العدد 2823 - السبت 29 مايو 2010م الموافق 15 جمادى الآخرة 1431هـ

بلغريف... وشخصيات شكسبير!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بثّت وكالة (بنا) مساء الأربعاء (26/ 5)، الساعة 20:33:35، تعقيباً من قطاع المطبوعات والنشر بوزارة الثقافة والإعلام، على خبر «الوسط» (25 مايو) بخصوص منع كتاب «يوميات بلغريف»، أورد فيها خمسة أسبابٍ متهافتةٍ لقرار المنع.

أغلب قراء «الوسط» من جيلٍ لم يعش أيام بلغريف، وكثيرٌ منهم مثلي، لم يسمعوا غير قصصٍ متناثرةٍ من آبائهم عمّا كان يفعله بالبحرين يوم كان يتحكّم في كل شاردةٍ وواردةٍ. ووقعتُ على مذكراته بالصدفة في معرضٍ مصغّرٍ للكتب في مأتمٍ ببوري، على هامش مهرجان الملا عطية الجمري يوم 24 فبراير/ شباط 2006، وشاهدت نسخةً منه الأحد الماضي في قسم المقتنيات الأثرية بباب البحرين. وما شدّني لاقتنائه يومها عنوان أحد الفصول: «قضاة البحرين يشبهون شخصيات شكسبير»، وكان يتحدّث عن الشيخين خلف العصفور وقاسم المهزع رحمهما الله بواسع رحمته.

الكتاب ظلّ مركوناً على رف مكتبتي ثلاث سنوات، ولكن ما إن بدأت حتى شغفت بقراءته لحسن سرده وسلاسة ترجمته، فأتممته صباح 4 مارس/ آذار 2009. ومن الصدف الجميلة أن ملتقى جدحفص الثقافي نظّم محاضرةً لمترجمه مهدي عبدالله يوم8 مارس، للحديث عن هذه التجربة، فحملت الكتاب معي ودوّنت ملخص كلامه في الصفحة الداخلية، ومنها أنقل هذه الشذرات.

يقول المترجم: «أعتز بهذا الكتاب الأول لأن عرّف الجمهور في البحرين والعالم العربي عليّ، وكثيرون أعجبوا بالترجمة. أهمية الكتاب تعود لشخصية المؤلف، كما أن للمترجم المحلي دوراً لإلمامه بالظروف والأسماء والأماكن. وكنت أعرف اسم كتاب له بالانجليزية: (بيرسونال كولمن). وفي 2002، أصدرت (الوزيرة) مي آل خليفة: (بلغريف السيرة والمذكرات)».

كان الحضور نخبة من المثقفين والمهتمين في حدود الخمسين شخصاً من الجنسين، أثروا اللقاء بمداخلاتهم وأسئلتهم، وكان أكثرها إلحاحاً: كم وماذا حذفت من الكتاب؟ ولماذا؟ فاعترف بحذف حوالي 10 في المئة من المذكرات الأصلية. فهناك فصلٌ من 8 صفحات عن الخلافات البحرينية القطرية وجزر حوار، حُذفت تجنباً للحساسيات، ومراعاة للعلاقات الودية بين البلدين آنذاك (1991).

وهناك وصفٌ مسهبٌ للمواكب الحسينية مع صورٍ توضيحيةٍ وتفاصيل عن المذهب الشيعي، أوردها المؤلّف بأسلوبٍ ساخر، وارتأى المترجم حذفها. والمرجّح أنه لو أعاد نشره لأضافها من جديد، لتغيّر الظروف والأفكار.

ويذكر الزميل أنه اقترح في بداية نشاطه الصحافي على علي سيار ترجمة مقالاتٍ من مجلاتٍ أجنبية، فرحّب بالفكرة. بعدها طرح عليه سيّار ترجمة هذه المذكرات، فاستعار النسخة الانجليزية من المكتبة العامة، وترجمها ونشرها في 42 حلقة، لمدة عشرة أشهر. ويوضح أن هناك صفحات عن وقائع سياسية وأحداث أمنية، تتضمن مساساً بأشخاص، ويعتبر نشرها آنذاك مخالفاً لقانون المطبوعات، فأمر سيّار بحذفها، ولم يضفها المترجم لاحقاً خشية ألا توافق الحكومة على نشرها كما قال.

إنها تجربةٌ مميزةٌ في حقل الترجمة، الذي تحفه الكثير من الألغام. فهناك ضغوطٌ تتدخل لتوجيه الترجمة، وهناك أهواءٌ سياسيةٌ وأنواء، وهناك عملية انتقاء. وأنا كقارئ أو كاتب أو مواطن بحريني، يهمني ماذا كتب بلغريف في الأصل، وكيف حكم البحرين ثلاثين عاماً. وبعيداً عن عوامل الحب والكره، نريد أن نعرف دوره في تأسيس البحرين الحديثة، وإنشاء أجهزتها الحكومية. أما هذا التعقيب المتهافت المنشور على «بنا»، فالأولى أن تتم مساءلة من كتبه وأرسله ليحرج وزارة الثقافة والإعلام.

هل كان بلغريف يتصوّر حين كتب «مذكراته» أو «أعمدته الشخصية»، أنه سيتحول بعد أربعين عاماً من وفاته، عند البحرينيين إلى إحدى شخصيات شكسبير؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2823 - السبت 29 مايو 2010م الموافق 15 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 8:02 ص

      اللي ماليه أول ماليه تالي

      الحاضر هو وليد الماضي ، والشخصيات المؤثرة حالياً في صنع القرار هي وليدة تلك الحقبة ؛ لذا ينبغي أن نعود للجذور ونحفر أركيوليوجياً في اساسات هذه الشخصيات وبناها الفكرسياسية ، الأمر الذي يتيحه لنا قراءة مدونات الإستعمار القديمة ، الذي هو بالمناسبة لا يزال قائماً وإن بلبوسٍ جديد .

    • زائر 8 | 7:05 ص

      العرق دسآآآس

      قرأت الثلاثين صفحة الاولى من المذكرات التي نشرت عبر الانترنت و عرفت اسباب منعه فهناك الكثير ممن يخاف على بريق صورته ان يذهب و يخشى ان يلتفت الناس الى اصله و ماضيه الاسود الذي لا يقل اسوداداً عن حاضره .. اكثر مثل جآآ عـ بالي و انا اقراها ان ( العرق دساس ) .. شكراً سيد الله لا يحرمنا من هالاقلام يا رب

    • زائر 6 | 2:59 ص

      حتى الآن

      لو نشرت الترجمة الخاصة بالمواكب الحسينية والمذهب الشيعي بإسلوب ساخر الآن لحدثت معارضة وبلبلة وأنا كشخص ما زلت أرى تجنب مثل هذه الترجمات التي تعد تجديد للجراح القديمة يجب أن نتطلع للأمام والمستقبل لا أن نبكي على الماضي ونكون محصورين فيه ولكن يمكن نشر ذلك عندما ينضج المواطن ويتخلص من الطائفية ويستمتع بالماضي ويزيد من المعرفة.

    • زائر 5 | 2:50 ص

      ما قصر

      والله هو أكبر شخصية شكسبيرية، ما قصر. ابويي دائما كان يتكلم عنه وكيف كان يتحكم في الشعب و البلد كله هو الآمر الناهي.

    • زائر 4 | 2:35 ص

      هل من وصلة يرحمكم الله

      يقال ان فيها كلام عن بعض القبائل والشخصيات المتنفذة، ولذلك ما اح يسمحون بنشره ولو ب
      لعة الروح. هل احد يمكن يعطينا وصلة للتعرف على الكتاب؟

    • زائر 3 | 2:05 ص

      فضايح

      ياسيد فيها فضايح فكيف ينشرونها؟

    • زائر 2 | 12:48 ص

      بلغريف = الأستعمار

      مكونات و التاثير ات الخمر لا تتغير إن كان تشربه من الكأس مصنوع من الذهب او تشربه من الفخار . و كذلك المستعمر لا يمكن أن يكون انساناً فأنه دائماً سلبى كتأثيرات الخمر على شاربه و لا يجوز مقارنته مع انسان كشكسبير لأن شكسبير كان انساناً قبل أن يكون مثقفاً .

    • زائر 1 | 10:29 م

      أحييك

      أحييك على قلمك الرائع و دمت موفقا

اقرأ ايضاً