العدد 855 - الجمعة 07 يناير 2005م الموافق 26 ذي القعدة 1425هـ

شرعنة الاستبداد!

زينب عبدالنبي comments [at] alwasatnews.com

مرر مجلس النواب بنودا خطيرة من مشروع قانون الخدمة المدنية، والمفارقة إن مجلس الشورى انتبه لتلك البنود، في حين لم يلتفت لها النواب المنتخبون، إذ لم يلفت انتباههم البند "د" من المادة 57 التي تحظر على الموظف الإدلاء بأي تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته إلى أي من وسائل الإعلام إلا إذا كان مصرحا له بذلك من السلطة المختصة.

يبدو أن النواب قد مرروا المشروع من دون تكليف أنفسهم عناء قراءته، فليس من السهل تصديق مرور بند كهذا، يحظر "حرية التعبير" و"المعرفة" و"حق الحصول على المعلومات"، ويجعل الموظف أسيرا لإملاءات وشروط قاسية، من شأنها أن تخلق "شبح تهديد" للموظف لئلا تسول له نفسه الكشف عن معلومات تتصل بطريقة أو بأخرى بالفساد للصحافة أو لوسائل الإعلام.

الكشف عن المعلومات وتسريبها إلى الصحافة وسيلة للرقابة على مؤسسات الدولة، تخشى منها الحكومة، إذ سيسهم ذلك في إظهار الحقائق، ولأن تقويض الصحافة ليس مضمونا بطريقة كبيرة، فإن تقويض الموظف وتهديده أكثر ضمانا لحماية تلك المؤسسات من سيف الرقابة!

ليست هذه المرة الأولى التي يدهشني فيها مجلس النواب، فله مواقف مشهودة لا يمكن أن تنسى، أبرزها عدم معرفة اعضائه "بالعهدين الدوليين، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية"، وهما جزء أساسي من القانون الدولي لحقوق الانسان، وميل رئيسه خليفة الظهراني لقمع المتظاهرين بالبلدوزرات، ومحاصرة حق التجمع، ومقترح النائب المستقل جاسم السعيدي الذي يقتضي "حصر الشعائر الدينية في دور العبادة"، لذلك لم يكن مستغربا أن يقوض المجلس النيابي حرية التعبير للموظف!

حرية التعبير وتداول المعلومات كفلتهما الشرعة الدولية لحقوق الانسان، ودستور مملكة البحرين، وميثاق العمل الوطني، ويعتبران حقين أصيلين.

هناك 52 دولة في العالم الآن تعطي الحق في الاطلاع على المعلومات بموجب قانون يكفل هذا الحق، بينما لايزال غالبية النواب يعيشون بعقلية قديمة في كهوف التقويض ومحاصرة الحريات، والطبطبة على حالات الفساد! ولايزال البعض الآخر مستغرقا في غفوة الظهيرة الابدية.

لولا تدارك مجلس الشورى هذه المرة، لما مرره مجلس النواب، لمر المشروع السيئ، بطيب خاطر، ولأصبح القانون "شرعيا"، وبذلك تتحقق نبوءة أحد القانونيين عندما وصف المجلس "بالمشرعن للاستبداد"

العدد 855 - الجمعة 07 يناير 2005م الموافق 26 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً