة؟ أين هي من الحضور الإعلامي، وأين موقعها أصلاً من التعاون الدولي؟ علماً بأن أقسام الأخبار الدولية بالصحف الخليجية مثلاً لا تعمل قبل الثانية ظهراً، وهو وقت بداية الدوام في نيويورك!

إحدى الهواجس التي سيطرت على الحوارات، ضرورة مد الجسور مباشرة بين الجانبين العربي والصيني. وفي الوقت الذي كان يشعر به الزملاء بمظلوميةٍ من نوع خاص، جرّاء ما طرأ على الموقف الصيني التقليدي في قضية فلسطين، خصوصاً لتقرّبها مع الولايات المتحدة عبر البوابة الإسرائيلية، فإن الطرف الآخر يرى بعينيه مشاركة بعض دولنا في إحكام الحصار على أبناء جلدتنا في فلسطين، ويرسل بطاقة تهنئة في ذكرى إعلان قيام دولة المحتلين.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2803 - الأحد 09 مايو 2010م الموافق 24 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:48 ص

      رساله موجهه لك ولكل الاقلام الحره

      اخوي قاسم حسين انا ما قاعد اكتب تعليقي على موضوعك وانما اكتب لك طلبي لك ولاصحاب الاقلام الحره مثلك وشرواك ومثل اخت مريم الشروقي بأن ننتبهون لموضوع طفله من ام بحرينيه واب اماراتي و تسخرون قلمكم الحر بخدمة الام والطفله وخاصه بعد مداهمه الشرطه لكل منازل الاقارب لاخذ الطفله وارجاعها لابيها وللتعذيب ببلد ابيها ضاربين حقوق ومراعاة للطفله وما جرى لها ببلد ابيها

    • زائر 4 | 3:23 ص

      لماذا نلوم الصين؟

      لماذا نلوم الصين لتغيير مواقفها تجاه القضية الفلسطينية، بينما تخلينا نحن منذ سنوات عن هذه القضية؟ وهل هناك عار اكبر من حصار غزة على أيدينا نحن العرب؟ ولماذا نلوم الصين إذا كان بعضنا يهنيء اسرائيل في ذكرى قيامها؟

    • زائر 3 | 1:27 ص

      مع الاسف ؟؟

      المعروف لدي اكثر شعوب منطقتنا العربيه ان هناك انحياز من قبل الجامعه العربيه الي دول بعينها تجمعها مصالح مشتركه

    • زائر 2 | 12:34 ص

      الجامعة العربية

      قرأت مقالك وجاء على بالي ان الانسب تسميتها المفرقة العربية، "خضوعها للمناوشات الداخلية، فلم يكتمل عقد القمم في السنوات العشر الأخيرة قط". صدقت والله فآخر قمة في ليبيا لم يحضرها خمسة من الرؤساء العرب والقمة التي قبلها غاب عنها نصفهم. هل هؤلاء الحكام يؤتمنون على هذه الامة ويدافعون عن مصالحها؟

اقرأ ايضاً