العدد 935 - الإثنين 28 مارس 2005م الموافق 17 صفر 1426هـ

أليس منكم رجل رشيد؟

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تداعيات مسيرة سترة مازالت في بداياتها، والمؤسف أن عددا من الأطراف بدت وكأنها "تحن" إلى أساليب الماضي في التأليب والتحريض ضد هذا الطرف أو ذاك. والسؤال الذي سيتبادر إلى أذهان الكثيرين منا - لو سكتنا وتركنا الأمور تسوء - لماذا لم نتحرك لنمنع حدوث السوء؟ ولماذا لم نتحرك لإصلاح ذات البين؟ وهل كان في مختلف الأطراف المعنية "رجل رشيد" يرشد الساحة ويوجهها إلى ناحية الأمان؟

هذه الأسئلة ستنهال علينا في حال ركن كل واحد منا إلى موقعه تاركا الحبل على الغارب وكأن الموضوع لا يعنيه. هذه الأسئلة وأكثر منها سيسألها أبناؤنا في المستقبل "لو فشلنا في دورنا" الذين سيتحدثون عنا كما لو أننا أجساد من دون عقل، وكما لو أننا خلقنا من دون آذان تسمع وتصغي، أو عيون لا ترى، أو ألسن لا تنطق بالخير، أو سواعد لا تبني الوطن وانما تهدمه، أو أقلام تشوش الفكر بدلا من إنارة الطريق.

البعض اتخذ من الصمت "ملاذا" له، أو هربا من المسئولية، أو خوفا من التصريح برأيه فيخسر بذلك جمهوره أو يخسر موقعه لدى الجهات الرسمية. البعض وجد أن هناك من ورطه في قرار ليس له فيه ناقة ولا جمل، والبعض يرى أن رأيه من عدمه متساو أمام تعقد الظروف، ولذلك فالأفضل الانتظار حتى تنفك الأمور بطريقة ما على اساس "ما لنا والدخول بين السلاطين"... فهو ليس من أصحاب سلطان الدنيا أو سلطان الدين. أما البعض الآخر فراح يحرض الحكومة على المعارضة لحاجة في نفس يعقوب، وآخرون "بعض المعارضين" فرحوا جدا بما حدث وبما سيحدث "لو تنازل الجميع عن دوره" لأنهم الآن يستطيعون رفع صوتهم عاليا: "ألم نقل لكم إن الإصلاح كان خدعة"!

المشكلة أنه ليس لدينا وقت لكل المذكورين أعلاه، فالصامت منهم، أو الصارخ، أو الشامت، أو المحرض، سلبيون ومشاركون في تأصيل الأساليب السلبية والسيئة في العمل الوطني الذي لا يبني وطنا. إننا - كبحرينيين - مسئولون تجاه بعضنا بعضا، ومن يتصور أن مشروع الملك الإصلاحي غير حقيقي فهو واهم، ومن يتصور أن ضرب "الوفاق" أمر جيد فهو واهم أيضا.

لقد ضاعت فرصة توافرت في الليلة التي سبقت مسيرة الجمعة "مساء الخميس" لفتح قناة للحوار مباشرة ما بين أعلى الهرم السياسي وبين الرموز الدينية ذات التأثير في الشارع السياسي الشيعي. فلقد كانت المعارضة تشتكي من أن الحوار تم إغلاقه بعد أن فتح على استحياء وبصورة غير مقبولة مع وزارة العمل والشئون الاجتماعية آنذاك، وكانوا يطالبون بفتح قناة أكثر جدية لإيصال المطالب. ولكن الفرص قد تتوافر مستقبلا فيما لو تمكن الطرفان "المعارضة والسلطة" من ضبط إيقاع العمل السياسي. فالسلطة لن تقبل بأن تفرض عليها المطالب فرضا، ولن تقبل بالتهديد باستخدام الشارع "وهذه طبيعة السلطة في كل زمان ومكان". كما أن المعارضة لن تقبل بتوجيه مطالبها إلى آلية تختلف هي أساسا عليها، وعليه فإنه يجب علينا ألا نعدم الوسيلة مادامت النوايا الأساسية سليمة.

إنني من المعتقدين بالنوايا السليمة للمعارضة، ومن المعتقدين أيضا بجدية المشروع الإصلاحي لجلالة الملك. وحتى لو اختلف بعضنا على تفاصيل هنا أو تفاصيل هناك، فإن جلالة الملك كرر كثيرا، وأمام الملأ، أنه لا عودة إلى الماضي... وأنا من المساندين للمشروع الإصلاحي، ولذا أؤمن بضرورة إنجاحه. وفي اعتقادي، ان من أهم عوامل إنجاحه إزالة سوء الفهم، وضبط إيقاع الساحة السياسية، وفتح قنوات جادة للحوار بشأن مختلف قضايا الشأن العام بين الملك مباشرة والرموز والقيادات ذات التأثير المباشر على الساحة.

أقول قولي هذا لأبرئ نفسي من كل الممارسات السلبية من مختلف الأطراف، وأدعو الجميع للوقوف مع مشروع الملك، كما أأمل من القيادة السياسية عدم الاستجابة للسلبيين بمختلف أصنافهم، فهم لا ينفعون مستقبل البحرين في شيء

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 935 - الإثنين 28 مارس 2005م الموافق 17 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً