العدد 876 - الجمعة 28 يناير 2005م الموافق 17 ذي الحجة 1425هـ

الكمبيوتر... علامة رقي وتطور أم خطر يهدد صحتنا؟

تحذير صحي تثبته تجربة حية

هذا المقال قد يستوجب الدخول إليه التقديم بمقدمة حتى يكون سهل الاستيعاب للقارئ، وخصوصا غير المتخصص، والمقال استدعاني إليه أمر حصل إلي يعتبر على درجة كبيرة من الخطورة التي يمكن أن تؤدي بصاحبها إلى موت محقق، وإذ إن ما وقع يمكن أن يقع لكثيرين وليس لأفراد قلائل، فمن هنا كانت الضرورة لكتابة هذا المقال: في البداية أود الحديث عن برمجة الكمبيوتر بأسلوب بسيط تسهيلا ليفهمها العوام، فالبرمجة تعني إمكان التحكم بالجماد، أو السيطرة على الجماد الذي "لا ينطق ولا يفكر" فالكمبيوتر عبارة عن قطع معظمها من أشباه الموصلات والموصلات وبعض قطع الحديد "وأمثال ذلك" إذا ركبت مع بعضها على نمط معين أمكن للإنسان التحكم فيها ويمكنه بعد ذلك أن يجعلها مستوعبة للمعلومات أو البيانات أو مصدرا للأصوات أو الموسيقى، وكل ما تمكن منه الكمبيوتر ويعرفه الكثيرون وهو ليس بالشيء الهين فأن تقوم آلة بإطفاء أنوار المنزل في ساعة محددة هو عبارة عن استغلال للجماد ليقوم بأعمال بدلا عن الإنسان وبلغت إمكانات البرمجة من صنع جهاز صغير يصدر بعض الذبذبات لطرد بعض الحشرات من المنزل وكذلك القوارض، أبلغ ما يمكن تصوره هو جهاز "روبوت" مبرمج إلى المريخ يقوم بكثير من الأعمال من الحركة إلى أخذ عينات وتحليلها وإرسال النتائج وكذلك التصوير وإرسال الصور، كما أنه يستجيب للمبرمج الذي يحركه من الأرض للقيام بأي عمل ضمن إمكانات "الروبوت" المرسل.

بعد هذه المقدمة أقول إنني وقبل قرابة أربع سنوات وبسبب خلل في القطعة الأصلية اشتريت لوحة مفاتيح، هذه القطعة مكتوب على وجهها الأسفل عنوان: تحذير صحي، خلاصته:

قد يؤدى استعمال لوحة المفاتيح إلى أضرار أو اعتلالات صحية خطيرة.

عند استعمال الكمبيوتر، كما الحال مع الكثير من النشاطات، فإنك قد تختبر أحيانا عدم راحة في اليدين أو الذراعين أو الكتفين أو الرقبة أو في أجزاء أخرى من الجسم، ولكن إذا راودتك بشكل مستمر أو متكرر أعراض كعدم الراحة أو الألم، أو خفقان القلب بسرعة وبشدة، أو ألم متواصل خفيف، أو وخز خفيف، أو تنمل، أو حرقة، أو تيبس، لا تتجاهل إشارات التحذير هذه، وقم عاجلا بزيارة طبيب صحة في هذا الصدد. حتى وإن راودتك تلك الأعراض في وقت لم تكن تعمل فيه على الكمبيوتر، قد تصاحب أعراضا كهذه أحيانا أضرار أو اعتلالات صحية مؤلمة وأحيانا معوقة بشكل دائم للأعصاب أو العضلات أو الأوتاد أو أجزاء أخرى من الجسم. وتشتمل هذه الاعتلالات العضلية الصقلية "MSDs" على التناذر النفقي الرسغي والتهاب الأوتار والتهاب غمد الوتر وإصابات أخرى.

وفي الوقت الذي لم يستطع فيه الباحثون عن الإجابة على الكثير من الأسئلة المتعلقة بالاعتلالات العضلية الصقلية حتى الآن، فإن ثمة توافق مشترك على أن الكثير من العوامل التي قد تكون مسببة لحدوثها تضم: الأحوال الطبية والجسدية، الضغط النفسي وكيفية تخلص الشخص منه، الحال الصحية العامة، وكيفية وضع جسد الشخص واستخدامه له أثناء العمل أو النشاطات الأخرى "وذلك يشمل استعمال لوحة المفاتيح والفأرة". وترجح بعض الدراسات أن مدة الوقت التي يستخدم الشخص فيها لوحة المفاتيح قد تشكل عاملا يتسبب بذلك أيضا ويمكن أن تجد بعض الإرشادات التي قد تساعدك على العمل على جهاز كمبيوترك براحة أكبر وربما تقلل من خطر إصابتك بتلك الاعتلالات في "الدليل الصحي لاستعمال الكمبيوتر".

وبعد هذا التحذير الظاهر بصورة الحريص والناصح الأمين للمستخدم، وبعد أربع سنوات حصل الآتي وبالضبط بتاريخ 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، والذي يوافق يوم عرفة الوقت بالتقريب 10,15 صباحا، وبينما كنت أشتغل على الجهاز إذا بالدم يفور في وجهي بصورة غير اعتيادية و"مفاجئة لم تسبق بأية أعراض جسدية" تلا ذلك وفي ظرف ثوان معدودة تسارع قوي وشديد في نبضات القلب بشكل غير مسبوق ولا معلوم، ولو شئت أن أصور هذا الأمر فهو يشبه من أصابه المس الكهربائي بصورة أدت إلى ارتفاع صوت قلبه حتى أنه كان يخفق وكأنه يقرع أضلاع الصدر كالطبل من شدة النبض، وبوتيرة آخذة في التسارع ولا تشبه ضربات القلب العادية بل قد تكون متسارعة بعشرة أمثال، وألهمت وأنا في هذه الحال أن أقوم من مقامي وأتجه بخطوات لا تزيد على الثلاث إلى وسط الغرفة، وصرخت صرخة صوفية فيها طلب الاستغاثة والمدد من الملك المتصرف بالكون وجرى على لساني القول "يا حافظ يا حفيظ، يا كافي يا محيط" وإذا بالشيء الذي في صدري ينكبت بسرعة وشدة إلى المعدل الطبيعي للنبض، ويا ألطاف الله البليغة، الحقيقة أن الأمر حينما عاد إلى مستواه الطبيعي جعلني أستريح قليلا وأرجع للعمل على الجهاز في أقل من نصف ساعة وبعد دقائق لا تزيد على الثلاث إذا بالمقدمات التي حصلت في المرة الأولى تعود مرة أخرى "أقصد ارتفاع الدم في الوجه وبدأ تسارع نبضات القلب"، ما جعلني أترك مكاني بسرعة البرق حتى أنني أطفأت الجهاز بسرعة شديدة، وأدركت أن في الأمر مشكلا خطيرا، وخشيت من تكرار ما حدث بعيدا عن جهاز الكمبيوتر فاضطررت إلى الاتصال بأختي الشقيقة طالبا منها النجدة حتى لا تتكرر النوبة مرة ثالثة، قبل أن تحصل النوبة كنت قد تعاطيت دواء عشبيا من العطار فخشيت أنني أخطأت الجرعة وحصل ما حصل بسبب الدواء، إلا أن النوبة القلبية لم تتكرر وذهبنا إلى المركز الصحي وأخبرته عن الدواء العشبي وأحضرت عينة منه، ولاحظ الطبيب المناوب تسارع دقات القلب بنسبة 110 وهي نسبة تتجاوز المعدل العادي بقليل، وأرسلني لتخطيط القلب وكانت النتيجة شبه طبيعية، إلا انه نصح باللجوء إلى قسم الطوارئ بالمستشفى تحسبا لأية مضاعفات، إلا أنني آثرت إرجاء الذهاب إلى الطوارئ لما بعد العيد.

راودتني وأنا في قاعة الانتظار صورة التحذير الذي قرأته للمرة الأولى قبل قرابة الأربع سنوات، فرجعت إلى البيت ومن دون مقدمات قلبت لوحة المفاتيح لأقرأ التحذير مرة أخرى، وإذا بأعراض أخرى كانت تعاودني وخصوصا حينما أجلس إلى الكمبيوتر وهذه الأعراض هي وخز في الخاصرة مصحوب بحرقان خفيف لاحظته وتحديدا قبل أكثر من ستة أشهر وكنت أظنه أمرا عاديا لأنه لا يلبث أن يزول، ولم أفطن في تلك الفترة السابقة إلى التحذير المتسافل، آلام الرقبة كانت تعاود بين الفينة والفينة، التنمل حصل بعد صلاة المغرب في يوم الكرامة واللطف الإلهي العظيمين، آلام مع انقباض في العضدين صاحبت ارتفاع نبضات القلب في المرة الأولى، كل ما حصل كان ضمن إطار ما كتب على لوحة المفاتيح وكذلك كتيب الاستخدام.

والمقال يعبر وبصورة لا تقبل الشك عن إمكان حصول هذا الأمر لكل من يستخدم لوحة مفاتيح تلك، إن هذا المقال يمس أمن الدولة وبشكل مباشر فمن خلال لوحة المفاتيح ذات الفقرات التحذيرية يمكن أن يقتل أي مسئول أو أي عنصر مثقف يعمل على لوحة المفاتيح ذات التحذير ذلك.

ومن خلال هذا الأمر أدعو كل من يمتلك هذه اللوحة - وليست كل لوحة مفاتيح - التي صنعت بكيد ساحر أن يتخلص منها قبل أن تستشري فيه بقية الأعراض.

فبإحصاء بسيط يمكن أن ندرك فداحة الضرر فلو أن ثلاثة مستخدمين من بين عشرة في البحرين يستخدمون لوحة المفاتيح، يمكن أن يتأثروا بعد أربع سنوات فإن 30 في المئة في البحرين وحدها من المستخدمين للكمبيوتر يمكن أن يكونوا ذوي عاهات بعد سنوات من الاستخدام، وقس على مثل هذه النسبة بقية أقطار عالمنا العربي والإسلامي وغير ذلك من البلاد.

عبدالرزاق المحمود

العدد 876 - الجمعة 28 يناير 2005م الموافق 17 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً