أعلن لبنان الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام، وإقامة مأتم وطني على رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، الذي قتل أمس بانفجار سيارة مفخخة في منطقة الفنادق "التي شهدت انطلاق الحرب الأهلية". وأفادت معلومات لبنانية رسمية ان المحصلة الأولى لقتلى الانفجار بلغت 15 شخصا وإصابة 135 آخرين.
وبعث رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة برقية تعزية الى رئيس الوزراء اللبناني عمر كرامي، معبرا عن صادق تعازيه للحكومة والشعب اللبناني. ووصف وزير الدولة للشئون الخارجية وزير الإعلام محمد عبدالغفار اغتيال الحريري بالجريمة الإرهابية، وقال في تصريح لـ "الوسط": "لقد تأثرنا كثيرا بهذا الحادث المؤسف وخصوصا أن لبنان يمر بفترة من الاستقرار السياسي والأمني والتنمية على الأصعدة كافة". واضاف "إن هذا الحادث إرهابي يستهدف أمن واستقرار لبنان بالدرجة الأولى".
وكان الحريري زار البحرين على هامش افتتاح الملتقى والمعرض الإسلامي الحادي عشر الذي استضافته المنامة من 5 وحتى 9 من شهر فبراير/شباط الجاري.
وكان الانفجار وقع قرب فندق "سان جورج" غرب بيروت. وقال مستشفى الجامعة الأميركية إنه استقبل جثة الحريري وكانت مشوهة.
وذكرت قناة "الجزيرة" أن جماعة مجهولة تطلق على نفسها "النصر والجهاد في بلاد الشام" تبنت عملية الاغتيال، بسبب علاقة الحريري مع السعودية.
إلى ذلك، أدان الرئيس السوري بشار الأسد - في اتصال هاتفي مع نظيره اللبناني إميل لحود - الحادث، معتبرا إياه "عملا إجراميا رهيبا". ومن جانبه، اعتبر لحود الاعتداء "علامة سوداء في تاريخنا الوطني"، مشيرا إلى أنه استهدف "السلم الأهلي والاستقرار" في لبنان. المعارضة اللبنانية حملت كلا من "السلطة اللبنانية والسلطة السورية مسئولية هذه الجريمة".
وفي حديث مع طالبة بحرينية تدرس في بيروت قالت: ان "الدراسة توقفت تماما" في أعقاب اعلان اغتيال الحريري.
الوسط - وليد نويهض
ليس المهم تحديد اسم الطرف الذي يقف وراء حادث اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري. فالمسألة أكبر من تعيين الجهة لأن تداعيات حادث الاغتيال ستزيد من نسبة عناصر تدويل الموضوع اللبناني.
عادة الجهة التي تقف وراء مثل هذه الأعمال لا تعلن نفسها ودائما تترك المسألة للتكهنات لأن القضاء لا يستطيع التوصل إلى اتهام طرف محدد بمسئولية الاغتيال.
ولبنان تعود كثيرا على لعبة تضليل الرأي العام في حوادث سابقة. وهناك اغتيالات كثيرة وقعت في الماضي وحتى الآن لم يتوصل القضاء إلى تحديد الطرف المسئول عنها.
من اغتال الحريري؟ سؤال من الصعب الاجابة عنه لا اليوم ولا في المستقبل. فكل جهة ستتهم جهات أخرى ومختلف الأطراف ستطلق سهامها على زوايا متعددة حتى يتلاشى التحقيق ويتجه في طرقات مختلفة.
ليس المهم معرفة الجهة التي تقف وراء حادث الاغتيال لأن الاهم الآن هو تحديد الاتجاهات التي ستذهب نحوها المسألة اللبنانية في وقت يضغط مجلس الأمن على الدولة للإسراع في تطبيق القرار الدولي .1559 فمنذ صدور القرار توترت الاجواء اللبنانية ودخلت الساحة في انقسامات سياسية حادة زادت من امكانات تدخل الدول الكبرى في الشئون الداخلية.
الحادث إذا يصعب فصله عن السياق العام للقرار 1559 وبالتالي فان اغتيال الحريري فتح الملف اللبناني على احتمالات المزيد من التدويل وربما استدعى تدخل القوى الكبرى أكثر في الشأن المحلي الأمر الذي يطرح أسئلة كثيرة متعلقة بتلك النقاط التي طالب مجلس الأمن بتطبيقها خلال فترة قصيرة وفي طليعتها الوجود السوري وما يتصل به من ملفات تتجاوز حدود لبنان إلى دائرة أوسع.
الوسط - تمام أبوصافي
قالت طالبة بحرينية تدرس في بيروت إن الدراسة توقفت تماما في الجامعة العربية في بيروت في أعقاب إعلان اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
ووصفت فاطمة ناصر التي تواصل دراساتها العليا في تخصص الجغرافيا على مقاعد الدراسة في الجامعة العربية في اتصال لـ "الوسط" مشاعر الغضب والاستنكار التي بدت واضحة في الشارع اللبناني الذي تأثر بشكل عفوي نتيجة لهذه الجريمة.
وتقول فاطمة: "لقد سمعنا صوت الانفجار في تمام الساعة الثانية عشرة بتوقيت العاصمة اللبنانية بيروت. اعتقدنا في البداية انه اختراق لحاجز الصوت من قبل طائرة اسرائيلية كما كان يحدث في السابق لكن بدا الوضع يختلف في الجامعة إذ تم اغلاق جميع المكاتب في داخل الحرم الجامعي وإلغاء المحاضرات المقررة لنا في هذا اليوم. على الفور انتقلنا الى مكتب شئون الطلبة إذ شاهدنا من خلال شاشة التلفاز الإعلان عن عملية اغتيال للرئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري استهدفت الموكب الرسمي له في منطقة عين المريسه.
وتستطرد فاطمة بالحديث: "خرجنا من الجامعة قاصدين مكان اقامتنا في شارع "الكومودور" في منطقة الحمراء في بيروت، إذ اوقفنا احدى سيارات الاجرة التي عادة ما نستخدمها في انتقالنا من والى الجامعة. وعندما وصلنا الى منطقة الحمراء تفاجأنا بمشاعر الغضب والاستياء التي انتابت الناس هنا. كانت المحال التجارية اغلقت والناس بدأوا يشعرون بالغضب والاستياء. منهم من ردد الشتائم لهذه الجريمة البشعة ومنهم من قرر ان يهتف بحياة الحريري. الشارع هنا غاضب تماما".
اثناء حديثنا مع فاطمة كانت قد مرت مسيرة سلمية تهتف لحياة رفيق الحريري كاحدى ردود الفعل العفوية على هذه الجريمة.
كما عبرت شيخة ميدان التي تكمل هي الأخرى دراساتها العليا في نفس التخصص عن استيائها لجريمة اغتيال الحريري التي اعتبرتها استهداف لأمن واستقرار بيروت. فيما قللت شيخة من احتمالية عودتها هي وزميلتها الى البحرين بعد هذا الحادث المؤسف الذي هز مشاعر اللبنانيين والعرب جميعا.
تقول شيخة "هذه السنة الخامسة لي في الدارسة في الجامعة العربية في بيروت. بلا شك ان هذا الحادث اعاد الى اذهان اللبنانيين صور مسلسلات الاغتيال التي مرت بها بلادهم في سنوات ماضية. وبعد أن بدأت تنعم بالاستقرار وتحسن الظروف جاء هذا الحادث المؤسف لكي يعيد لبنان الى الوراء".
عواصم - وكالات
اغتيل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في انفجار ضخم استهدف موكبه بعد ظهر أمس في بيروت. ويتوقع أن تؤدي العملية إلى تداعيات كبيرة على الساحة السياسية اللبنانية، وخصوصا مع قرب الانتخابات العامة المقررة في ابريل/ نيسان المقبل.
ووقع الانفجار قرب فندق "سان جورج" غرب بيروت، وقال مستشفى "الجامعة الأميركية" انه استقبل جثة الحريري وكانت مشوهة، إضافة إلى 9 جثث لمرافقيه بعضها كان متفحما تماما، كما استقبل نحو 100 جريح، من بينهم الوزيران السابقان باسل فليحان وسمير الجسر.
وأسفر الانفجار الأقوى الذي شهدته بيروت منذ انتهاء الحرب الأهلية والتي كانت بدايتها في المنطقة نفسها عن تدمير واجهة فندق سان جورج وبنك "HSBC" واحتراق الكثير من السيارات وانقطاع الكثير من خطوط الهاتف. وذكر "تلفزيون لبنان" الرسمي أن أكثر من 350 كيلوغراما من المواد المتفجرة استخدمت في الاعتداء. في وقت ذكرت قناة "الجزيرة" أن جماعة مجهولة تطلق على نفسها "النصر والجهاد في بلاد الشام" تبنت عملية الاغتيال، مشيرة إلى ان المتحدث باسم الجماعة كان لا يتحدث لغة عربية سليمة.
إلى ذلك، دعت المعارضة اللبنانية جميع أركانها وفعالياتها إلى عقد اجتماع في منزل الحريري. كما تقرر أن يعقد مجلس الوزراء جلسة طارئة عقب اجتماع استثنائي يعقده حاليا المجلس الأعلى للدفاع برئاسة الرئيس اميل لحود، وذلك للإسراع باتخاذ الإجراءات المناسبة للجريمة.
وعلى صعيد متصل، أدانت المفوضية الأوروبية في لبنان بشدة الاغتيال، ووصفته بأنه "اعتداء وحشي شنيع". كما استنكرت طهران الاعتداء، ودعا المتحدث باسم الخارجية حميد رضا آصفي الشعب اللبناني إلى "اليقظة إزاء مؤامرات الأعداء والحفاظ على أمن واستقرار بلدهم".
ومن جانبها، أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية على تحميل سورية المسئولية، زاعمة بأن الحريري كان بين معارضي السيطرة السورية في لبنان. كما أدان البيت الأبيض الحادث، مؤكدا أن الشعب اللبناني يجب أن يكون قادرا على بناء مستقبله "بحرية من دون الاحتلال السوري". فيما طالبت الرئاسة الفرنسية في بيان بـ "تحقيق دولي" لكشف الملابسات. وعلى الصعيد العربي، نعى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الحريري، مؤكدا أنه يدعو الله أن "ينقذ لبنان من هذه الفتنة". ومن جانبه أدان الرئيس السوري بشار الأسد الاغتيال، معتبرا أنه "عمل إجرامي رهيب". وقال وزير الإعلام السوري مهدي دخل الله ان اغتيال الحريري "يوم أسود لسورية ولبنان"، مشيرا في تصريح لـ "الجزيرة" إلى أن توجيه أصابع الاتهام لدمشق هو "إزاحة الضوء عن الفاعل الحقيقي الذي هو عدو لبنان". وكان الحريري أعلن قبل مقتله بأنه سيواصل معركته من أجل تعديل مشروع قانون الانتخابات، وخصوصا فيما يخص "تقسيمات بيروت" وتحقيق التوازن في هذا الجانب.
ومن جهة أخرى، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي جاك شيراك خلال اجتماع أمس مع وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم في قصر الاليزية أن مسألة حزب الله "معقدة" وينبغي بحثها "بجميع أوجهها"
العدد 893 - الإثنين 14 فبراير 2005م الموافق 05 محرم 1426هـ