قبل عام، وفي مثل هذه الليالي، وفي هذا المكان، قابلت رجل الدين المعروف السيدحيدر الستري يحمل الريشة ويرسم لوحات عن كربلاء، وأثار رغبة حب الاستطلاع لدي، فأجريت لقاء خاصا، دار عن الفن والمدارس الفنية وتجربته الشخصية مع الرسم. كان فنانا ومدرسا للرسم، ومن هذه الخلفية انطلق للمشاركة في أحد أنشطة فعاليات الموسم: المرسم الحسيني.
هذا العام، وفي مساء الاثنين الماضي، كان لنا لقاء مع ثلاث من بناته، كلهن فنانات، فيما كانت البنت الرابعة الأصغر رؤيا "9 سنوات" نائمة على كرسي في جانب من جوانب المرسم.
جاءت الفتيات بكراسة صغيرة مرسومة للتلوين، لتوزيعها في المرسم الحسيني، ووصلتني نسخة منها، بينما كنت أطوف مستطلعا الجديد في المعرض، سألتهن أولا عن فكرة الكراس الصغير، فقالت البنت الصغرى غدير حيدر الستري "رسامة كاريكاتير": "لما رأينا تأثر الأطفال كثيرا بالرسوم المتحركة، فقلنا لابد أن نعمل شيئا بالمقابل. مثلا في القرطاسية نرى دفاتر تلوين أميركية ويابانية، وهي تطرح مفاهيم تختلف عن المفاهيم التي تربينا عليها ونريد أن نربي أطفالنا عليها. باربي الأميركية بعيدة عن أفكارنا ومجتمعنا، وهذه الكراسة الصغيرة مجرد مشروع صغير نقدمه مقابل الأشياء الدخيلة.
أود أن أسألكن - كممارسات للفن - هل الفن مسألة وراثية؟
- أجابت البنت الوسطى بتول "مصممة برامج" قائلة بثقة: نعم، وراثة، فأبونا فنان، وعندنا في العائلة عدة رسامين، أختي الكبيرة فنانة أيضا، ونحن نطور أنفسنا شيئا فشيئا في هذا المجال. حتى أخونا الوحيد حسن "23 سنة"، فنان، ولكن في مجال التصميم وبرامج الفوتوشوب، ويمارس الرسم بدرجة معينة.
هل كانت لكن مشاركات أخرى؟
- أختي الكبيرة شاركت في المرسم الحسيني العام الماضي، وكذلك أختي غدير، ولكن هذا الكتيب هو أول مشروع مشترك بيننا.
كيف تعرفتن على المرسم؟
- عن طريق الوالد كونه من أعضاء المرسم ويشارك بالرسم.
هل عززتن الفن بالدراسة؟
- أجابت بتول: في البداية كانت المسألة هواية، ولكن في المدرسة الثانوية استفدت كثيرا من توجيهات وإرشادات مدرسات التربية الفنية، إذ كنا نرسم على الورق والزجاج، كذلك الوالد كان يوجهنا.
وهل كان يتسع وقته كرجل دين لتوجيهكن فنيا؟
- نعم، أراه يهتم بعمله كرجل دين، ثم بدراستنا، ثم بتنمية هواياتنا، يرتبها بحسب الأولويات، وأية نواقص لدينا كان يحاول أن يوجهنا فيها، وإذا رآنا نمارس الرسم أحيانا بحيث يكون على حساب الدراسة كان يوجهنا.
أضافت غدير: كنت أتصور مستقبلي في الفن، فكان يعلمنا أن الرسام لابد أن يكون مستوعبا للحياة ومثقفا لكي يقدره الناس.
عادت بتول لتقول: ان يكون مثقفا ليستخدم رسومه كوسيلة ويكون لفنه معنى، الفنانون الغربيون بعضهم استخدم الفن للربح التجاري، ونحن لابد أن نستخدم الفن كوسيلة ورسالة في الحياة. الفن شيء جميل، ولابد أن نخرج منه شيئا جميلا وتوظيفه للأهداف السامية في الحياة.
المعروف أنكن عشتن في الغربة، ماذا أضافت لكن هذه التجربة؟
- عشنا في الغربة متنقلات بين إيران ولندن وسورية حتى عدنا إلى البحرين. ومثلما أفادتنا الغربة فإن لها سلبيات، عندما عدت إلى وطني أحسست بأنني جزء من مجتمعي، وعدت إلى أهلي. هناك تعيش ولا تدري من أنت وإلى من تنتمي. مع ذلك الغربة تعلم الإنسان أشياء كثيرة، كما تعلمه على تحمل المسئوليات.
وهل من مشروع في الطريق؟
- نفكر بمشروع آخر لشهر رمضان لأنه طويل، بينما موسم عاشوراء قصير...
مثل ماذا؟
- كإصدار كراسات تلوين وتقاويم، وكراسة التلوين تكون أكثر تطورا وتتضمن ألغازا وألعاب ذكاء لتشد الصغار.
الأخت الكبيرة قدسية السيدحيدر الستري، كانت طوال فترة الحديث تحتضن أختها الأصغر النائمة وتنصت لما يقال، درست بجامعة بورتسماوث في بريطانيا أثناء فترة الغربة عن الوطن، وتواصل دراستها حاليا بالمراسلة، للحصول على شهادة ACCA، في أحد المعاهد في البحرين. سبق أن شاركت في المرسم الحسيني العام الماضي، تقول عن تجربتها الشخصية: في البداية مارست الرسم كهواية، ولم أمارسها بشكل هادف، فقط حاولت أن أصقلها من حيث التظليل والزوايا. ولكن بعد تجربتي في المرسم أحسست أن هناك توجيها أكثر، وعموما، اللوحات التي أرسمها أصبحت تتصل بالمعاني الإنسانية.
وماذا ستقدمين هذا العام؟
- هذه أول ليلة أحضر فيها إلى المنامة، إذ أسكن في سترة، وأنوي المشاركة، وعادة أضع رسما أوليا أعبر فيه عن فكرة معينة.
بالنسبة إلى أخواتك... هل تميزين بين رسوماتهن؟
نعم، بكل سهولة.
كيف؟
- لأن نمط الرسم يختلف بينهما، بتول تميل للرسم الكلاسيكي والتظليل، بينما غدير تهتم بالخطوط، وأهم شيء عندها أن تكون الرسمة واضحة
العدد 894 - الثلثاء 15 فبراير 2005م الموافق 06 محرم 1426هـ