العدد 792 - الجمعة 05 نوفمبر 2004م الموافق 22 رمضان 1425هـ

جورج بوش رئيسا للولايات المتحدة بفارق %1

في انتخابات 2000 الجدلية

تبدو الانتخابات الأميركية للعام 2004 شبيهة إلى حد بعيد بانتخابات العام 2000 بين المرشح الجمهوري جورج بوش الابن والمرشح الديمقراطي آل غور، نظرا للتقارب الشديد بين المرشحين في نتائج استطلاعات الرأي، وتقارب الأداء خلال المناظرات التلفزيونية، ووجود مرشح ثالث مستقل لا يملك حظوظا للفوز، ولا قدرة على التأثير في مسار المعركة الانتخابية. لاشك أن الجدل الذي رافق فوز بوش على منافسه آل غور، ونائب الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون جعله ذا أهمية استثنائية. لقد أدى الفارق الضئيل بينهما إلى إعادة فرز للأصوات ورفع دعاوى قضائية ودعاوى مضادة في ولاية فلوريدا، وسلط الضوء على بعض العيوب في بعض الإجراءات وتقادم عهد بعض الأنظمة مثل بطاقات الاقتراع المثقوبة. وجاء فوز المرشح الجمهوري بوش على غور بفارق 537 صوتا «1 في المئة من مجمل أصوات الناخبين» بعد تدخل المحكمة العليا الأميركية، التي أوقفت إعادة فرز الأصوات. توجه الناخبون في الولايات المتحدة إلى صناديق الاقتراع، لاختيار الرئيس الثالث والأربعين لبلادهم، في المعركة الأكثر سخونة منذ العام ،1960 أي منذ فوز الرئيس الراحل جون كنيدي بفارق ضئيل جدا على ريتشارد نيكسون. وبدأت الانتخابات في شرق الولايات المتحدة بعد ساعات قليلة من ظهور نتائج آخر استطلاع لمعهد جون زغبي الذي تابع الأميركيون توقعاته على مدى شهر كامل. والمفارقة أن الاستطلاع الأخير أعطى للمرة الأولى تقدما ضئيلا للديمقراطي آل غور على منافسه جورج بوش، لكن التقدم لم يتجاوز النقطتين اللتين كان الأخير متقدما بهما على منافسه في معظم الاستطلاعات السابقة. وإذا كانت خسارة الانتخابات تعني بالنسبة إلى آل غور نهاية حياته السياسية - بحسب رأي المحللين - فإن المعركة الحامية عنت لبوش تحولا في مستقبله.

صعوبة الاختيار

كان ثمة صعوبة في الاختيار نظرا إلى تضييق المرشحين الهوة بين سياساتهما، في محاولة لكسب أكبر عدد ممكن من الأصوات، فعرض بوش خفضا ضريبيا أكبر حجما، فيما عرض آل غور إصلاح نظامي الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.

معركة حتى اللحظات الأخيرة

وحتى اللحظات الأخيرة، ظلت المعركة بين المرشحين على أشدها في نحو عشر ولايات مهمة مثل متشيغان وويسكونسن ومينيسوتا، إضافة إلى فلوريدا التي تملك 25 صوتا في الندوة. وفي المقابل، زاد من المصاعب أمام آل غور وجود مرشح الخضر رالف نادر «66 عاما» يمكن أن يأخذ من دربه عددا من الناخبين في بعض الولايات، الأمر الذي يصب في مصلحة الجمهوريين. ومنذ 40 عاما لم تشهد الانتخابات الرئاسية الأميركية هذا المستوى من التقارب بين شخصين يخوضان معركة من الصعب التكهن بنتائجها على رغم أن لديهما خبرة وشخصية تختلفان كليا. فالبرت ارنولد غور «52 عاما» الذي يشغل منصب نائب الرئيس منذ ثماني سنوات، سياسي معروف ونجل سيناتور وهو يعمل منذ 24 عاما للوصول إلى البيت الأبيض. وعلى رغم خبرته في التحكم بالملفات السياسية سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، فإن خطاب آل غور التقني الجامد وافتقاره إلى الطلاقة والموهبة لجذب الآخرين أمور اعاقته في أحيان كثيرة. وبالعكس، فإن بوش وهو حاكم تكساس منذ ست سنوات ونجل الرئيس جورج بوش الذي هزم في العام 1992 أمام الثنائي كلينتون - آل غور، بدا أكثر ألفة وأكثر قربا من الناس. لكن فترة شبابه الصاخبة والدراية غير الكافية بالملفات الدولية والداخلية، أربكته أحيانا. ويقول محللون انه على رغم عدم تطرق كل من بوش وآل غور إلى بعض القضايا الحساسة في حملتيهما، فإن ملايين الناخبين حددوا موقفهم على أساس قضايا مثل زواج الشواذ جنسيا والسماح بتعاطي الماريغوانا وقضيتي القتل الرحيم وانتشار الأسلحة في المجتمع الأميركي. كما لعب دورا في حسم توجهات الناخبين، اختيار بوش لديك تشيني مرشحا لنائب الرئيس واختيار آل غور جوزيف ليبرمان لهذا المنصب، ما جعل المرشحين يعتمدان على شريكيهما أحيانا والدعم الذي يمكن أن يقدماه لهما. وحتى اللحظات الأخيرة، واصل المرشحان حملتيهما بكل حماسة. وأنهى بوش حملته الانتخابية في معقله في اوستن «ولاية تكساس». وغلبت على خطاباته نغمة تفاؤل، إذ قال أمام حشد من مؤيديه: «انتم تنظرون الآن إلى الرئيس المقبل للولايات المتحدة». وكان المرشح الجمهوري تعمد قضاء اليوم الأخير من حملته في ولايتي تينيسي واركنساو مسقط رأس كل من آل غور وكلينتون وتوقع فوزه في ولاية اركنساو «ليبزغ فجر يوم أفضل على العاصمة واشنطن» بحسب قوله. أما المرشح الديمقراطي فواصل جولته الانتخابية على مدار 30 ساعة متصلة، وركز آل غور في الساعات الأخيرة من حملته على الولايات التي يحتدم فيها الصراع ولها عدد كبير من الأصوات في الندوة الانتخابية وهي: أيوا وميسوري ومتشيغان وفلوريدا، إضافة إلى تينيسي مسقط رأسه. ومع اقتراب سباق الرئاسة الأميركية من خط النهاية، توقع ليبرمان فوز آل غور بغالبية الأصوات على الصعيد الشعبي وفي الندوة الانتخابية. وقال للصحافيين الذين رافقوه على الطائرة المخصصة للحملة: «هناك زخم لمصلحتنا على المستوى القومي وفي الولايات المختلفة. سننتظر لنرى ما يحدث. لكن على كل حال انتظر نتائج متقاربة». وفي نهاية المطاف فاز بوش، ولم يكن واردا على الإطلاق أن يحدث أي انقلاب نوعي في السياسة الخارجية الأميركية لولا حوادث 11 سبتمبر/ ايلول ،2001 وإعلان الحرب على الإرهاب.

رالف نادر

يعتبر رالف نادر، سواء داخل الولايات المتحدة وخارجها، شخصية مثيرة للجدل، كما أنه يشكل ظاهرة لم تتكرر كثيرا على مسرح السياسة الأميركية. وكان نادر خاض معركة انتخابات الرئاسة الأميركية للعام ،2000 فقط لكي يوصل رسالته إلى الشعب الأميركي لأنه يدرك قبل غيره انعدام فرصته في الوصول إلى البيت الأبيض، وحصل في تلك الانتخابات على نحو ثلاثة في المئة من أصوات الناخبين الأميركيين. وبعد فوز بوش بالرئاسة، اتهمه الديمقراطيون بأنه كان سببا رئيسيا في خسارتهم، ذلك أن أصوات مؤيديه كانت ستتجه إلى مرشحهم لو أنه انسحب من المعركة الانتخابية، وبالتالي فإن آل غور كان سيحسم الفوز لمصلحته من دون اللجوء إلى القضاء، وإعادة فرز الأصوات التي أجريت لاحقا

العدد 792 - الجمعة 05 نوفمبر 2004م الموافق 22 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً