العدد 2821 - الخميس 27 مايو 2010م الموافق 13 جمادى الآخرة 1431هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

الحشاشون الجدد

منذ أن كنت طفلة صغيرة، تعودت على التسلل إلى غرفة أبي والعبث في كتبه، وتصفحها، والحمد لله أني كنت من المتسللين، لأنه وقع في يدي كتاب شدني عنوانه، فمنذ عشر سنوات تقريباً وأنا أحتفظ بهذا الكتاب، وردي اللون في غلافه، غريب عنوانه، دموي ومرعب في محتواه، أوراقه صفراء مهترئة، ويا للعجب هذا الزمان، لأن التاريخ يعيد نفسه، ربما بعضكم قرأ هذا الكتاب، أو حتى عرف مضمونه، ولكنه كتاب قيم وثمين، والسبب الذي جعلني أكتب عن هذا الكتاب هو ما يحدث الآن من قتل سياسي طائفي باسم الدين، والمقصود هنا تنظيم القاعدة وحركة طالبان، فمن قرأ كتاب «الحشاشون» يعرف ماذا أقصد، ومن لم يقرأ هذا الكتاب سيعرف جزء بسيط من خلال بحثي المتواضع وسيعرف إلى ماذا أرمي من كلماتي هذه، فكتاب «الحشاشون» صدر العام 1980 من دار المشرق العربي الكبير في بيروت، تأليف المستشرق برنارد لويس وتعريب محمد العزب موسى، وهو يحكي قصة فئة مأجورة مختصة بالقتل السياسي يطلق عليهم لقب «الحشاشون»، عاشوا في الفترة ما بين القرن الثامن إلى القرن الرابع عشر الميلادي وكانت معاقلهم في بلاد فارس وبلاد الشام، ومقرهم الرئيسي كان في قلعة الموت في إيران، وكانت نهايتهم على يد القائد المغولي هولاكو.

فمن هم «الحشاشون»، ولماذا يطلق عليهم هذا اللقب، وما وجه الشبه بينهم وبين تنظيم «القاعدة» الآن؟ أسئلة دارت في رأسي، وربطت الخيوط المرعبة بعضهم ببعض، وزادت عندي رقعة البحث، فأنا بطبيعتي، لا تهدأ أسئلتي إلا عندما أستوفي وأستجمع جميع المعلومات، وفعلاً بحثت، فعرفت أن «الحشاشون» هم مجموعة ظهرت بعد المعركة التي قلبت وجه التاريخ، المعركة التي صداها يردد إلى يوم القيامة، وهي واقعة كربلاء الأليمة، فبعد مقتل الإمام الحسين (ع) وجميع أهل بيته، ثار الثائرون على الحكم الأموي، وتوالت الانتفاضات والاحتجاجات المنددة بذلك الحكم الجائر، الذي اغتصب الخلافة غصباً من آل بيت الرسالة وأسال الدماء الطاهرات على أرض الكرب والبلاء، فبعد المقولة المشهورة لمعاوية ابن أبي سفيان التي كانت البداية في توريث الحكم عندما قال: ( اللهم اجعل الأمر أمر جاهلية، واجعل الحكم حكم غاصبيه، واجعل الأوتاد في الأرض لبني أمية)، نعم وكان ذلك، ولكنه كان حكم مؤقتاً فقط، فبعد اليوم الدامي في العاشر من محرم الحرام سنة 61 هـ ثار الثائرون بعد أن كانوا من المتخاذلين، فقد قتل جميع من كان متواجد من أهل البيت مع الإمام الحسين (ع) إلا الإمام المريض وهو الإمام السجاد (ع) بإرادة رب العالمين وببسالة عمته زينب (ع)، لبؤة علي بن أبي طالب (ع)، فقد حفظ نسل النبوة في ذلك اليوم، وامتدت شجرة الإمامة إلى أن وصلت إلى الإمام السادس وهو الإمام جعفر الصادق (ع)، فمن هنا بدأ الانشقاق، فبعد موت الإمام الصادق، إذ رأى فريق من جمهور الشيعة أن الإمامة يجب أن تكون في حق ابنه الأكبر الذي أوصى له (إسماعيل المبارك)، بينما رأى فريق آخر أن الإمامة يجب أن تكون في أخوه الإمام موسى الكاظم عليه السلام لثبوت موت إسماعيل في حياة أبيه وشهادة الناس لذلك.

فظهرت فرقة الإسماعيلية، وهي فرقة مشتقة عن المذهب الشيعي الاثني عشري، إذ يتكون عدد الأئمة عند الإسماعيلية سبعة فقط نسبة إلى إسماعيل المبارك حيث كان ترتيبه السابع، وآخرهم المهدي (عجل)، فبدأت تحاك خيوط المكر السياسي وبدأت حالات الاغتيالات المبطنة، فكل من يخرج عن الملة الإسماعيلية، يجب تصفيته، وكل من يخرج عن أمر حكامهم يقتل، ولكن بيد من، الجواب بيد «الحشاشون» الذين أطلق عليهم هذا الاسم بسبب، تخدير أدمغتهم وعقولهم، فقد كان يزرع الأفيون والحشيش المخدر ويعطى لهذه الفرقة، فبعد التخدير والشلل الدماغي الذي يحدث لهم، يجلب لهم أجمل النساء، وتوصف لهم الجنة المزيفة، حيث أقاموا فعلاً بزرع أجمل البساتين الغناء، وجعلوا فيها أنهاراً من خمر ولبن وعسل، كما في وصف الجنة، وستكون الحور العين بانتظارهم حال تنفيذهم جريمة الاغتيال بالشخص المراد تصفيته! وفعلاً يخدر «الحشاشون» ويساقون إلى القتل بغية الدخول إلى الجنة الوهمية.

فقد عاث «الحشاشون» فساداً في الأرض، فأراقوا الدماء، وكان القتل الدموي هو هدفهم، فتاريخهم أسود حالك، كسواد نواياهم، لم يكن لهم صاحب، يخالطون الناس، يتسللون في دمائهم، يتنفسون من هوائهم، ولكن عندما يجنّ الليل، يخلعوا أقنعتهم، وتحشى أنوفهم وأفواههم بالأفيون والخشخاش، ويأتي هنا دور قائد الفرقة، فبعدما يسيطر على أدمغة «الحشاشون»، ينفث سمة لكي يطيعوه، يوهمهم ويحشّمهم بالفردوس والنعيم حتى يساقون إلى موتهم برغبة وعشق.

خلاصة بحثي هذا، ومعلوماتي المتواضعة، هو الربط الوثيق بين حشاشي القرن الثامن الميلادي وحشاشي القاعدة في القرن 21، لأن التاريخ يعد نفسه، الفرق الوحيد أن حشاشي زماننا، لا تملئ عقولهم بالخشخاش، ولكن تحشى بالدين المزيف، الدين الذي حاكوا نسيجه من أهوائهم، فحللوا الحرام وحرموا الحلال، وأصبح لهم أمراء وقادة، ومزقوا قلب الإسلام، وأصبحت رائحة الدم، أطيب لهم من ريح الجنة، فجنتهم لن يدخلوها إلا عندما تخضب لحاهم الماكرة، بقلوب مزقت، وأشلاء بعثرت.

أمل السيد عباس


سيدتي... شكراً

 

وجدت خمائلك الأروعا

وألفيت جنتك الأبدعا

ولما غشيت مقامك خلت

مقامك فردوسي الأوسعا

أماناً أحس به، وكياني

يصير بأفيائه وادعا

ولمّا أحط بهذا الضريح

طريقي يكون به مهيعا

ويغدو الرجاء به مستجابا

بك، إذ توسلت مستشفعا

أصير وجوداً له بالسماء

وشائج، لمّا لك نزعا

أصير كياناً له بالإله

صلاة، لأني بك مولعا

وتطهر روحي، ويسمو جناني

وثوبي يصير بك، أنصعا

فلا غرو ان جاءك مستغيث

ليسفح في قربك أدمعا

ولاغرو أن غدا نحوك خطواً

وخال خطاه لك الأسرعا

وأسعد بمن قد قضى منه وطراً

وأسعد بمن لهواك رعى

هواك الذي من أبينا نحلنا

وأكرم بأم له مرضعا

تجذر في روعنا، واستطالت

أفانينه في السماء، أينعا

به في الورى نتباهى، ويغدو

صغير لنا في الهوى يافعا

ونبغي به يوم حشر نعيماً

ونرجو به النار، أن تدفعا

معصومة المهدي


قيمة العمل في الإسلام

 

ونحن نحتفل باليوم العالمي للعمال والذي تتحد شعوب العالم قاطبة فيه بالخروج عبر مسيرات وإقامة احتفالات وندوات ومحاضرات وذلك لتبين ان العامل هو احد الركائز الأساسية التي تقوم عليها الحضارات وانه المساهم الأكبر في مسيرة التنمية الاقتصادية في الحضارة والبلد، وبالتالي من خلال الحدث العظيم الذي قام به رسولنا الكريم (ص) وهو انه في يوم من الأيام ومن اجل أن يلفت نظر المسلمين لأهمية العمل ومكانة العامل في الاسلام فانه قام بخطوة لم يسبقه احد إليها وذلك حسب المصادر التاريخية المتوافرة لدى المسلمين، حيث إنه عندما نظر إلى يد إنسان تورمت من العمل قبلها، وقال: «هذه يد يحبها الله ورسوله» يا لها من قبلة رصعتها شفاه أكرم الكائنات على تلك اليد الخشنة التي أخذ منها العمل مأخذاً، شفاه ليس فيها إلا الحق ولا تتحرك إلا لتسطيره وتأكيده. أي شرف هذا الذي ناله العامل، وأي رسالة يريد أن يوصلها سيد الكائنات من خلال ذلك؟ نجد الجواب عند احد علمائنا الذي تناول قصة تقبيل النبي الأكرم (ص) ليد أحد العمّال في بعض كلماته، حيث قال ما ورد عن الرسول الأكرم من أنه قبل يد العامل، أي تلك اليد التي أصبحت خشنة بسبب العمل، وهذه الحادثة تعكس مكان العامل على طول التاريخ، فالنبي الأكرم الذي هو أعظم إنسان كامل، وهو أول أفراد الإنسان، تواضع للعامل بهذا الشكل، وقبّل يده التي هي علامة للعمل، وقد قبّل باطن اليد لا ظهر اليد، وهذه ملاحظة مهمة إذ إن آثار العمل تظهر في باطن اليد، وإنه يريد من ذلك أن يبين قيمة العمل لبني الإنسان، ويقول للمسلمين إن قيمة العمل تتجلى هناك إذا عمل العامل، وقد ظهرت علامة بسبب العمل، وأنا أقبّل ذلك المكان لكي تدرك الشعوب الإسلامية والبشرية قيمة هذا العمل فالاسترخاء والقعود والتخمة ليست أخلاقاً إسلامية أو قدوة للمسلمين ينبغي تقليدها، بل الذي يستحق الاحترام وينبغي تسليط الضوء عليه وتوجيه الناس نحوه هو العمل والكد والتعب لتحقيق الأهداف (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) وغيرها من النصوص القرآنية التي تدعو إلى العمل والبناء بجميع أنواعه وأقسامه ضمن الأهداف والوسائل الشرعية التي تحقق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة. وفي الأحاديث الشريفة من أمسى كادا من عمل يده أمسى مغفورا له. وفي حديث آخر أن الله يحب العبد المؤمن المحترف. وأيضا ما أكل أحد طعاما قط خير من أن يأكل من عمل يده . وما تقوم به نقابة البحرين سنويا من خلال إقامة حفل مركزي تحت رعاية جلالة الملك من تكريم العمال فانه خطوة في الطريق الصحيح وان كنا مازلنا ننتظر المزيد من الخطوات التي تصب في صالح العمال من اجل حياة شريفة دائمة دون قلق وخوف من حالات التخصيص والاستقالات الإجبارية والتعسفية.

مجدي النشيط


عشوائية قانوني وقانون عشوائيتي!

 

قد تاه حلمي، ابتلعه افقي المتناقض، لم اهب لنجدته، لم انقذه من الوقوع في براثني، كنت اعلم ان ضياعي من ضياعه، كنت اعلم ذلك جيدا، انها عشوائيتي، هي من قتلته، عشوائية عالمي تضايقني، ويضايقني من يحاول ترتيب عشوائيتي، في عالمي لا وجود لرمز يعبر عن الضيق، قانون عشوائيتي يحظر رموز الضيق، من يصدق ان ابتسامتي اضحت مهربة للمحظور، لا يعجبني ان تكون ابتسامتي واجهة انيقة لعملية غسيل مشاعر مصدرها الضيق والتهكم والغضب، ولم يعد شيء يعجبني منذ ان تلاشى حلمي، اصبح لا يهم كم كنت احبني، ولا يهم ان كنت لم تفهمني.

زينب النعار


«جسر المحبة»

 

يتجدد الحديث على قيمة وكرامة المواطن البحريني أمام أي حدث يثير الكلام عن تلك الكرامة والعزة التي تنشدها كل شعوب العالم فما بالك بشعوب الخليج التي تدخل دوله وحكوماته ضمن قائمة أغنى دول وحكومات العالم العربي ؟!؟

نحن كبحرينيين نسعى لأن نكون كبقية شعوب دول مجلس التعاون الأخرى التي يضمنا وإياها الكثير من الروابط المشتركة بل والمصير الواحد الذي على أساسه يتم الحديث عن إصدار عملة موحدة وشبكة كهرباء مشتركة وسوق متحدة وشبكة طرق وغيرها من المشاريع التي ينتظرها الخليجي بفارغ الصبر والأمل، على رأس تلك المشاريع التي يترقبها الخليجي هو الجسر المزمع إنشاؤه بين قطر والبحرين وتمت تسميته باسم جسر المحبة.

وهو اسم يفترض أنه مشتق مما يربط شعوب وحكومات الخليج من حب ومودة وأهداف مشتركة، غير أننا لا نكاد نحلم برؤية تلك المشاريع حتى نستيقظ على مجريات تصدمنا بمحتواها وتثير فينا الكثير من التساؤلات؟

من تلك الحوادث ما جرى قبل أيام قليلة لأحد البحارة البحرينيين من قرية الدير الذي يقال إنه انتهك حدود قطر البحرية فتم رمية بالرصاص الحي ونالته رصاصة غادرة في ظهره وكادت تودي بحياته بسبب أنه انتهك حدود دولة، نفترض أنها جارة وشقيقة لنا، لست هنا أدافع أو أحث أو أؤيد خرق حدود أي كان ولكني هنا فقط أتساءل هل هذا هو التعامل الأمثل بل لا أنشد الأمثل بل التعامل الطبيعي والمقبول في مثل هذه الحوادث، ألا يوجد غير الرصاص للتعامل مع هؤلاء البحارة المسالمين والغير مسلحين بشيء من الأسلحة التي يمكن أن تطلق قذائف وحمم على البلد المخترق حدوده!

يزداد العجب والاستغراب عندما نتذكر بحار سترة الذي فقد حياته قبل سنتين تقريبا فى ظروف مشابهه ويبدو أن تلك الحادثة التي راح فيها مواطن بحريني لم تدعو المعنيين لمراجعة تلك السياسة القاتلة للمواطن البحريني؟

ما جرى من دعوة اختراق وانتهاك حدود قطر ليس شيئاً جديداً حتى يمكن أن نقول إن الجماعة اشتبهوا أو تفاجأوا بذلك الاختراق وظنوا أنهم يتعرضون لهجوم انتحاري أو توغل بحري من متربص ما ، ثم أن جميع بوانيش وقوارب البحارة البحرينيين عليها اسم ولوحة رسمية يمكن من خلالها التأكد من هوية ذلك القارب بكل يسر وسهولة وبطرق سريعة وسهلة وبسيطة؟ ماذا نسمي هذا الإصرار على مثل ذلك التعامل ؟

زكريا العشيري


الصناديق والمؤسسات الخيرية... كيف توجد الاستثمارات الثابتة؟

 

مما لا شك فيه أن العمل التطوعي بأنواعه المختلفة عمل نبيل بكل المقاييس الإنسانية والاجتماعية والعقلية، ومن يعمل فيه بإخلاص وتفان ويقصد فيه وجه الله تعالى، ينعته العقلاء ويقولون إنه نبيل في إنسانيته ونفسيته، ولا أحد من القريبين والمشتغلين في العمل التطوعي يجهل أن القلة في مجتمعنا هم الذين تسمح لهم ظروفهم وأوقاتهم ونفوسهم الانخراط في العمل التطوعي، ولا أحد من أولئك النفر يجهل أن العمل التطوعي فيه مصاعب جمة على مختلف المستويات الاجتماعية والنفسية، على رغم علمهم بتلك الصعوبات والمعوقات قبلوا العمل وتحملوا كل ما يأتيهم من وراء هذا العمل مادام في رضا الله تعالى، بقبولهم الاشتغال بالأعمال الخيرية والإنسانية يدل دلالة واضحة وجلية على رقي نفوسهم وسمو معنوياتهم، هؤلاء الذين يعملون لله وفي سبيل الله ومن أجل خدمة عباد الله لا من أجل مكانة اجتماعية ولا من أجل أن يمتدحوا في أوساط الناس ولا من أجل مآرب أخرى غير نبيلة، سينالون الجزاء الأوفر من رب العباد بلاشك ولا ريب، أما الذين يتعمدون تشويه مفهوم العمل التطوعي بكل الوسائل المتاحة لديهم حتى ولو كان أولئك يحسبون أنهم من المتطوعين في العمل الخيري مدة طويلة، فهؤلاء شربت قلوبهم ونفوسهم ضد كل عمل تطوعي ليس لهم يد في صياغته أو تنفيذه، فتراهم يغضبون ويتحسسون كثيرا إذا ما رأوا نجاحا تطوعيا في هذه المؤسسة أو تلك؛ لأنهم مع الأسف الشديد يعتبرون نجاح ذلك العمل فشلاً لهم ليس نجاحا للعمل التطوعي، على رغم أن تلك المؤسسات التطوعية تنظر للعمل في حال نجاحه نجاحاً لكل المجتمع بكل فئاته وأطيافه، أولئك الذين يزعجهم كثيرا نجاح هذا المشروع الخيري أو ذاك، تراهم يعترضون على كل عمل تقوم به هذه المؤسسة التطوعية أو تلك صغيرا كان أم كبيرا، ولا تراهم لا يشكرون ولا يمتدحون إلا العمل الذي يرون أنفسهم في أوله وفي أوسطه وفي آخره وفي كل جوانبه ومفاصله، فإذا المؤسسة التطوعية في منطقتهم أصدرت تقريرا لإيراداتها ومصروفاتها للمجتمع بصورة دورية وسنوية، من أجل أن يكون المجتمع على بيّنة واضحة بالأموال التي تبرعوا بها في هذا الاتجاه أو ذاك، تراهم يهبون شاهرين حرابهم لمحاربة هذا السلوك الطيب، ولا يهدأ لهم بال ولا يسكن روعهم إلا إذا ما أزيح ذلك التقرير المالي عن أعين الناس، وإذا ما سمعوا من المجتمع إشادة بذلك السلوك المنطقي، تراهم يبذلون جهودا كبيرة ويصرفون من أوقاتهم الشيء الكثير من أجل أن يقللوا من قيمة ذلك العمل الإيجابي في أعين الناس، وفي بعض الأحايين تراهم ينتقدون التقارير المالية التي تصدرها المؤسسة الخيرية بكلمات لاذعة ومهينة وغير لائقة أمام الناس، وفي أحايين أخرى يتخطون كل الخطوط الأخلاقية والأدبية ويروحون يعلقون على التقرير المالي بأقلامهم، القصد منها تثبيط همم أولئك النفر الذين نذروا أنفسهم لخدمة أبناء مجتمعهم، وكأنهم يقصدون من ذلك هدم أركان العمل التطوعي الذي يقدم الخدمات إلى مئات الأسر المتعففة، ليثبتوا للناس أن العمل ما لم يكونوا فيه باطل وفاشل ولا يمكنه تحقيق شيء جيد، وتراهم ينتقدون المؤسسات الخيرية بشدة؛ لأنها تعتمد في تسيير عملها على التبرعات والصدقات والنذور وغيرها من العناوين الفاضلة، ولا تحاول أن توجد لنفسها استثمارات ثابتة الدخل والمورد لحماية نفسها ولوقاية كيانها من كل طارئ، كلامهم ظاهره جميل ورائع، إذا كانوا هم من الذين كانوا ومازالوا يسعون إلى تحقيق هذا المطلب النبيل للعمل الخيري، أما إذا كانوا لسنوات طويلة يقفون بقوة في وجه أي مشروع خيري استثماري يقدم للصندوق الخيري، الكلام الذي لا يصاحبه عمل حقيقي باطل وليس له قيمة إنسانية، ما الفائدة التي سيجنيها العمل الخيري من وراء كلامي ما لم أكن صادقا فيه، في جانب أرفض الاستثمار بقوة لسنوات طويلة، وفي جانب آخر أنتقد المؤسسات الخيرية التي لا تسعى إلى الاستثمار، ماذا يعني هذا الأمر بالله عليكم؟ أليس هذا يعني أنني أعاني من ازدواجية في التفكير؟

وحتى لا نذهب بكم أيها الأحبة بعيدا، نقول إن أي استثمار خيري يحتاج إلى رأس مال كبير، ورأس مال المؤسسات الخيرية من أين يحصلون عليه؟ أليس من العناوين التي ذكرناها آنفا؟ والأمر الآخر الذي لابد أن أفهمه جيدا، إن أي مشروع استثماري تفكر فيه المؤسسات والصناديق الخيرية لا أن يكون يضمن فيه رأس المال على أقل تقدير، لا يجوز شرعا ولا قانونا لأي مؤسسة خيرية أن تقوم بمشروع استثماري يكون فيه احتمال الخسارة وفقدان جزء من رأس المال وارداً، لابد أن تقوم المؤسسات الخيرية بدراسة جدوى للمشروع الاستثماري المقترح، إذا حصل التيقن أن هذا لمشروع الاستثماري أو ذاك مضمون الربح ولا يعرض رأس المال إلى الخطر، هنا يقول لك الشرع والقانون سر على بركة الله، أما غير ذلك تمنع المؤسسة القيام به، وإن قامت به يتحمل أعضاء مجلس الأمناء تبعات ذلك العمل، فالمسألة لا تنفك عن تلك العناوين الخيرة التي تنادي بها الصناديق والمؤسسات الخيرية ليلا ونهارا، ولا يمكن لأي مؤسسة القيام بعمل استثماري إلا بإذن من أصحاب الشأن، وأقصد بذلك الذين دفعوا تلك المبالغ من أجل إيصالها إليهم؛ لأن الأموال الموجودة في الصناديق ليست ملكاً لأعضاء مجلس الأمناء، ما هم إلا أمناء عليها، فالحديث في هذا الاتجاه لابد أن يتناول من مختلف زواياه وليس من زاوية واحدة، والصناديق الخيرية التي أوجدت لنفسها مشاريع استثمارية تدر عليها الدخل الثابت قامت بتلك الخطوات بكل دقة، ووفقت في إنجاز ما كانت تحلم به، في الوقت الذي يصارع بعض أعضاء مجلس الأمناء في بعض الصناديق الخيرية من أجل القيام بمشروع استثماري واحد ولا يجدون إلا الوقوف بشدة ضد فكرة الاستثمار بكل حيثياته، جميع الصناديق الخيرية لابد أن تطالب وبإلحاح وزارة التنمية الاجتماعية العمل بجد في تنمية مواردها المالية بشتى الطرق والوسائل، بأن تخصص إليها أراضي تقيم عليها مشاريع استثمارية خيرية برأس مال من الصدقات الجارية، ولابد أن تطالب أيضا بمشروع رائد يشجع ويدرب أبناء المجتمع على العمل التطوعي، ويكون للمتطوع ميزات خاصة في التسوق وفي الإسكان وفي بقية الوزارات الخدمية وغيرها من المؤسسة الرسمية والخاصة، حتى لا يأتي اليوم الذي يكون فيه المتطوع كالعملة النادرة كما يقولون، وهذا الأمر ليس مستحيل التحقيق ولا صعباً، جميع الوسائل المساعدة على تحقيق هذا الأمر متاحة ومتيسرة، ولا ننسى أن العمل التطوعي أصبح واقعا لا يمكن التخلي عنه في كل الظروف والأحوال؛ لأن وقف العمل التطوعي في اتجاهاته المختلفة يعني زيادة الأعباء على وزارة التنمية الاجتماعية بصورة كبيرة قد لا تتمكن من استيعابها؛ لأن تلك المؤسسات الخيرية المنتشرة في مختلف مناطق البحرين والتي تقدر بالعشرات تقوم بمساندة قوية للعمل الذي تقوم به وزارة التنمية، وهذا ليس خافيا على أحد من الناس.

سلمان سالم


حَبُّ الفساد

 

في يوم الخميس بتاريخ 13 مايو/ أيار 2010 وفي تمام الساعة الواحدة ظهراً تقريباً، اتصلت بي زوجتي وسألتني أين أنت؟ فقلت لها: أنا في سترة (أنا طبعاً من سكنة النبيه صالح) فكلفتني أن أشتري بعض الأغراض ومن بين تلك الأغراض نص كيلو حب الفساد (بذور اليقطين)، وقمت بشراء تلك الأغراض كاملة، ومن ضمنها حب الفساد، وأنا عائد إلى البيت وضعت حب الفساد بجانبي، وأخذت آكل من حب الفساد، حتى وصلت إلى البيت، وقد انتهى كيس حب الفساد تقريباً، ما بقي إلا القليل منه، فرأته زوجتي وسألتني، فقط هذا الذي اشتريته؟ فأجبتها: لا طبعاً، اشتريت نص كيلو، إذن أين هو؟ فقلت: لقد أكلته في الشارع... تصور انتظار على الشارع لأكثر من نصف ساعة تقريباً من سترة إلى النبيه صالح فقط!

أبو حسن


من واقع الحياة

 

هل سمعت عزيزي القارئ عن فلاح بات أمياً ثم أصبح قارئاً حافظاً لكل سور القرآن الكريم، هذه العاقبة الحسنة والقصة هكذا، إن فلاحاً أمياً من ريف العراق، كان حريصاً على أداء الصلاة في وقتها وإعطاء الخمس والزكاة في وقته أيضاً بل قبل أن يحين الموعد رغم أنه كان فقيراً إلا أن الفقر لم يمنعه من أداء الحقوق الإلهية وكان يقوم من النوم في الثلث الأخير منه فيصلي صلاة الليل ويبقى حتى الفجر ثم يخرج إلى حقله وكان من عادته أن يصلي صلاة الصبح في المسجد في قريته الصغيرة، وفي يوم ما، لمّا أكمل صلاة الصبح نظر إلى الآيات القرآنية المكتوبة على جدران المسجد فقرأها فتعجب إذ كان أمياً لم يذهب إلى المدرسة أبداً، ثم شاع أمره في البلد، فلاح أمي يقرأ القرآن الكريم ويحفظه عن ظهر قلب. ثم جاؤوا بالعلماء ليسألوه عن الآيات فأخذ يعطي أرقامها ومكانها، هذا دلالة على حسن العاقبة، سبحانه من أظهر الأولياء من عباده الفقراء. عند مقبرة ما، وضع جسد الميت جانباً وبدأوا بالتلاوة والقراءة، حيث يعتبر آخر صوت يسمعه الميت قبل نزوله إلى اللحد، وانتبهت إلى تجمع حشد كبير من البشر عنده، وقد تعجبت لذلك الحشد كيف اجتمع في هذا المكان؟ وتساءلت عن ذلك، فقيل لي أن جل هؤلاء غرباء عنه ولا توجد أية صلة قربى، بل كانت الإنسانية هي الرابط بين روحه وتلك الأرواح الحاضرة، فقد كان المرحوم قد أحسن إليهم في حياته فمنهم من كفل أيتامه ومنهم من أقرضه المال ومنهم من أوجد له حلاً لمعضلاته، لم يكن ثرياً ولكنه كان متوسط الحال يعرف الأثرياء فيطرق أبوابهم ويسألهم عن حق المساكين فيأخذ منهم ثم يعطي لهذا وذاك، وجلّ هؤلاء عرفوه عند العسر والفاقة والحاجة، وحتى لو أنه لم يكن يملك شيئاً فإنه كان يعين بالإرشاد، ولهذا السبب استوى على عرش قلوب البؤساء الذين حضروا جنازته. هذا الميت المسجى الملفوف في خرقة بيضاء عاش بإحسانه بينهم، إنه محسن يداوي بالإحسان جروح المقروحين، إنه ينبوع تدفق بالإحسان فأشبع هؤلاء حتى فاحت البركة.

منى الحايكي

العدد 2821 - الخميس 27 مايو 2010م الموافق 13 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 9:53 ص

      مجدي النشيط شكرا لك

      إن موضوع العمل موضوع جدا مهم في مسيرة الإنسان، فلابد للعلم أن يكلل بالعمل، فلو تخيل كل انسان أن رسول الله (ص) سيقبل يده من جراء عمل يبغي به رضى الله ورسوله، لأتقن العمل وأحبه في الله، وهذا نداء للمواطن وحتى في ظل الأوضاع المحلية لأن يستفيق ويحاول أن يعمل عملا نزيها ولو كان بسيطا .. لكل من يعمل بنزاهة.. أشكرك واتمنى من الله أن يحفظك ويسدد خطاك

    • زائر 7 | 7:31 ص

      أمل ..!

      هناك نقطة واحدة لم أفهمها ..!
      هل الحشاشون هم نفسهم الإسماعيليون أو هم فئة مختلفة ؟!

    • زائر 6 | 7:28 ص

      أبو حسن (حب الفساد)

      ههههههه أسلوبك عجيب ومضحك ..!
      وهذي توها البداية .. ويا سياسة التجنيس بتخلي زوجتك تطبخ وتتغذى وتتعشى وانته تنتظر الشارع ..!

    • زائر 5 | 7:03 ص

      إلى أمل السيد عباس ( الحشاشون الجدد)

      تشكرين على هذا الموضوع والطرح الجميل

    • زائر 4 | 3:49 ص

      رجاء

      محرر\\ محررة الكشكول المحترمين
      رتى لاعة جبدنا من مواضيع سلمان سالم و مجدي النشيط ليش يعني اذا فى موضوع لمجدي النشيط لازم يكون هناك موضوع لسلمان سالم هل صفحة الكشكول لها نية ........

    • زائر 3 | 2:17 ص

      اسنات

      من واقع الحياة
      هذه نفس قصة حياة رجل شاهدتها في التلفاز بس ايراني مو عراقي .حيث عملوا مقابلة مع ابناءه واحفاده.جزاك الله خير الجزاء على هذة القصة الرائعة

    • زائر 1 | 11:49 م

      حب الفساد

      أحسن طريقة لرفع الضغط في تلك الشوارع المزدحمة لأسباب كثيرة الكل يفهمها.
      أنا قاعد أفكر أشتري لي موتر سيكل للمشاوير القصيرة لدخول المنامة ، وش رأيكم ؟

اقرأ ايضاً