العدد 2813 - الأربعاء 19 مايو 2010م الموافق 05 جمادى الآخرة 1431هـ

الحقيقة في السينما... إبداعٌ وتنافس

مقارنةً بالمنهجية الثقافية لدى القلب الإيراني، فإنه ينبض من عمق ثقافته، ثم إن عقليته الفذة عادةً ما تضع الأمور في نصابها الصحيح، وهذه المنهجية التي لا يخجل أن يعتمد عليها بل إنه يتفنن في إظهارها بمستويات من التلذذ السينمائي للمشاهد الإيراني والعربي والعالمي.

لا وجود للخجل أثناء العمل عندما يسعى «هو» بالعمل الدؤوب لاستخراج الثقافة من الواقع الإيراني ويضعها في أنموذج سينمائي على رغم عدم اعتماده على العناصر الأساسية في السينما العربية والعالمية، مع ذلك فهو متميز بل ويفوز بجوائز عالمية على إنتاجه السينمائي.

نعم لا وجود للخجل عندما أستخرج قوميتي في عمل سينمائيٍ أبدع فيه بإمكاناتي «أنا» صاحبُ عقل، فلمَ أقلِّد؟ لا أعتقد أن التقليد مفيد وخصوصا نحن نتعايش مع سينما متجددة من كل الثقافات العالمية وكُلها تقدم ثقافتها دون أن تقلد الثقافة الأخرى لتنافسها في إمكاناتها، فـ «أنا» لي بإمكانات، ونحن في ازدواجية من الممُيّز لديك والمُمّيز لديّ.

تُنتقد السينما العربية والبحرينية بالتحديد لاعتمادها على غنج الفتاة وجمالها في إظهار العمل السينمائي بشكلٍ راقٍ ومُرضٍ للمشاهد «الرجل» ثم «المرأة» ثم القصص والحكايا المتكررة في أغلب ما يُمثل.

لا وجود للخجل أن يقرأ البحريني ثقافته ويؤصلها في عملٍ سينمائي، نعم لا داعي للخجل، أكاد أُجَن من جرأة الفيلم الإيراني «ابن مريم» وإظهاره لبراءة الحياة القروية وشجاعة الأخلاق الإنسانية في طفلٍ مسلم شاءت الأقدار أن يساعد ذلك القديس الفريد الوحيد الذي هجر المسيحيون قريتهم ألى أخرى وبقاءه في الكنيسة معتنياً بها بالتنظيف والعبادة، ثم إظهار الثقافة الطبيعية للشعب والعادات الإيرانية كلفتَةٍ صغيرة من جوانب العمل هو استعداد أب الطفل للذهاب للمدينة لشراء وجلب المعدات المختصة بإقامة تمثيلٍ لذكرى عاشوراء!... بلا خجلٍ ولا استحياءٍ ولا تواطؤ من دون إظهار ما تتمتع به أصالة الشعب في عملها السينمائي.

عودة إلى السينما البحرينية التي تقدم وتتقدم بأعمالها التي رأينا منها ولم نرَ البقية، ثم ما جعلني ألاحظ أحد المُخرجين ونبع إحدى القرى انسلاخه من ثقافته وتفننه بثقافة السينما المبتذلة في المسلسلات البحرينية والخليجية بما تتفنن فيه من إظهار مفاتنها (المرأة). ليس هذا هو الموضوع الذي نحتاجه مشروعاً منهجياً، عندما يُقدم عمل سينمائي فإنه يُحطِّم الأصنام السينمائية بأصالته الحضارية، يستطيع المخرج البحريني أن يتعلم من الإيراني شيئاً من نجاح استراتيجياته في العمل السينمائي أمام العالم بإظهار ثقافة بلده على حقيقتها، نعم بـ «ملاحة القرى» و«بهدلة الطُرقات» و«رثة الملابس»، نعم فكيف يستطيع أن يُظهر ثقافته الحقيقية (الإيراني)، بواقعية حياته في العمل السينمائي أيضاً في فيلم «العمامة» وبعنوان لا يحبه البعض تقرباً من السينما الأجنبية في عدائها للمنهجية الفكرية العربية والإسلامية بجلها بل باستحقارها، فإذا أردنا أن نصل لما حققته السينما الإيرانية علينا أن ننطلق من واقعنا، بل ونتفنن في إظهاره بحقيقته، فما يُوجد لدينا من ثقافة ومنهجية ليست موجودة لدى العربي، ثم الأجنبي من العالم!

ما يجول في ذهني كمُشاهد لا كمُخرج لماذا لا نُظهِر حقيقة قُرانا ومُدننا... «لحظات وقفةٌ تمثيلية مُقارِبَة»... هُدوء... صحراء قاحلة... سوى عشش متفرقة هنا وهناك، ثم قليل من النخيل المتوزعة يمينا وشِمالاً، وفي إحدى العشش «العريش» امرأة خالدة النوم، تجاعيد وجهها تُشير إلى أنها في حلم، نعم حلم، ويبدو عليه غريباً، بل مزعجاً، لحظات حتى تمسك يد زوجها وكأنّها ضغطة الميّت عند نزع روحه تصرخ مستيقظَةً من النوم، ما هذا؟ ما الذي رأيته؟ تساؤلات تلك المرأة التي نحن فيها الآن بني جمرة، قبل حوالي خمسة آلاف سنة، تقرر الذهاب لمفسّر الأحلام الذي يُخبرها بأن الجمرات الثلاث التي رأتها في الحلم «إنجابها ثلاثة أبناء واحد منهم في البحرين والثاني في اليمن والثالث إيران»! من عُمق تأريخ القُرى فلتخرُج الإنتاجات السينمائية مُظهِرَةً أصالة حياتها، ثقافتها، تاريخها. ثم إن المشاهد الأجنبي قبل العربي والمحلي لاشك أنه سيلتفت إلى مخرجات أرضنا ليستنهض من نفسه حرباً تنافسية كما يفعلها ضد السينما الإسلامية في إيران.

مهدي عبدالأمير

العدد 2813 - الأربعاء 19 مايو 2010م الموافق 05 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً