تشكو المصارف الخاصة في سوريا من عدم إمكانية توظيف السيولة الفائضة لديها عبر تمويل المشاريع الاستثمارية وبخاصة في القطاع العام وتسعى لإقناع السلطات المختصة بطرح سندات الخزينة كحل يمكنها من دفع استحقاق الودائع وتوسيع نطاق نشاطاتها.
وأكد مدير عام بنك سوريا والمهجر جورج صايغ لوكالة فرانس برس ان الاستثمار من خلال تمويل المشاريع العامة ممنوع على المصارف الخاصة «لقد حاولنا عدة مرات الدخول في عمليات لصالح المؤسسات العامة إلا أننا لسبب أو لآخر لم نتمكن من الحصول على العرض».
وكشف صايغ أن «عندما طرح المصرف المركزي تمويل شراء الطائرات للسورية (شركة الطيران الوطنية) وإصلاح طائرات البوينغ بمبلغ 45 مليون دولار تقدمنا بسعر مغرٍ وهو 3 في المئة وبكفالة المصرف المركزي لكن المصرف التجاري حصل على الصفقة عبر تقديم عرض غير منطقي يبلغ 0,7 في المئة رغم رغبتنا بتمويله بالكامل».
ويعتبر نائب المدير العام لبنك بيمو السعودي الفرنسي فرنسيس شبان انه «من الضروري ألا يوجد احتكار لبعض المؤسسات وان نتمكن بالتشارك مع القطاع العام والخاص في توسيع رقعة نشاطنا مع المؤسسات العامة الموجودة في القطر».
وأضاف شبان أن «لدى المصارف الخاصة دوراً تؤديه في عجلة التنمية فالبلد منفتح على الكثير من المشاريع والاستثمارات كمحطات توليد الطاقة والبنية التحتية الطرقية والميترو ولكن المصارف الخاصة لا يمكنها الاستثمار في المشاريع العامة التي تعهد عادة إلى المؤسسات العامة».
يشار إلى أن عدد المصارف العاملة في السوق السورية بلغ حتى نهاية الربع الأول من 2010 أحد عشر مصرفا خاصاً وثلاثة مصارف إسلامية بالإضافة إلى ستة مصارف حكومية.
من جهته، أشار المحلل الاقتصادي والشريك في شركة ارنست اند يونغ عبد القادر حصرية إلى أن «الحكومة مازالت متأثرة بالفكر الاشتراكي... ما زلنا لا نفكر ضمن منطق اقتصاد وطني ولكن في قطاع عام وخاص رغم جميع التوجيهات «داعياً إلى «طرح قطاع اقتصادي وطني ضمن بيئة تنافسية».
وأشار صايغ إلى أهمية طرح سندات الخزينة للتداول وقال «أن مصارف الدول المجاورة بإمكانها دفع استحقاق الودائع فهي تقترح 4 في المئة على العملة الصعبة لوجود سندات خزينة تؤمن عائداً يمكنها من دفع مستحقاتها».
ولفت إلى أن طرح السندات للتداول «هي وسيلة مهمة لاستعمال الفائض وتوظيفه بمشاريع حيوية من قبل الدولة تسيطر عبرها على الكتلة النقدية» مشيراً إلى أن «اغلب الدول تستدين لتمويل مشاريعها التنموية عبر سندات الخزينة».
واعتبر مدير المصرف أن «هناك عروضا لشراء مواسم الحبوب والأقطان ولكنها لا تصل إلى المصارف الخاصة لكن طرح السندات للتداول سيمكن هذه المصارف من المساهمة في تمويلها».
وأوضح شبان من جهته «أن المصرف المركزي عرض حملة لشراء الحبوب على المصارف العامة والخاصة وتقدمنا بعرض لتوظيف فوائضنا من السيولة... ولكن مصرفاً وحيداً نال منها» مشيراً إلى المصرف التجاري.
وأضاف «نحن لسنا مخولين شراء حصص وذلك حسب تعريف قانون عام إنشاء المصارف الخاصة إننا مصارف تجارية وليس تمويلية ولا يمكننا إدراج أكثر من 10 في المئة من الاستثمارات على محصلتنا».
ودعا صايغ إلى الإسراع في طرح تداول السندات «لماذا الانتظار إلى أن يتم تأسيس مصارف استثمارية فليقوموا بجمع هذه الفوائض من خلال السندات وليوظفوها في مشاريع حيوية واستثمارية».
أما شبان فأشار أن الجهات المعنية تتكلم «عن طرح سندات الخزينة منذ عام 2008 ولكننا لم نر نتائج بعد» وتابع «سيسمح لنا ذلك بتفعيل الفائض المودع في المصرف المركزي والذي لا نتقاضى عنه أي ريع وتمويل المشاريع والتوسع في أعمالنا».
وكان تقرير صادر عن المصرف المركزي أشار إلى أن رصيد إجمالي الودائع لدى المصارف السورية حتى نهاية العام 2009 بلغ 1200 مليار ليرة سورية (25 مليار دولار) كما ارتفعت السيولة الفائضة الموجودة لدى المصارف السورية حتى نهاية العام 2009 لتبلغ 265 مليار ليرة سورية (5,6 مليارات دولار).
واعتبر حصرية أن القيام باستثمارات وإقامة مشاريع كبيرة يتطلب اللجوء إلى خلق مناحات جديدة «يجب أن نتكلم عن القطاع المالي كبنية متكاملة فيلزمنا معطيات على المستوى الاقتصادي والتشريعي والمؤسساتي».
وأضاف المحلل «لا يمكن إقرار قرض متوسط وطويل الأمد ما لم يكن لدي سندات أو أذونات خزينة لأنها هي من تعطي الأرضية لسعر الفائدة في القطاع المالي»، لافتاً إلى ضرورة وجود «أسواق السندات التي يمكنها أن تمنح الاستقرار عبر الإقراض المباشر أو غير المباشر للمشاريع الاستثمارية».
العدد 2857 - الجمعة 02 يوليو 2010م الموافق 19 رجب 1431هـ