العدد 825 - الأربعاء 08 ديسمبر 2004م الموافق 25 شوال 1425هـ

دور الأسماء في العلاقة الزوجية

«والأذن تعشق قبل العين أحياناً»...

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

تلقيت كثيرا من الرسائل من قبل بعض الأسر أزواجاً وزوجات تلح على عودة المقالات الأسرية التي كنت أكتبها كل جمعة... أشكرهم على هذا الشعور وبدوري أحاول ان أخصص يوم الخميس يوماً للقضايا الأسرية والمجتمع، الا اذا طرأ طارئ هنا أو هناك.

المرأة جمال هذا الكون، تضفي على الحياة حيوية ونشاطاً ولا شك ان الزوجة تحب ان يناديها الزوج بأحلى الاسماء القريبة من قلبها. بعض معاشر الرجال يجرحون زوجاتهم بالأسماء المقززة والمنفرة حتى وهم في حال استرخاء نفسي! لاشك ان طبيعة وظيفة الزوج لها انعكاس حتى على العلاقة الزوجية، وتفرض نفسها على كلمات الزوج... كيف ينادي محبوبته، فالشاعر يغرقها بالخيال والصور والتاجر بالألماس والذهب والبستاني بالزهور وهكذا. ولذلك انعكاسه حتى على مناداة الزوجة، فالمصور يناديها قائلا: يا صورة الملائكة والتاجر: يا كنز آمالي، والموسيقي: يا بلبل الفردوس، والصائغ: يا حلية النساء، والطبيب: يا دواء القلوب، والصيدلي: يا بلسم الفؤاد، والفلكي: يا شمس صباي، والبستاني: يا زهرة العالم، والجندي: يا ذات اللحاظ الفاتكة وهكذا.

طبعا ذلك لمن يمتلكون عاطفة جياشة ويحملون ذوقا جميلا امام زوجاتهم، ولكن لو انغمسنا في مجتمعنا لا شك اننا سنرى ازواجا لا يفهمون في العاطفة ولا يتقنون اختيار الاسم، على رغم أن للاسم موسيقى خاصة جذابة ولها وقع كبير على قلب الزوجة. حتى اذا جاءوا يعبرون عن شعورهم يفتقدون الاسلوب وحسن اختيار الالفاظ. ولا شك ان للثقافة وللتعلم والتدرب دورا في ذلك، فالزوج الذي يحب الطعام سيناديها يا «مجبوستي» وخصوصا معاشر الرجال الذين تنطبق عليهم تلك القاعدة «إن المعدة أقرب طريق الى قلب الرجل».

البعض يقول: المرأة لا تستحق كل هذا الدلال فمن المستحيل ان تلتقي المرأة مع أشياء كثيرة، فهناك مضادات لا تتفق مع المرأة، منها على سبيل المثال: الحماة، السر، الصمت، الضرة، القناعة، اهل الزوج، الصدق، الهدوء، العقل، المال، وهكذا. لكني أرى ان ذلك ليس واقعيا، وهي ثقافة تولدت عبر تربية خاطئة جعلتنا ننظر الى المرأة برؤية دونية.

أعود فأقول: لعل هناك ازواجا لا يجيدون انتقاء الكلمات، والحل هو التمرين والمحاولة حتى تتحول الى عادة ومن ثم الى ملكة. مشكلة الأزواج انهم لا يحاولون، ما يؤدي الى الاهمال ومن ثم انعدام الكلمات. بعض الزوجات يأملن في كلمة رقيقة من الزوج، فتلاحظهن يحاولن انتزاعها انتزاعا. وأحيانا ابنة حواء تحاول جاهدة ان تقنع نفسها حتى بالكلمة التي يلقيها الزوج عفويا فتخرجها من سياقها تريد ان تقنع نفسها انه قال لها ما كان في خاطرها... هكذا يعشن بعض الزوجات.

بعض الأزواج يريد ان يستحوذ على كل شيء وان تلبى له كل المطالب لكنه بخيل في مواقفه وعاطفته. الحياة قائمة على العطاء والاخذ والتضحية، إذ حتى معاشر الرجال يبحثون عن دلال الزوجة لهم وان لم يقولوها وان حاولوا ان يظهروا أنفسهم «عنترة زمانهم». هناك مقولة تقول: «ان الرجل طفل آخر في البيت». هذا ليس عيباً، بل يجب ان يكون الأهم في الأطفال لهذا على الزوجة ان تمطره بالدلال والدلع. طبعا الدلال الزائد كما الناقص، والمرأة التي تبالغ في دلال زوجها من دون ان يبادر هو الآخر ولو بنصف الدلال يخرب الزوج ويقوده الى الدكتاتورية. وكل انسان يحب ان ينادى بالاسماء التي يحبها... ما الذي تخسره المرأة لو بحثت وجلست مع نفسها وفكرت ولو لعشر دقائق عن الاسماء التي يحب الزوج ان ينادى بها؟ «هلا بشيخ المشايخ، هلا بالنوخذة، هلا بشيخ الرجال»... كلمات صغيرة لكنها تترك أثرا كبيرا في قلب الرجل، ولكل رجل بحسب ميولاته أسماء يحب ان ينادى بها. لا شك ان لكل زوج وزوجة مفاتيح خاصة لشخصيتهما اذا عرفها الزوج او الزوجة سيعرفان كيف يصلان الى الاستقرار.

اعتقد ان مجتمعنا البحريني مازال يفتقد الى الرومانسية في العلاقة الزوجية... الشكاوى من نضوب العاطفة في ازدياد وكلا الجانبين يرشقان بعضهما ويتهمان الآخر، لكني أؤمن ان هناك فسحة أمل للتوفيق. أوصي الأزواج والزوجات - وخصوصا البحرينيين - بقراءة كتاب من اروع ما قرأت في الحياة الزوجية للكاتب جون غراي، وهو من أكثر الكتب مبيعا في العالم، يحاول فيه الكاتب أن يؤسس إلى طرق تقرب وجهات النظر المشاكسة بين الزوجين، اسمه «الرجال من المريخ، النساء من الزهرة». دعونا ننادي بعضنا بأفضل الأسماء التي نحب.

فالشاعر يقول: «والأذن تعشق قبل العين أحياناً»

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 825 - الأربعاء 08 ديسمبر 2004م الموافق 25 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً