العدد 841 - الجمعة 24 ديسمبر 2004م الموافق 12 ذي القعدة 1425هـ

كيف يكون توزيع الأدوار في المنزل إجبارياً أم اختيارياً؟

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

إذا أردنا من أبنائنا القيام بأدوارهم أو واجباتهم المنزلية كأفراد في الأسرة فإننا يجب أن نبتعد عن جعل الأدوار اختيارية وليست الزامية لأن الأبناء المراهقين عندما لا يشعرون أنهم ملزمون بأداء أدوراهم في البيت في وقت محدد فإنهم سيتهربون وسيؤخرون أداءها... وسيكون ذلك مصدراً للتوتر في نفوس آبائهم. كما أنهم للأسف لن يقوموا بواجبهم لا في الوقت المحدد ولا بعده... وهو الأسلوب المتساهل مع الأبناء عديم الفائدة في تربية حس المسئولية لديهم وهو عكس الأسلوب الحازم الديمقراطي. لنوضح الصورة أكثر: سأقوم باستعراض مثالين للشخصيتين وكيفية استجابتهما للأسلوب المتساهل والأسلوب الحازم... لنر الفرق الفعال في الإحساس بالمسئولية ليستفيد من تطبيقه الآباء في تربيتهم لأبنائهم سواء كانوا أطفالاً أو مراهقين. في كل يوم كان على سوزي البالغة من العمر 11 سنة أن تقوم بوضع الصحون في مكينة الغسيل قبل أن تذهب للعب مع صديقاتها... فهذا الواجب يعد واحداً من الواجبات الكثيرة في البيت كأحد أفراد الأسرة. سألتها أمها: «هل انتهيت من واجبك بالنسبة إلى وضع الصحون في مكينة الغسيل؟ إذا لم تفعلي أذهبي وقومي به قبل أن تذهبي للعب مع صديقاتك في الخارج». قالت سوزي لنفسها «لقد مسكتني أمي قبل أن أخرج... لو خرجت من قبل أن تراني لهربت من هذه المهمة». هذا ما فعلته سوزي في اليوم التالي... فقامت أمها بالعملية بدلاً منها مع عتابها فيما بعد. هل أثر العتاب في سوزي؟ ولن تتهرب من مسئوليتها فيما بعد... طبعاً لا... لأن أمها كانت تعتقد أن ما فعلته مع ابنتها من أن تأمرها بهذه المهمة... هي أمر الزامي بينما كانت الطريقة الصحيحة الفعالة أنها يجب ألا تقوم بعمل ابنتها بدلاً عنها ثم تعاتبها... وإنما تضع أمامها خيارين تلتزم بأحدهما... فتختار ما تريد إما أن تضع الصحون قبل الخروج في الغسالة أو بعد أن تعود... ثم توضح لها ما تتوقعه منها وهو أن تقوم بواجبها في الوقت الذي اختارته... وتبين لها نتيجة عدم التزامها بحرمانها من اللعب في ذلك اليوم مع صديقاتها (العواقب المنطقية للتصرفات السلبية) بعد انتهاء واجباتها أو عدم مشاهدة التلفزيون في تلك الليلة... أما إذا قامت به فإنها تمتدحها وتقول لها إنها فخورة بأن لديها ابنة تدرك مسئولياتها وتقوم بها بنفسها... وهو ما نسميه الأسلوب الحازم الديمقراطي في تربية الأبناء وهو أفضلها. لنأت بمثال آخر يدور حول طلال الشاب البالغ من العمر 16 سنة... الذي طلب منه والده أن يهتم بحديقة البيت طوال فترة عدم حصولهم على مزارع... وكان المطلوب منه أن يقوم بتشذيب الأشجار وسقاية المزروعات... ولم يكن ذلك يأخذ من وقته أكثر من ساعة ونصف الساعة... ولا يقوم به إلا آخر يومي الإجازة الأسبوعية كما حدد له والده. فهل اعتبر طلال هذا الأمر الزامياً لو لم يعاقبه والده إذا لم يقم به... في البداية قام به على سبيل التسلية... لكنه بعد عدة مرات... أصابه الملل فأخذ يتهرب... في ذلك الأسبوع طلب منه والده القيام بمهمته قبل أن يذهب مع أصدقائه... لكن طلال توسل لوالده «أبي... أعدك أني سأقوم به غداً لأني سأذهب مع صديقي إلى مباراة لكرة السلة... فقد اشترى أمس والد صديقي التذاكر لنا» قال والده: «تستطيع أن تقوم بعمل جزء من مهمتك قبل أن تذهب لمباراة كرة السلة» أجاب طلال متعللاً «أبي غداً إجازة... ولا أريد أن أصحو مبكراً... أعدك أني سأقوم به بعد عودتي قبل أن يحل الظلام»وافق والده على أمل أن يقوم ابنه بما وعد به... لكن طلال لم يعد إلا بعد أن حل الليل... عاتبه والده ووعده ابنه أنه سيقوم بواجبه المطلوب يوم الجمعة صباحاً... وطبعاً نام طلال إلى الساعة الحادية عشرة صباحاً... وعندما نهض وأكل إفطاره... وأراد أن يبدأ بمهمته... فوجئ بصديقه قادماً يطلب منه الذهاب معه إلى «السيف مول» لشراء بعض القمصان التي وصلت حديثاً... توسل طلال إلى والده أن يذهب مع صديقه... وعندما يعود سيكمل المهمة. فهل صدق طلال في وعده لوالده؟ كلا... ولماذا يصدق وهو يرى أباً يفعل له ما يريد... على أمل أن يقوم بواجبه... والد متساهل في حدوده. وفي النهاية عاد طلال متأخراً واعتذر وأبدى سبباً لوالده الذي عاتبه قليلاً وطلب منه القيام بمهمته الأسبوع المقبل. لقد تعلم طلال أمراً واحداً من أبيه أن في إمكانه تأخير مهمته مادام يجد الحجج لتأخيرها ووالده يوافق عليها... صحيح أنه يشعر بالذنب قليلاً لأنه أحبط والده، لكنه أقنع نفسه أنه سرعان ما ينسى. الخطأ الذي ارتكبه والد طلال أنه لم يحدد اليوم المطلوب من طلال أن يهتم بالحديقة وإنما ترك الوقت عائماً في عطلة نهاية الأسبوع وهي يومان، فأي يوم على ابنه القيام بمهمته؟ أما الخطأ الثاني فإنه لم يحدد العبارات الواضحة التي تبين ماذا يتوقع من ابنه القيام به مثل أن يقول «طلال. الحديقة بحاجه إلى العناية... والمزارع خرج منذ فترة... مطلوب منك أن تهتم بها مرة في الأسبوع هو يوم الخميس هل هذا الأمر واضح لك؟» إذا قال الابن «نعم» عندها يسأله والده: «أنا أترك لك الخيار بين يوم الخميس أو الجمعة أيهما تختار؟» إذا أجاب طلال «الجمعة» فإن معنى هذا أن يوم الجمعة لا ينتهي إلا وطلال قد قام بواجبه أي أنه لن يذهب مع أصدقائه أو يتسلى بأي شيء إلا إذا قام بهذا الواجب الذي اختار الوقت الذي سيقوم خلاله... وبأسلوب جيد لا أن يقوم بكل عمله أو لا يحسن عمل مهمته... ويذهب سريعاً إلى أصدقائه... لأن أداء المسئولية يجب أن يكون باخلاص وإتقان

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 841 - الجمعة 24 ديسمبر 2004م الموافق 12 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً