العدد 829 - الأحد 12 ديسمبر 2004م الموافق 29 شوال 1425هـ

تسوّد الأيام ونحن «محلك سر»

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

تكرار «23 أغسطس/ آب» وارد... والإنتاج من الكهرباء سيكون كافياً لاستيعاب المشروعات الاستثمارية والإسكانية الضخمة التي يجري إنشاؤها حالياً وتلك التي ستنشأ مستقبلاً، إلا أن عدم وجود شبكات نقل ستوقع بعضاً من هذه المشروعات في تأخير غير مبرر، وخسائر المستثمرين جراء هذا التأخير تقدر بـ 10 و15 في المئة من الاستثمار... ذلك كان مفاد خبر نشر في صحيفة «الوسط» يوم الخميس الماضي... والسؤال الذي لا أظنه بارح أذهان المواطنين وخصوصاً أولئك الذين ذاقوا مرارة يوم الاثنين الأسود أشد من غيرهم: إلى متى سنكون الضحية؟!

فالمصادر رجحت إمكان تكرار ذلك اليوم الأسود في الصيف المقبل، وذلك لغياب التنسيق بين وزارتي المالية والاقتصاد الوطني والوزارة المعنية... التنسيق المفتقد في كل أمور حياتنا والذي ندفع ثمنه عادة من وقتنا وصحتنا وحتى أرواحنا... التنسيق الذي ليس لنا يد فيه وإنما مسئوليته تقع على عاتق أناس هم أرفع منا درجات ومن المفترض أن يكونوا أكثر منا خبرة وعلى دراية تامة بأمور الإدارة والتخطيط، وبالتالي التنفيذ الذي غالبا ما يبقى كترانيم تطرب لها الآذان من دون أن تراها العين، أو يبدأ بتخطي خطواته الأولى ثم تكل رجله فيتوقف، أو يتم تنفيذه ثم سرعان ما نكتشف عيوبه التي قد تطغى على إيجابياته وفق دراسة تأخذ من وقتنا الكثير الكثير فنعود لنبكي على اللبن المسكوب ونقول: يا ليت الذي كان ما كان!

أزمة عشناها وذقنا الويلات فيها، وكل أدلى بدلوه... أزمة كشفت عن استعدادنا المخزي لمواجهة حالات الطوارئ... الكل خسر وبمختلف المستويات... وعلى رغم ذلك رضينا بالمقسوم وقلنا: «أزمة وتعدي» و«أمر وارد حدوثه في أعرق الدول» وما علينا إلا أخذ العبرة فنستفيد من الدرس الذي تلقيناه على «قفانا»، ولتجنب تكرار الأزمة ما علينا إلا الوقوف على الأسباب التي أدت إلى وقوع هذه «البلوى» لتدارك الخطر قبل حدوثه مرة أخرى فلا يعد هناك مجال للرأفة والرحمة!

واليوم، نسمع بإمكان تكرار ذلك اليوم... فنكتشف كم نستفيد من أخطائنا... وكم هي خبرتنا التي اكتسبناها من تجربة أطفأت النور في أعيننا يوماً كاملاً وسلخت جلودنا بحرارة جو «أغسطسي» ليس له مثيل وجعلتنا نهرول إلى أي ملجأ أمامنا نتمسح بالجدران المشبعة ببرودة المكيفات قبل أن تطفأ!

نحن الآن على أعتاب الشهر الثالث من فلول تلك الأزمة ونتساءل: ما الجديد الذي أعددناه لتجنب ما حصل وكان؟ وما الخطط التي وضعناها لتحفظ لنا ماء الوجه فلا نعاود السقوط إلى الدرك الأسفل ونحن ما فتئنا نتظاهر بالسمو والعلو؟... للأسف فما ورد لا يبشر بخير أبداً، وإن كنا غفرنا الخطأ الأول فهل يمكننا ذلك مع تكرار الخطأ وربما بخسائر أفظع وأكبر مما خسرنا في المرة السابقة؟ وهؤلاء المستثمرون هل سيبقون هكذا مكتوفي الأيدي بانتظار مصيرهم المجهول فإما تكذب التوقعات ويربحون أو تصدق فيخسرون؟! ونحن، هل سنستمر هكذا في حياتنا ونحن واضعين أيدينا على قلوبنا ونتوسل الله أن ينجينا من كرب كاد أن يودي بحياتنا في المرة السابقة لولا لطفه ورحمته فنأمل أن ينجينا منه أبد الدهر؟!

الشتاء أشهر معدودة وتنقضي، والصيف مقبل لا محالة وبرفة عين... ومازلنا نحسب ونقدر ونتوقع... وكل حساباتنا وتوقعاتنا لا تبشر إلا بسوء... وعند هذا السوء نتوقف وننتظر المصير! ولا عجب، فهكذا حالنا نحن العرب أجمعين... نشجب، نستنكر، نتظاهر ونزعق... وعند الحلول نبقى «محلك سر» فاستعدوا لأيام سوداء بشرتم بقدومها مسبقاً ولا تترقبوا بياضها، إلا من رب العالمين

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 829 - الأحد 12 ديسمبر 2004م الموافق 29 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً