العدد 852 - الثلثاء 04 يناير 2005م الموافق 23 ذي القعدة 1425هـ

سلمان: جمعيتنا ستبقى أمينة على مبادئها بواقعية وموضوعية

الحص في مؤتمر "الوفاق": الإصلاح يكون شاملا أو لا يكون

قال رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان إن الجمعية "ستبقى أمينة على مبادئها التي أسست من أجل تحقيقها، والمتمثلة في الدفاع عن الشعب ومصالحه، بواقعية وموضوعية سياسية بعيدا عن تهويل الأمور أو تبسيطها، وستبقى الوفاق ماضية في نهجها لا يؤثر فيها أسلوب العصا وأسلوب الجزرة، كالتهديدات والتخويف ولا الإغراء والعطايا". ومن جانبه قال رئيس وزراء لبنان السابق سليم الحص: "إن الإصلاح يجب أن يكون شاملا أو لا يكون".

جاء ذلك خلال افتتاح المؤتمر العلمي الثاني لجمعية الوفاق، والذي عقد برعاية صحيفة "الايام" وشارك فيه رئيس وزراء لبنان السابق سليم الحص، والمفكر الكويتي محمد الرميحي ووزير العمل مجيد العلوي، وعدد من علماء الدين، وممثلين عن جمعيات سياسية وأهلية.

وقال رئيس جمعية الوفاق في افتتاح المؤتمر إن: "العام الماضي شهد ازدياد عضوية الجمعية التي تشارف على السبعين ألف عضو في بلد لا تتعدى كتلته الانتخابية عن 243 ألف صوت، ما أضاف على مجلس الإدارة الجديد المزيد من المسئوليات والتحديات"، موضحا أن العام الماضي "لم يخل من الإخفاقات الداخلية في محيط الجمعية، التي شهدت اهتزازات داخلية حقيقية وجدية، الأمر الذي يدعونا للتوقف وإجراء المزيد من الدراسة لمنهجنا وسير العمل في جمعيتنا، وهو ما أوكلنا القيام به إلى الهيئة الاستشارية بالجمعية، آملين أن تكون دراسته هذه الهيئة المرتقبة لتقويم أداء الجمعية، وخطط مجلس الإدارة المعتمدة لتفعيل الجمعية وتحسين أدائها، قادرة على دفع العمل إلى الإمام، وتصحيح كل إخفاق، مع تأكيدنا ودعمنا لكل المنجزات الإيجابية الكثيرة التي حققتها الجمعية". وامتدح سلمان دور المجالس البلدية في تحقيق إنجازات على رغم محدودية صلاحياتها، وقدم بعد ذلك رئيس وزراء لبنان السابق سليم الحص مداخلة عن البيئة السياسية للتنمية، مشيرا إلى أن التنمية "ما هي إلا وجه من أوجه الإصلاح"، موضحا أن أهم مكونات البيئة السياسية الملائمة للتنمية تكمن في الاستقرار السياسي، وأن الاستقرار لا يمكن أن يسود إلا من خلال نظام ديمقراطي موثوق يتم فيه تداول السلطة رسميا، إضافة إلى وجود آليات فاعلة للمساءلة والمحاسبة على كل صعيد، مضيفا أن "الإصلاح السياسي هو مدخل لكل إصلاح"، وأنه لا جدوى من كل دعوات الإصلاح إن لم يكن النظام السياسي صالحا، وإن الإصلاح يجب أن يكون شاملا أو لا يكون".

وتلا الحص، المفكر الكويتي محمد الرميحي، الذي قدم ورقة تحت عنوان: "التنمية الشاملة والتنمية السياسية"، مشيرا إلى وجود اختلال في عملية التنمية في العالم العربي، وأن "موطن هذا الخلل سياسي في الأساس، ويتشكل في غياب الحرية، وضعف المساءلة الشعبية، وتكبيل المشاركة بقيود ثقيلة. كما أن هناك شبه إجماع على أن الإصلاح المنشود لإقالة عثرة هذا الخلل وإذكاء نهضة عربية، ولابد أن يبدأ بالإصلاح السياسي".

وأكد الرميحي أن مفتاح الإصلاح السياسي هو الإصلاح التعليمي، إذ "لا يمكن أن يكتسب البشر قدرات تعينهم على فهم وتحقيق الرفاه، والمشاركة الفعالة إلا بالتعليم، بل بمستوى راق من التعليم، وأن التعليم العنصري، والتعليم الفئوي، والتعليم المضاد للعلم أي التعليم الإيديولوجي كلها أشكال معادية للتنمية، بل ومعطلة لها.

التعليم هو الذي يكسب القدرات لإنسان يساهم في التنمية، ولو التفتنا حولنا لوجدنا أن التعليم الراقي هو الذي حقق لسنغافورة ما تحقق لها، ويحقق للهند ما يتحقق لها اليوم، ولكن لن يحدث تعليم راق إن لم تكن هناك قيادة سياسية واعية ولها برنامج في التعليم واضح المعالم، ونخبة مجتمعية تحث وتصر على التعليم الراقي".

وحدد الرميحي نقاط الضعف في أنظمة التعليم في العالم العربي، بقوله: "إننا نودع أبناءنا في نظم تعليمية تشدد على التلقين وتستمرئ الاتباع والتقليد وتبني مناهج تكرس الخضوع والطاعة، ولا تسوغ نقد المسلمات الاجتماعية أو السياسية أو التراثية، فيخرج الأبناء مكبلة لديهم ملكة التفكير، قريبون من التكفير والتخوين الاجتماعي والسياسي والتراثي".

موضحا أن "وعي الإنسان العربي على ذاته، فهو من جهة يريد أن يظل مخلصا لأفكاره التقليدية والموروثة الراسخة من جهة، ومن جهة أخرى تأسره اكتشافات الحداثة العلمية والتقنية، التي يتناقض بعضها مع اليقيني من أفكاره". وقال: "إن الإصلاح السياسي يأتي باعتباره عنصرا مهما لتحقيق التنمية في المجتمعات العربية، وأنه على رغم الدعوة عربيا إلى الإصلاح، فإنه مر بمعضلتين هما:

الإصلاح قبل تحرير فلسطين، أم بعد تحرير فلسطين؟، وهل يأتي الإصلاح من الداخل، أم من الخارج؟".

مجيبا بأن "الإصلاح هو أداة أفضل للتفاوض أو غيره بشأن فلسطين، وألا داخل مطلق، أو خارج مطلق، هناك تفاعل "تاريخي" بين الداخل والخارج مستمر ودائم". وقدم بعد ذلك الاقتصادي حسين المهدي، رؤية جمعية الوفاق الاقتصادية التي احتوت 20 محورا، وتلاها نقاش قال فيه نائب رئيس جمعية الوطني الديمقراطي، إن "الإصلاح الاقتصادي غير ممكن في البحرين من دون تغيير الطاقم الحكومي الحالي، وأنه ليست هناك بيئة صالحة للخصخصة في البحرين، إذ سينتج عنها بيع القطاع العام بأرخص الأثمان". وتلا ذلك ورقة بيئية قدمها المستشار البيئي في الديوان الملكي إسماعيل المدني، الذي قال إن "مياهنا البحرية تشهد اليوم عسفا وإفسادا بيئيا غير مسبوق"، مضيفا أن البحرين "وقعت في مايو/ أيار 2002 ممثلة بالهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية، مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وثيقة مشروع الاستراتيجية الوطنية للبيئة. وفي منتصف العام 2004 تم الانتهاء من إعداد الوثيقة وهي في طور المراجعة النهائية. ويمثل إعداد الوثيقة، من الناحية النظرية، إنجازا كبيرا حتى لو جاء متأخرا. ويبقى التحدي الأكبر هو تفعيل الاستراتيجية بعد إقرارها".

إلا أن المدني أشار إلى "غياب المؤشرات البيئية التي يمكن التعويل عليها من أجل الوصول إلى استنتاجات علمية واستقراءات مستقبلية عن الحالة البيئية"، وقال: "مضى على لجنة/ هيئة حماية البيئة ما يزيد على ربع قرن، وتوفر هذه الهيئة تقارير سنوية عن حالة الهواء، إلا أن هذه التقارير في رأي الخبراء قاصرة بسبب محدودية البيانات الواردة فيها وعدم انتظامها. ولا توجد للهيئة تقارير دورية عن حالة البحر والسواحل، كما لا توجد بيانات منتظمة عن تلوث التربة، وأن ما هو متوافر من معلومات لا يتم استخدامه ضمن الخطط الرسمية والوطنية في التقويم البيئي للمشروعات، كما أن التقويم البيئي لا يجرى إلا بعد الموافقة على المشروعات لا قبلها".

وعدد المدني أهدافا عدة رئيسية للرؤية البيئية لجمعية الوفاق، أهمها: الوصول إلى هواء صحي صالح للتنفس، وديمومة وتحسين منظوماتنا البيئية، المحافظة على مواردنا الطبيعية والثقافية، والوصول إلى بيئة بحرية تسمح بممارسة الصيد والسباحة والترفيه البحري، وتكون مساندة لبقية المنظومات البيئية والاستخدامات الأخرى، ومياه شرب صحية وسليمة صالحة للشرب وللاستخدامات الأخرى، وضمان سلامة الغذاء، ومجتمعات خالية من الأخطار الصحية والبيئية غير المقبولة بسبب التعرض للمواد الخطرة أو العوامل الضارة الأخرى، ضمان الاستخدام الأكفأ للموارد الطبيعية، وإيجاد كيان يتميز بالكفاءة والفعالية يعمل على تطبيق الرؤية الاستراتيجية.

ومن جانبه استعرض عضو مجلس إدارة جمعية الوفاق، عبدعلي محمد حسن الرؤية الاجتماعية للوفاق، مركزا على محورين فيها هما: قيم المواطنة الصالحة، ورعاية الشباب، وقدم جلال فيروز ورقة تحت عنوان: "الإصلاح السياسي والتنمية السياسية في البحرين"، كما قدم رئيس المجلس البلدي في المحافظة الوسطى إبراهيم حسين، ورقة تحت عنوان: "إدارة المرافق المحلية والتنمية... مجلس بلدي المنطقة الوسطى نموذجا".

كما طرحت أوراق عدة، إذ طرح عضو اللجنة السياسية في جمعية الوفاق، عبدالجبار إبراهيم ورقة عن "البعد الإداري والتنظيمي للتنمية"، وطرحت عفاف الجمري ورقة عن "المرأة والتنمية من منظور قرآني"، ومن جانبهم طرح كل من حسن الملا، ومطر إبراهيم، ومحمد مطر، وحسين الصباغ، ورقة شبابية تحت عنوان: "العمل الشبابي الطريق الثالث".


التوصيات الختامية لمؤتمر "الوفاق"

أصدر مؤتمر جمعية الوفاق السنوي في ختام أعماله، مجموعة من التوصيات في محاور الاقتصاد، والبيئة، والجانب الاجتماعي، والسياسي.

وتركزت توصيات المحور الاقتصادي على محاربة مسببات الفساد المالي والإداري، و التأكيد على مدخلية الإصلاح السياسي المنطلق من نظام انتخابي عادل نابع من إرادة الشعب. وفي المحور البيئي تمت التوصية بإنشاء مجلس أعلى لشئون البيئة. وتعزيز تطبيق القوانين والتشريعات بطريقة عادلة، لمقاضاة المخالفين.

وفي المحور الاجتماعي تمت التوصية بوضع خطة لإجراء الدراسات والبحوث الموجهة لتقييم واقع التعليم في البحرين، وأما في المحور السياسي فتمت التوصية بالتأسيس للعمل الحزبي، وتحويل الجمعيات السياسية إلى أحزاب، وتنمية الدور السياسي للمرأة، والدعوة إلى التوافق بين الحكومة والجمعيات السياسية على آليات الإصلاح السياسي

العدد 852 - الثلثاء 04 يناير 2005م الموافق 23 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً