العدد 828 - السبت 11 ديسمبر 2004م الموافق 28 شوال 1425هـ

علاوي في خطر دائم

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

حياة رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي في خطر دائم. وتجلت هذه الحقيقة خلال زيارته الأخيرة لبرلين الأسبوع الماضي، حين كشف النقاب عن محاولة اغتيال ضده كانت بصدد التنفيذ لولا تدخل أجهزة الأمن الألمانية في آخر لحظة، وقامت باعتقال ثلاثة عراقيين ولبناني. في الغضون تم الإفراج عن اللبناني لعدم ثبوت أدلة ضده، بينما لم يعترف أي من العراقيين الثلاثة بالتهمة التي وجهت إليهم وهي محاولة اغتيال علاوي بواسطة تفجير سيارة مفخخة عند مرور موكبه أو رميه بزجاجة مولوتوف خلال مشاركته في اجتماع بمقر دويتشه بنك مع ممثلي الاقتصاد الألماني أو مع الجالية العراقية في الخارج. وتم إلغاء لقاء علاوي مع ممثلي الاقتصاد الألماني ومع الجالية العراقية، لكن علاوي حرص على عدم إلغاء جلسة مع الصحافيين دعت إليها محطة صوت ألمانيا «دويتشه فيلله» في مقر علاوي بمنزل الضيافة الخاص بوزارة الخارجية الألمانية في حي برلين/ داليم الراقي.

أمام باب منزل الضيافة اصطف الصحافيون بانتظار الخضوع لتفتيش دقيق. من كان يرغب في حضور اللقاء وسماع ما يريد رئيس الوزراء العراقي أن يقوله، كان عليه أن يأتي إلى المكان من دون آلة تسجيل ومن دون كاميرا ومن دون ميكروفون ومن دون قلم. كل شيء تم التحقق من أنه لا يحتوي على سلاح قاتل فالرجل مهدد. طيلة إقامته في برلين تحولت العاصمة الألمانية إلى ثكنة عسكرية وفي الحي الحكومي شعرت القطط بزيارة علاوي واختفت في الحدائق المجاورة. تحقيقات المدعي العام الفيدرالي لم تكشف عن دليل قاطع حتى الآن، لكن هناك قناعة عند خبراء الأمن الألمان أن العراقيين الثلاثة قرروا بصورة عفوية الاعتداء على علاوي.

قال علاوي بعد أن انزوى وكان قبل ذلك قد ألقى نظرة على الصحافيين الذين استجابوا لدعوة «دويتشه فيلله» وتفحص بوجوه العرب بالذات: ليست هذه أول مرة أشعر أن حياتي مهددة فقد عشت تجارب سابقة. وأضاف رئيس الحكومة العراقية المؤقتة: لكن هذه التهديدات لا ترهبنا وسنواصل المسيرة. وقال علاوي إن عملاء نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين حاولوا قتله في العام 1978 حين داهموا مسكنه بمدينة لندن التي لجأ إليها بعد خلافه مع صدام وأرادوا قتله خلال النوم. نجا علاوي من الموت على رغم تعرضه لجروح بليغة لأن والد زوجته سارع لنجدته. يوم الجمعة الماضي كانت حياته على ما يبدو مهددة بالخطر مرة جديدة، لكن خصومه هذه المرة ليسوا عملاء صدام حسين وإنما أعضاء جماعة إسلامية تطلق على نفسها اسم أنصار الإسلام التي تسعى منذ وقت إلى القضاء على علاوي الذي قال: سيختفي هذا الخطر وسيخسر الإرهابيون في النهاية.

راح علاوي يتحدث بصوت منخفض وهادئ وبلغة إنجليزية خالية من الأخطاء. في بداية الجلسة فقط بدت عليه العصبية حين راح ينظر في وجوه الحاضرين. بعد وقت قصير بدا مرتاحا وانحنى تارة يتحدث عن الوضع في بلده محاولا رسم صورة إيجابية تكذبها الأنباء اليومية التي ترد على مدار الساعة من العراق ترافقها صور الموت والدمار وكل ما يؤكد أن العراق ليس مستقرا. أحيانا ضحك علاوي البالغ 59 عاما من العمر ربما بغرض نشر جو ودي والإيحاء للصحافيين بأنه يعرف المرح أيضا ولا يريد أن يضع قناع حاكم مستبد وأن يقارنه أحد بصدام حسين.

سبب قناعة علاوي بأن من يصفهم بالإرهابيين سيخسرون في النهاية، نتائج معركة الفلوجة. إنه الاسم الذي يردده علاوي منذ نهاية المعركة التي أسفرت عن سقوط عدد كبير من المقاتلين المعارضين للحكومة التي شكلتها الإدارة الأميركية في بغداد. وقال علاوي معقبا على المعركة إن نتائجها ساعدت في تغيير الموازين داخل العراق. وقد خسر(الإرهابيون) على حد قوله الكثير من الرؤوس المهمة في المعركة التي تمت بأمر من رئيس الوزراء العراقي المؤقت وشاركت فيها جنبا إلى جنب القوات الأميركية وقوات الجيش العراقي الجديد.

قال علاوي وهو لا يخفي افتخاره بمعركة الفلوجة: لقد كسرنا رقاب الإرهابيين وجعلناهم يشعرون بأننا قادرون على محاسبتهم وإنزال العقاب بهم أينما كانوا. وأبلغ علاوي الصحافيين أنه زار مدينة الفلوجة بعد توقف العمليات العسكرية وحصل على فرصة مشاهدة صور ووثائق وبيانات على الكمبيوتر توثق ما وصفه بالجرائم المرعبة التي قام بها الإسلاميون ومن ضمنها عمليات قطع الرأس البشعة والاغتيالات المروعة. وأشار علاوي إلى أن الحكومة العراقية المؤقتة عازمة على إصدار كتاب خاص عن هذه الجرائم ليكون وثيقة تشهد ضد الإرهابيين، وقال: إن أعمال العنف التي قاموا بها لا تنم عن أنها من فعل بشر بل من فعل شياطين إذ إن حيوانات شرسة لا تقوم بمثل هذه الجرائم.

رئيس وزراء الحكومة العراقية المؤقتة واثق أنه سيكسب هذه المعركة. ووفقا لأقواله فإن 80 في المئة من مساحة العراق تخضع لسيطرة حكومته ويعيش الناس فيها حياة عادية. رفض علاوي فكرة تأجيل الانتخابات المقررة بتاريخ 30 يناير/ كانون الثاني المقبل وقال إنه يعتبرها خطوة جديدة تسهم في عودة الحياة الطبيعية للعراق. للمرة الأولى في تاريخ بلدهم سيتوجه العراقيون إلى مراكز الاقتراع للتعبير عن رغبتهم بمن يحكمهم وذلك بمطلق الحرية. وسيحصل 275 من المترشحين في هذه الانتخابات على مقاعد في المجلس الوطني الذي سيقوم باختيار رئيس وأعضاء الحكومة الجديدة. وقال علاوي إنه لا يريد حتى مجرد التفكير بتأجيل موعد الانتخابات على رغم أن الكثير من الأحزاب العراقية تطالب بتأجيلها. مضى رئيس الوزراء العراقي المؤقت يقول: الأمر المهم أن يجري ضم جميع الجماعات الكبيرة للعملية السياسية ونحن لا نريد عزل أحد. وقال: حتى أنه بوسع مقتدى الصدر الزعيم الشيعي الشاب الذي يحرض ضد الولايات المتحدة باستمرار المشاركة في الانتخابات إذا رغب في ذلك، لكن المهم أيضا أن العراق لا يريد صداماً آخر وليس لدينا رغبة في الحصول على دكتاتور جديد. يأمل علاوي ألا تؤثر التوترات الدينية على الانتخابات فالناس في العراق - كما قال - ملوا من الحديث عن وجود نزاع بين الشيعة والسنة في العراق. وقال إنه يتمنى أن ينتخب العراقيون ممثليهم بغض النظر عن انتمائهم الديني. حالما تنتهي الانتخابات سيصار إلى وضع قانون أساسي جديد في إطار عملية تسهم في دفع عملية إعادة التعمير. ويعول علاوي كثيرا بالخصوص على نادي باريس الذي تنضوي تحت مظلته الدول المدينة للعراق والتي طلب علاوي منها إعفاء بلده من الديون التي ترتبت عليه في عهد صدام حسين. وقال إن مثل هذه الخطوة ستساعد العراق في معركة بناء اقتصاد حيوي.

وقال علاوي إنه واثق أن قوات الاحتلال ستغادر أراضي العراق في وقت ما في المستقبل، وزعم أن العراق اليوم بلد مستقل، لكن المشكلة الوحيدة أن جيشه غير قادر على حماية أراضيه، لكن سرعان ما يصبح الجيش العراقي الجديد جاهزا سنطلب من القوات الأجنبية مغادرة بلدنا. ثم ضحك علاوي ضحكة خبيثة ولم نعرف إذا كان يضحك علينا أم على نفسه

العدد 828 - السبت 11 ديسمبر 2004م الموافق 28 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً