العدد 836 - الأحد 19 ديسمبر 2004م الموافق 07 ذي القعدة 1425هـ

مجلس التعاون لدول الخليج العربية

تأسس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مايو / ايار بعد عامين من انتصار الثورة الاسلامية وبعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات من العام حتى العام .

اجتمع قادة الامارات والبحرين والسعودية وعمان وقطر والكويت واتفقوا على «صيغة تعاونية» لتحقيق «التنسيق والتكامل والترابط» في جميع الميادين «وصولاً الى وحدتها»، وفق ما نص عليه النظام الاساسي للمجلس في مادته الرابعة، التي اكدت ايضاً «تعميق وتوثيق الروابط والصلات واوجه التعاون بين مواطني دول المجلس».

النظام الاساسي يتحدث عن «علاقات خاصة» بين الدول الست، و«سمات مشتركة»، و«انظمة متشابهة أساسها العقيدة الاسلامية ، وايمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف»، وجميعها مبادئ سامية يتفق الجميع عليها لما يميز دول مجلس التعاون من عمق للروابط الدينية والثقافية والتمازج الاسري بين مواطنيها.

تكون المجلس وأعلن أهدافاً كبرى تحدث عنها كثيراً، وأعلن خلال أكثر من عقدين الاتفاقات المختلفة... الاتفاق الأمني، الاتفاق العسكري والاتفاق الاقتصادي. هذه الاتفاقات انتهت الى الصفر مع كل أزمة واجهتها الدول الخليجية، وأنجح ما كان لدى المجلس هو الاتفاقات الأمنية الثنائية، وليس الاتفاق الأمني الموحد. اما الاتفاقات العسكرية فكانت أقل نجاحاً، وبقي الاتفاق الاقتصادي الذي وقع العام من دون تطبيق حتى تمت إعادة صوغه في .

ومنذ مطلع العام الجاري، أعلن مجلس التعاون أن هدف جميع دول المجلس هو إقامة «سوق خليجية مشتركة» بحلول العام وتوحيد العملة الخليجية مع العام ، ذلك أن الاتفاق الاقتصادي الجديد يتضمن تطويراً شاملاً للاتفاق الاقتصادي الذي تم توقيعه في ، والذي من خلاله تستهدف دول المجلس إرساء قواعد العلاقات الاقتصادية بين الدول الأعضاء وأُنشئت بموجبه منطقة التجارة الحرة لدول مجلس التعاون.

الاتفاق الجديد يهدف إذن الى تنمية وتدعيم للروابط الاقتصادية فيما بين دول المجلس، وتقريب سياساتها الاقتصادية، المالية والنقدية وتشريعاتها التجارية، الصناعية والأنظمة الجمركية المطبقة فيها، وهي أهداف سامية كان على المجلس أن يباشر العمل فيها منذ أول يوم تأسس فيه.

يتضمن الاتفاق الجديد نصوصاً جديدة أو مطورة مثل الأحكام المتعلقة بالاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة، والاتحاد الاقتصادي والنقدي، كما يخصص الاتفاق فصلاً مستقلاً عن التكامل الإنمائي بين دول المجلس وتنمية الموارد البشرية والتعاون في مجالات البحث العلمي، التقني، النقل، الاتصالات والبنية الأساسية.

الاتفاق الجديد يحث على التعاون والتنسيق والتكامل الاقتصادي بين دول المجلس من خلال تبني برامج محددة وآليات قابلة للتنفيذ، على أن تقوم اللجان العاملة في إطار المجلس والأمانة العامة بمتابعة التنفيذ ضمن برامج عمل محددة للمتابعة وتسوية الخلافات التي قد تنشأ عن تطبيق أحكامها.

إن أهل الخليج يسمعون كل هذه التصريحات وهم مازالوا يأملون في يوم من الأيام أن يطلق على الخليجي «المواطن الخليجي»، وعلى العملة النقدية، ربما، «الدينار الخليجي»، وان يتنقل المواطن الخليجي بين كل دول الخليج من دون جواز، وأن يستطيع العمل ونقل الأموال والتنافس بشكل مناسب من دون قيود، تماماً كما هو الحال بين دول الاتحاد الأوروبي. غير أن الواقع مازال مؤلماً في هذا المجال، لأن الدول الخليجية مازالت أبعد ما تكون عن التكامل الاقتصادي، وبدلاً من ذلك لدينا تنافس محموم ولدينا قوانين مجحفة هنا وهناك، وأسواق مازالت لم تفسح المجال لأبجديات السوق المشتركة التي ابتدعتها أوروبا منذ الخمسينات من القرن الماضي.

لاشك أن المعوقات كبيرة، ولكن الأهم من كل ذلك الإرادة التي يجب أن تكون أكبر من كل العقبات، وأن هذه الإرادة ينبغي أن تعتمد على الإرادة الشعبية، وهي أوامر مازالت غائبة عن مجلس التعاون بعد أكثر من عقدين، ولا نعلم الى متى ستغيب؟

النظام الاساسي للمجلس يتحدث عن «المصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها»، ويتحدث عن «الرغبة في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين»، ويتحدث عن «هيئة تسوية المنازعات»، والتصريحات الأخيرة الصادرة عن الامانة العامة للمجلس بدأت تتحدث كثيرا عن «المواطن الخليجي» ولكن لحد الآن لم يتحرك المجلس لاشراك المواطنين في رسم سياسات المجلس على رغم كل رياح التغيير التي تجتاح العالم باتجاه مزيد من الديمقراطية. فالمصير المشترك هو مصير الحكام والشعوب وليس الحكام فقط، ووحدة الهدف ينبغي ان تكون وحدة للحكام والشعوب، والترابط والتكامل يعتمد اساسا على مواطني الخليج الذين من دون اشراكهم بصورة اساسية وجوهرية في اعمال المجلس لا يمكن تحقيق سوق مشتركة على غرار السوق الأوروبية التي تأسست وتعززت بالاعتماد على ارادة الشعوب الأوروبية.

منصور الجمري

العدد 836 - الأحد 19 ديسمبر 2004م الموافق 07 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً