العدد 919 - السبت 12 مارس 2005م الموافق 01 صفر 1426هـ

...1559 ما له وعليه

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

بدأ المبعوث الدولي تيري رود لارسن جولته "الشرق أوسطية" لمتابعة ما وصفه بتطبيق بنود القرار . 1559 الجولة ليست مديدة لأن لارسون مطالب من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بتقديم تقريره المفصل بشأن فقرات القرار ومدى التزام الأطراف المعنية بتنفيذها.

حتى الآن لا يعرف الجواب النهائي إلا أن دمشق أوضحت موقفها من المسألة حين أعلن الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه الذي ألقاه أمام مجلس الشعب بتاريخ 5 مارس/ آذار الجاري سحب القوات المسلحة وأجهزتها الأمنية من لبنان. فالرئيس السوري في مبادرته الاستراتيجية أربك الموقف الدولي - الإقليمي وسحب ذريعة قوية استغلتها واشنطن لزيادة ضغوطها على الحكومة السورية ودورها الإقليمي في لبنان. كذلك أوضح الرئيس السوري أن دمشق بقرارها ذاك تكون طبقت الجانب المتعلق بسورية وحملت الأمم المتحدة مسئولية التداعيات المتوقعة عن تنفيذ أو ما يتعلق باحترام ما تبقى من فقرات.

الكرة الآن في الجانب الدولي وكذلك على الدول الكبرى مسئولية تفهم الوضع اللبناني وتعقيداته وتداخلاته التي يصعب اختصارها بشعارات وبلاغات كلامية تتحدث عن "الديمقراطية" و"السيادة" و"الاستقلال" و"الحرية". فالمسألة أبعد من تلك الكلمات وما تعنيه من ألفاظ "حق يراد بها الباطل".

الموضوع إذا يتجاوز تلك المفردات وهو ذو صلة بالتوازنات الداخلية وقدرة الدولة على تحويل فقرات القرار إلى واقع. الدول الكبرى تعلم بأن لبنان لا يستطيع الدخول مجددا في متاهات إقليمية ولا يتحمل مسئوليتها السياسية والمعنوية. فالوجود الفلسطيني في هذا البلد الصغير تتحمل مسئوليته الحركة الصهيونية و"إسرائيل"، وبيروت دفعت ثمن تلك النكبة التي أنزلتها الأمم المتحدة بعد قرار تقسيم فلسطين وطرد جزء من الشعب إلى دول الجوار. فالمشكلة الفلسطينية ليست لبنانية أساسا وإنما هي - والأمم المتحدة على علم بالأمر - ناتجة... عن قضية فشلت دول العالم في حلها أو في إقناع "إسرائيل" بضرورة المساهمة في حلها في ضوء قرار دولي صادر عن مجلس الأمن وينص على عودة النازحين إلى ديارهم وتعويضهم.

قرار 1559 يطلب من لبنان معالجة مشكلة مزمنة مضى عليها أكثر من 50 عاما وتتحمل "إسرائيل" ومن يدعمها من الدول الكبرى ويعزز قدراتها المالية والعسكرية ويشجعها على مخالفة القرارات الدولية مسئوليتها. المشكلة بدأت في فلسطين وعلى الدول الكبرى ان تبحث في إيجاد مخارج قانونية لها تنتهي في فلسطين وليس لبنان. فحق العودة يجب ألا يغيب من المعادلة وألا يخلط هذا الأمر بمسائل أخرى لها صلة بالتعامل الإنساني والأخوي مع المخيمات الفلسطينية.

قرار 1559 يخلط النقاط ويضع كل أوراق المسألة الفلسطينية في سلة واحدة ويطالب دولة لبنان بحل مشكلة "تجريد المخيمات من الأسلحة" بينما المطلوب الضغط على تل أبيب وإجبارها على تنفيذ قرارات دولية مضى على بعضها أكثر من 50 سنة.

هذا لا يعني أن لبنان غير معني بالمسألة من جانبها الإنساني وحق الفلسطينيين على البلاد وهم قوة اقتصادية وعاملة أسهمت في فترات زمنية في تطوير وإعمار وازدهار البلد. المطلوب في هذه المسألة توضيح الملابسات وفرز الألوان حتى لا يطلب من لبنان الدخول في حل مشكلة غير مسئول أصلا عن إنتاجها.

الأمر نفسه ينطبق على موضوع حزب الله. فهذا الحزب لبناني الأصل والفصل والتكوين وتحديد مهماته وبرنامجه المقبل مسألة لبنانية داخلية لا يحق للدول الكبرى ممارسة سياسة تدخلية لقلب التوازنات وتخريب العلاقات وتمزيق النسيج الاجتماعي للبلد الصغير إرضاء لطموحات "إسرائيل" وأطماعها في مياه لبنان وخيراته. فحزب الله شأن محلي وعلى القوى اللبنانية بمساعدة الدولة ومشاركة الهيئات المعنية بالموضوع الجلوس سويا لبحث تعقيدات المسألة، لأن الخطأ في هذا الموضوع يساوي احتمال عودة فرقاء الطوائف إلى مشاحنات داخلية لا معنى لها ولا تفيد سوى تل أبيب.

سورية نفذت الشق المتعلق بها وما تبقى منه مسألة وقت يمكن دراسة تفصيلاته التقنية والزمنية بين دمشق ودول مجلس الأمن. أما تلك الفقرات المتعلقة بالجانب اللبناني الداخلي فيجب فعلا أن تترك للداخل اللبناني لدراستها ومعالجتها وفق الإمكانات وبحسب ما تقتضيه ضرورات المصلحة الوطنية. وهذا لا يتم من دون حوار بعيدا عن رقابة مجلس الأمن والسياسة التدخلية "التقويضية" للدول الكبرى المسايرة عموما لمزاج "إسرائيل" وتوسعها الذي لا حدود جغرافية له

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 919 - السبت 12 مارس 2005م الموافق 01 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً