العدد 890 - الجمعة 11 فبراير 2005م الموافق 02 محرم 1426هـ

تعزيز الديمقراطية "أداة سياسة" التدخل العسكري لحكومة بوش

ترقية أبرامز تأكيد لدور المحافظين الجدد في رسم سياسة البيت الأبيض الخارجية

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

يرى خبراء أميركيون أن الرئيس الأميركي جورج بوش لايزال يميل أكثر نحو التشدد بترقيته إليوت أبرامز إلى منصب نائب مستشاره لشئون الأمن القومي مسئولا عن نشر وتعزيز الديمقراطية في العالم وحقوق الإنسان، إلى جانب احتفاظه بالمسئولية عن ملف تسوية الصراع العربي الإسرائيلي بصفته مديرا للشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي منذ ديسمبر/ كانون الأول 2002 "أول تعيين له في مجلس الأمن القومي كان في يونيو/ حزيران 2001". ويقول محللون انه بوجود الرئيسة السابقة لأبرامز، كوندليزا رايس وزيرة للخارجية فإن السياسة الخارجية لحكومة بوش ستشهد تناغما واتفاقا بين القائمين على رسمها وتنفيذها: مكتب نائب الرئيس الأميركي، ديك تشيني ووزارة الخارجية "رايس" ومجلس الأمن القومي "مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي وأبرامز"، وإلى حد ما القيادة المدنية لوزارة الدفاع "البنتاغون" فيما يتعلق بالمنطقة العربية وجوارها.

ويعرف عن ابرامز أنه من غلاة المحافظين الجدد الموالين إلى الكيان الصهيوني إذ كان أحد كبار أعضاء مشروع القرن الأميركي الجديد، ورئيسا سابقا لمركز الأخلاق والسياسة العامة على رغم أنه كان أدين من الكونغرس الأميركي بالكذب. وقال مسئول أميركي كبير مستخدما مصطلحا عبريا لمؤيدي حزب شارون في حكومة بوش "إن الليكود نيكس "مؤيدو الليكود" هم الآن في السلطة". وقال المدير التنفيذي للمعهد اليهودي للأمن القومي "جينزا" الذي يشجع التعاون مع الكيان الصهيوني توماس نيومان: "إن تعيين ابرامز كان مهما من الناحية الرمزية، ليس فقط لأن وجهات نظر أبرامز تشاركه فيها رايس وتشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، بل لأن هؤلاء مجتمعين هم صف قوي".

وكان أبرامز المدان في العام 1987 بتهمة حجب معلومات والكذب على الكونغرس فيما يتعلق بجهود حكومة الرئيس السابق رونالد ريغان لمساعدة متمردي "الكونترا" ضد حكومة الساندينيستا في نيكاراغوا، فيما عرف وقتها بفضيحة "إيران كونترا" أو "إيران غيت" إذ كانت تباع الأسلحة سرا إلى إيران لتمويل متمردي الكونترا. وحصل في العام 1990 على عفو من الرئيس السابق جورج بوش الأب، وفي ذلك الوقت ذكر الكثير من المراقبين في واشنطن أن أبرامز لن يعود إلى عالم السياسة مرة أخرى. وكتب أبرامز في أكتوبر/ تشرين الأول 2000 "إن القيادة الفلسطينية لا تريد سلاما مع "إسرائيل" ولن يكون هناك سلام".

وقبل أن يبدأ وزير الخارجية السابق، كولن باول بجمع أوراقه وحاجاته الشخصية من مكتبه، كان أبرامز مسافرا كجزء من حملة جديدة لوزارة الخارجية لتشجيع خطة بوش -الليكود لحل الصراع العربي - الإسرائيلي. إذ إن أبرامز خرج من الظل على الفور بعد انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي التي أسفرت عن فوز بوش بفترة رئاسية ثانية. وعندما انضم إلى حكومة بوش الأولى أبلغ البيت الأبيض وسائل الإعلام بأن أبرامز المثير للجدل غير متوافر لإجراء مقابلات معه. ولكن في الآونة الأخيرة تحرك أبرامز إلى وسط المسرح في خطة بوش الجديدة لإيجاد إجماع في الآراء بين الدول الأوروبية بشأن سياستها الخاصة بالمنطقة. وقام أبرامز بجولة في الخارج في شهر نوفمبر الماضي باعتباره الرجل المتقدم لسياسة حكومة بوش الثانية بشأن إعادة صوغ الشرق الأوسط.

ويذكر أن تعيين ابرامز في ديسمبر/ كانون الأول 2002 مديرا للشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، كما قال مسئول أميركي، خلق "ضيقا جادا" في وزارة الخارجية الأميركية إذ كان يخشى أن يعرقل تعيينه جهود وزير الخارجية آنذاك كولن باول للعمل مع الدول الأوروبية للضغط على الصهاينة والفلسطينيين لتبني جدول زمني مرحلي يؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية خلال ثلاث سنوات.

فقد تعرض الجدول الزمني المعروف باسم "خريطة الطريق" لاعتراضات من جانب شارون أدت إلى تراجع حكومة بوش عنه، على رغم أن شارون كان أقره من حيث المبدأ في شهر ديسمبر .2002 ورحب مؤيدو الكيان الصهيوني في الكونغرس، الذين انتقدوا خريطة الطريق بتعيين أبرامز.

وقال العضو الديمقراطي اليهودي في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، تشارلز شومر الذي درس في جامعة هارفارد مع أبرامز في الستينات: "يوجد فريقان للسياسة الخارجية في هذه الحكومة بشأن الكثير من القضايا. ومن الواضح أن إليوت أتى من الجناح المتشدد. ولكن هنا تكمن ميول بوش".

غير أن أبرامز فقط لم يعد وإن كان في منصب لا يتطلب إقرار مجلس الشيوخ له بل عاد الكثير من الشخصيات التي تورطت في المعارك المتعلقة بتمرد الكونترا في نيكاراغوا. فقد أصبح جون بويندكستر وهو مستشار أمن قومي للرئيس السابق رونالد ريغان الذي أدين العام 1990 بخمس جنح "تم إلغاء الأحكام فيما بعد بعفو من بوش الأب"، مديرا لمشروع وزارة الدفاع "البنتاغون" الذي يهدف إلى تجميع معلومات بشأن إرهابيين مشتبه فيهم امتد ليشمل التجسس على المواطنين الأميركيين، وقد استقال بعد انكشاف أمر المشروع. وأصبح أتو ريتش الذي كان مسئولا عن إدارة حملة دعاية سرية ضد حكومة نيكاراغوا، مبعوثا خاصا لشئون نصف الكرة الأرضية الغربي في وزارة الخارجية.

وقال مسئول أميركي: "إن تعيين أبرامز لأول مرة في مجلس الأمن القومي كان بسبب الحاجة إلى مدير قوي، وانشغال زالماي خليل زاده الذي كان يتولى إدارة الشرق الأوسط بإعادة بناء أفغانستان والتخطيط للمعارضة العراقية". وقال المسئول ذاته: إن "الجميع يثقون به. وهو ليس مجرد مدير جيد، بل قوة فكرية في عدد من المناطق السياسية، والجدل الذي أحيط به في الماضي، أصبح في الماضي".

وتحدث الكثير من منتقدي أبرامز بإعجاب عن ثقافته وخبراته الإدارية، التي سيتم اختبارها ليس فقط في مجال الصراع العربي - الإسرائيلي، ولكن أيضا في حال الحرب على العراق واحتلاله لفترة طويلة وإعادة تعميره.

وبالنسبة إلى المساعدين والمعارف، تعكس مسئوليات أبرامز الجديدة حدة طموحاته ومشاعره السياسية. فهو مثل الكثير من المحافظين الجدد بدأ حياته كليبرالي ديمقراطي في الكثير من القضايا ولكنه شعر بالإحباط من اليسار، ولاسيما في حالته من احتجاجات الطلبة في هارفارد.

وفي الكونغرس عمل في السبعينات من القرن الماضي مع اثنين من كبار الشخصيات الديمقراطية ذات وجهات نظر قوية معادية للشيوعية، وهما السناتور هنري "سكوب" جاكسون من ولاية واشنطن ودانيال باتريك موينهان من ولاية نيويورك، قبل أن يصبح جمهوريا ومؤيدا لريغان خلال حملته لمنصب الرئيس العام .1980 وعينه ريغان في عدد من المناصب في وزارة الخارجية في الثمانينات.

وكان من بين الأعضاء السابقين في هيئة موظفي جاكسون الذين تم تعيينهم في طاقم السياسة الخارجية في حكومة ريغان، من المحافظين الجدد، بول وولفويتز، ريتشارد بيرل، فرانك غافني، تشارلز هومر، بن واتنبيرغ. وقد ساهموا بوضع سياسة خارجية تدعو إلى الدفاع عن حقوق الإنسان كغطاء لسياسة التدخل العسكري والسياسي في شئون الدول. وتم تعيين أبرامز في منصب مساعد وزير الخارجية لشئون حقوق الإنسان، إذ قام من خلال منصبه بإدارة عمليات سرية لدعم الكونترا بدعوى حقوق الإنسان. ثم تم تعيينه مساعدا لوزير الخارجية لشئون أميركا الجنوبية على رغم أنه لا يملك أية خبرة فيها كما أنه لا يتكلم اللغة الإسبانية التي تتحدث بها القارة الجنوبية، كما هو الحال فقد تم تعيينه في عهد بوش الابن مسئولا عن المنطقة العربية وهو لا يملك أية خبرة فيها سوى أن لدى عائلته اليهودية ارتباطا بـ "إسرائيل"، وكتاباته في مجلات تابعة إلى المحافظين الجدد وارتباطاته باليمين الصهيوني.

وخلال عمله في حكومة ريغان كان أبرامز حلقة الوصل بين ذوي التوجهات العسكرية في مجلس الأمن القومي وبين موظفي الدبلوماسية العامة في وزارة الخارجية والبيت الأبيض والمؤسسة القومية للديمقراطية "نيد" لخلق سلسلة من مجموعات المحافظين الجدد الواجهة المسيطر عليها وتضم أعضاء من الحزبين الأميركيين الرئيسيين: الجمهوري والديمقراطي، لحشد التأييد الشعبي لسياسة التدخل في أميركا الوسطى، مثل لجنة الخطر الراهن والتحالف من أجل السلام من خلال القوة، ومشروع الديمقراطية في أميركا الوسطى الذي كانت تموله المؤسسة القومية للديمقراطية.

وفيما يتعلق باعترافه بأنه ضلل الكونغرس بخصوص مساعدة الكونترا، دافع أبرامز عن نفسه بقوله إنه كان يتبع سياسة الإدارة آنذاك. وقال أيضا إنه كان ضحية لإساءة استخدام السلطة من جانب المدعي الخاص، وهو ما فهمه الديمقراطيون فيما بعد خلال توجيه الاتهام إلى الرئيس بيل كلينتون. ويذكر أنه مرتبط بعلاقات عائلية مع حركة المحافظين الجدد. فأم زوجته راشيل هي ميدج ديكتر وزوج أمها هو نورمان بودهورتز. وهما من كبار شخصيات حركة المحافظين الجدد ومن النقاد المتشددين لاتجاهات الثقافة الليبرالية.

وعندما كان يترأس مركز الأخلاق والسياسة العامة قال إن حقوق الإنسان يجب أن تكون "أداة لسياسة" الحكومة الأميركية. إذ عمل بشكل وثيق مع نيويت غينغريش "الرئيس الجمهوري السابق لمجلس النواب الأميركي" ومع الجمهوريين في الكونغرس، وقد عمل مركزه مع التحالف المسيحي ومركز أبحاث الأسرة، لتشكيل لجنة دائمة تركز على الاضطهاد الديني، إذ كانت الدول الرئيسية المدرجة على القائمة في مناقشات الكونغرس الصين، السودان، كوريا الشمالية، كوبا، لاوس، السعودية وإندونيسيا، وتوجيه إدانات إلى الدول الإسلامية كافة وأصبح أبرامز العضو المؤسس للجنة وعمل رئيسا لها حتى منتصف العام 2001 عندما انضم إلى حكومة بوش الأولى.

كيف يعيش اليهود في أميركا مسيحية

إن واحدا من المواقف الكثيرة الغريبة للتحالف المسيحي اليميني المحافظ الذي يدعم الحزب الجمهوري ويشكل العمود الفقري لحكومة بوش الثانية هو أن الكثير من المسئولين الحكوميين المحافظين يتميزون بالتطرف في مواقفهم وسياساتهم، فيما يتهمهم البعض بالعنصرية، وكما قال أبرامز الذي يجادل في كتابه الذي ألفه قبل نحو سبع سنوات بعنوان: "الإيمان أو الخوف: كيف يمكن لليهود العيش في أميركا مسيحية" ضد قيام اليهود بممارسة مواعيد غرامية أو حضورهم مدارس ابتدائية مع غير اليهود، وضياع الإيمان الديني بين اليهود وينتقد الزواج المختلط على أنه خطر على استمراريتهم في أميركا "إنه لا يمكن خارج أرض "إسرائيل" أن يكون هناك شك في أن اليهود المخلصين للميثاق الذي اتخذه الله على إبراهيم أن يقفوا بعيدين عن الأمة التي يعيشون فيها. إن طبيعة كونك يهوديا هو أن تكون منفصلا -إلا داخل "إسرائيل" - عن بقية السكان". والديانة اليهودية طبقا لأبرامز تتطلب "الابتعاد"، ليس بمعنى حصر الشخص في غيتو فعلي ولكن ينبغي اتخاذ جميع الإجراءات لمنع "التعرض لفترة طويلة وحميمية للثقافة غير اليهودية". كما حث اليهود على المشاركة والعمل مع المسيحيين الإنجيليين على دعم "إسرائيل". غير أن أبرامز يحرص على أن يؤكد أن مواقفه لا تتضمن أي "عدم ولاء" للولايات المتحدة، ولكنه في الوقت نفسه يصر على أن اليهود يجب أن يكونوا مخلصين لـ "إسرائيل" لأنهم "في ميثاق دائم مع الله ومع أرض "إسرائيل" وشعبها. والتزامهم لن يضعف إذا اتبعت الحكومة الإسرائيلية سياسات غير شعبية". ويصف أبرامز نفسه في كتابه المثير للجدل بأنه "يهودي ملتزم نوعا ما ومحافظ".

كما أن أبرامز معارض متشدد لاتفاقات أوسلو بين "إسرائيل" وياسر عرفات، حتى في الوقت الذي كانت تبدو أنها تؤتي ثمارها. وكتب في التسعينات ان كلينتون أخطأ بالثقة في عرفات. ودافع عن موقفه منذ بداية حكومة بوش، إلى أن أصبح هذا موقف بوش في شهر يونيو/ حزيران .2002

وعرض أبرامز في الفصل الخاص بالشرق الأوسط في البرنامج السياسي الذي وضعه مشروع القرن الأميركي الجديد في العام ،2000 عقيدة "السلام من خلال القوة" والتي أصبحت المبدأ العملي لحكومة بوش. وكتب أبرامز إن "قوتنا العسكرية والرغبة في استخدامها ستظل عاملا رئيسيا في مقدرتنا لتشجيع السلام. إن تقوية "إسرائيل"، حليفنا الرئيسي في المنطقة يجب أن تكون القضية المركزية لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وينبغي ألا نسمح بإنشاء دولة فلسطينية لا تدعم بصورة واضحة السياسة الأميركية في المنطقة".

وكتب أبرامز مشيرا إلى سياسة حكومة بوش تجاه المنطقة "إن المصالح الأميركية لا تكمن في تقوية الفلسطينيين على حساب الإسرائيليين تاركين سياستنا الكلية في تأييد وتوسيع الديمقراطية وحقوق الإنسان أو دعم كل الأهداف السياسية والأمنية الأخرى لإنجاح عملية السلام العربية الإسرائيلية".

ويشير أبرامز مثل بقية الصهاينة اليمينيين الآخرين إلى الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليس بما هو كما يحاول البعض تصويره صراعا من أجل أرض فلسطينية محتلة بل "صراعا عربيا إسرائيليا"، مشيرا بصورة ضمنية إلى أن دعم الولايات المتحدة لـ "إسرائيل" يقتضي سياسة خارجية تجابه كل الدول العربية.

وفي شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2000 كتب أبرامز "بعد عقد من خداع النفس، فإن اليهود الأميركيين يجب أن يواجهوا الحقيقة... إن القيادة الفلسطينية لا تريد السلام مع "إسرائيل"، وإنه لن يكون هناك سلام" ودافع منتقدا المنظمات اليهودية الأميركية التي يصفها بالحمائم لدعمها عملية التسوية. وقال: "إن سنوات من الضغط الأميركي على "إسرائيل" يجب أن تنتهي".

وفي أعقاب انتخاب شارون رئيسا للحكومة الإسرائيلية كتب أبرامز "إن شارون جسد أسلوبا جديدا من الحزم ومقاومة العنف أو التهديد بالعنف" مشبها عودة شارون بعودة ونستون تشرشل إلى الحكومة البريطانية عندما كان وجود بريطانيا مهددا.

واجتمع بوش بترتيب من أبرامز، مع زعماء المنظمات اليهودية الأميركية الرئيسية بما فيها منظمة "إيباك" التي تمثل اللوبي اليهودي - الإسرائيلي لكي يطمئنهم إلى أنه كلما كانت الدبلوماسية الأميركية أكثر تأكيدا فيما يتعلق بالصراع العربي - الإسرائيلي، فإن ذلك لا يعني بأية صورة من الصور أن ذلك إشارة إلى أن حكومته تتراجع عن تأكيداتها السابقة تجاه أمن "إسرائيل". ويذكر أن أبرامز كان عضوا في المجلس الاستشاري للجنة اليهودية الأميركية.

ومع تصاعد أعمال القتل والقمع الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، كان أبرامز أكثر المدافعين عن منح الكيان الصهيوني دعما ومدى أكبر لمواجهة العمل الفدائي. كما وقف بحسب ما يشير مساعدوه ضد "خريطة الطريق" التي كان باول قدمها بزعم أنها لا تجعل الأمر واضحا بدرجة كافية فيما يتعلق بإقصاء عرفات، وأنه يجب توقف العمل الفدائي فورا، قبل أن تقدم "إسرائيل" تنازلات لا يمكن التراجع عنها بخصوص الانسحاب من الأراضي الفلسطينية. وذكرت مصادر دبلوماسية أن أبرامز أبلغ سفراء دول الاتحاد الأوروبي الذين التقاهم في البيت الأبيض قبل نحو شهرين أن خريطة الطريق عفا عليها الزمن وأن حكومة بوش تؤيد خطة شارون لفك الارتباط في غزة.

وتقول ميراف وورمسر مديرة برنامج الشرق الأوسط في معهد هدسون وزوجة ديفيد وورمسر المستشار لشئون الشرق الأوسط في مكتب نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، ومساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشئون نزع السلاح: "إن تعيين أبرامز إشارة إلى أن المتشددين في حكومة بوش يلعبون دورا أكثر مركزية في صوغ السياسة". زاعمة أن "المتشددين مجموعة فريدة من نوعها. فالصقور في الحكومة هم في الحقيقة أناس يعتبرون أكبر المدافعين عن الديمقراطية والحرية في الشرق الأوسط". في إشارة إلى أن فكرة تشجيع الديمقراطية هي أفضل سبيل لضمان أمن الكيان الصهيوني. ويجادل أصحاب هذه الفكرة بأن إيجاد فلسطين ديمقراطية وعراق ديمقراطي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على المنطقة كلها. ويذكر أن ميراف وورمسر على علاقة بالمخابرات الصهيونية إذ تشارك في مؤسسة "ميموري" التي تمول من الكيان الصهيوني ويديرها مجموعة من كبار الضباط العسكريين الإسرائيليين المتقاعدين، لمتابعة وترجمة ما ينشر في الصحافة العربية المناهضة للكيان الصهيوني والسياسة الأميركية وبثها في الولايات المتحدة.

وبعض الخبراء والمسئولين الأميركيين المعنيين بالمنطقة ممن لا يتفقون مع هؤلاء المؤيدين للكيان الصهيوني يشيرون إليهم كـ "عصابة سرية" على حد تعبير مسئول أميركي سابق. فهم لا يخفون صداقتهم وارتباطاتهم أو ولاءهم للصهاينة.

وأحد معلمي أبرامز هو ريتشارد بيرل، الرئيس السابق لمجلس سياسة الدفاع في البنتاغون الذي قاد مجموعة دراسية من بينهم وكيل وزارة الدفاع للشئون السياسية حاليا دوغلاس فايث، وديفيد وورمسر، اقترحت على رئيس الحكومة الصهيونية السابق بنيامين نتنياهو في العام 1996 بأن يتخلى عن اتفاقات أوسلو وأن يرفض الأساس الذي قامت عليه وهو فكرة "مبادلة الأرض بالسلام". وأنه "يجب على "إسرائيل" أن تصر على اعتراف العرب بادعائها بأرض "إسرائيل" التوراتية ويجب عليها التركيز على إزاحة الرئيس العراقي صدام حسين"!

وكتب فيث الكثير عن قضية الصراع العربي الصهيوني طيلة سنوات مجادلا بأن للكيان الصهيوني حقا مشروعا بادعاء أراضي الضفة الغربية كما له الحق في الأصل بالأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1948 التي كانت خاضعة للانتداب البريطاني. وهو ما سبق أن ردده وزير الدفاع دونالد رامسفيلد في تعليق لم يلاحظه إلا القليل من موظفي البنتاغون في شهر أغسطس/ آب 2002 عن "الأراضي المحتلة" عندما قال: "ما يدعى الأراضي المحتلة" وقال رامسفيلد: "كانت هناك حرب في العام 1967 وحثت "إسرائيل" البلدان المجاورة على ألا تتدخل... وكلهم تدخلوا وفقدوا الكثير من الأرض لأن إسرائيل سادت في ذلك الصراع. وفي فترة التدخل أقاموا بعض المستوطنات في بعض أجزاء المنطقة التي يطلق عليها بأنها محتلة والتي كانت نتيجة حرب وكسبوها"

العدد 890 - الجمعة 11 فبراير 2005م الموافق 02 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً