العدد 2806 - الأربعاء 12 مايو 2010م الموافق 27 جمادى الأولى 1431هـ

«روبن هود»: الضجر والحب يحركان البطل الأسطوري فينقذ الوطن

مهرجان «كان» افتتح مساء أمس دورته الثالثة والستين بفيلم «ردلي سكوت» الجديد

كان (جنوب فرنسا) – ربيع اسماعيل 

12 مايو 2010

كالعادة وكما كان يفترض به أن يكون، ها هو مهرجان «كان» السينمائي الدولي الذي يعقد مرة في كل عام في هذه المدينة الفاتنة في الجنوب الفرنسي، يجعل افتتاحه صاخباً. فهذا الافتتاح الذي جرى مساء أمس (الأربعاء)، امتلأ بالنجوم وأهل السينما وأهل الصحافة والألوان والأضواء والصخب والأسهم النارية، معلناً بدء فعاليات دورة، كان السينمائيون، في فرنسا والعالم، يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً من ألا تتوافر لها كمية ونوعية من أفلام، تؤكد من جديد أن هذا المهرجان هو الأكبر والأهم في العالم.

في نهاية الأمر، بدأ كل شيء يجري على ما يرام، ولعل الفضل الأول في هذا كله، يعود، من ناحية الى كبار السينمائيين المعاصرين الذين فضلوا ان يعرضوا جديدهم، هذا العام، في «كان»، بدلاً من أن يعطوه الى مهرجانات منافسة، مثل «برلين» او»البندقية». ولقد صار معروفاً الآن أن مبدعين من طينة وودي آلن ومايك لي وأوليفر ستون وغودار، وعشرات غيرهم، هم الذين أمنوا لـ «كان» هذا العام، كل هذا التفوق.. ومن ناحية ثانية الى اللص الظريف. أي الى روبن هود، ذلك البطل الأسطوري الانجليزي، الذي لا يفتأ يطل علينا بين الحين والآخر من خلال فيلم جديد يتحدث عنه وعن اسطورته. أما اهمية طلته مجدداً، هذا العام، فتنبع من شخصية مخرج الفيلم. فهو الانجليزي ردلي سكوت، الذي يعتبر خلال السنوات الثلاثين الاخيرة (تحديداً منذ فيلمه الرائع «بلاد رانر») واحداً من كبار السينمائيين المعاصرين في العالم. سكوت آثر ان يعطي لافتتاح «كان» فيلمه الجديد هذا، والذي ستبدأ غداً بالتحديد عروضه العالمية في شتى أنحاء العالم، علماً بأن «روبن هود» الجديد هذا، لا يدخل في المسابقة الرسمية لـ «كان»، (عرض في الافتتاح). أمن للمهرجان بالتالي افتتاحاً صاخبا، ثم راح يدور حول العالم.

نعرف طبعاً أن سينمائيين كثراً، ومنذ فجر الفن السابع، حققوا أفلاماً عن فارس العصور الوسطى الانجليزية.. ولكن من المؤكد أن ردلي سكوت ما كان من شأنه أن يقدم على مشروع جديد عن «روبن هود» لولا إدراكه منذ البداية ان لديه شيئاً جديداً يقوله عنه، إن لم يكن على صعيد الموضوع (فهو لا يقدر طبعاً على ان يبدل «الحقائق التاريخية» المأثورة عن الحكاية نفسها حتى وان كانت قد اضحت اسطورية، أي قابلة للتأويل بالتأكيد)، فعلى صعيد الشكل واللغة السينمائية. ومن هنا يتسم فيلم ردلي سكوت بديناميكية مدهشة أمنها ايضاً حضور راسل كراو (نجم سكوت المفضل منذ زمن) بلعبه دور الفارس المغوار، الى جانب كيت بلانشيت (في دور ماريان) وماكس فون سيدو (في دور سير والتر لاكسلي) وويليام هارت (في دور ويليام مارشال). ولا بد أن يلفت نظرنا هنا، في هذا الفيلم، ذلك التأويل الجديد الذي أعطاه ردلي سكوت لشخصية روبن هود ودوافعه. إذ هنا، بالنسبة الى هذا الفارس العائد خائباً ومحبطًا من إحدى الحملات الصليبية، لن يكون الاساس خدمة الملك او حتى خدمة الشعب، ضمن اطار فرسان الطاولة المستديرة، بل سيكون الاساس الحفاظ على الذات ضمن اطار خدمة الملك ولا سيما في الحروب التي يخوضها هذا الأخير ضد الفرنسيين. وهكذا تدور الحكاية إذاً: لدى موت الملك ريتشارد (قلب الأسد) يسافر روبن الى نوتنغهام، المدينة التي تعاني من فساد حاكمها المعين من قبل الملك، ومن ارتفاع معدل الضرائب المجبية فيها. وهناك، في خضم تأففه من المهمة التي جاء ليقوم بها، يقع في غرام الأرملة الليدي ماريون، التي تشكك في كل شيء وتثير، بدورها، كل أنواع الشكوك. بيد أن روبن لا يأبه لهذا... كل ما يريده الآن هو أن يكسب ود السيدة من ناحية، وان ينقذ البلدة من الفساد والحاكم الظالم. وهكذا يجمع من حوله عصابة من الرفاق،الذين بدورهم – وحسب تفسير الفيلم – لا يتحركون إلا انطلاقاً من ظمأ للفوز وللحياة. غير انهم بالتدريج يجدون أنفسهم متورطين في القضية الوطنية أكثر وأكثر... ولكن دائماً بضغط من روبن هود، الذي ما إن يغيب عنهم لحظة، حتى يدرك كم انهم نفعيون ويضجرون. لكنه في النهاية يتمكن من إثارة حماسهم والوصول الى النصر، والى غزو حبيبته أيضاً.

صفق كثر للفيلم منذ بدء عروضه الصحافية... ولا ريب أن التصفيق مساء أمس في حفل افتتاح «كان» كان أكبر.. فالتصفيق هنا للفيلم، ولكن أيضاً لمخرجه... وأكثر من هذا لنوع من سينما المغامرات ذات المضمون الانساني، يبدو اليوم غائباً عن الشاشات وها هو ردلي سكوت يعيد اليه اعتباراً...

العدد 2806 - الأربعاء 12 مايو 2010م الموافق 27 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً