العدد 2403 - السبت 04 أبريل 2009م الموافق 08 ربيع الثاني 1430هـ

التنشئة السياسية... الأدوات

تمارس المدرسة دورها التربوي والحيوي في التنشئة السياسية من خلال محتوى الكتب الدراسية، وخصوصا مادة الاجتماعيات ومادة المواطنة اللتين يتم التركيز فيهما على التثقيف السياسي، بالإضافة إلى قدرة وإمكانيات المعلم من حيث ثرائه أو فقره العلمي، وانتماءاته الاجتماعية والسياسية، وأسلوب تعامله مع التلاميذ، وطريقة التدريس المتبعة في المدارس من حيث التعويل على التلقين والاستظهار أو على النقاش والمشاركة والحوار والتفكير والبحث. ويساهم الأصدقاء أيضا سواء في نقل وتعزيز الثقافات السياسية الفرعية، أو في غرس قيم ومفاهيم وتصورات جديدة، فالفرد قد يصبح مهتما بالشئون السياسية أو متابعا للأحداث السياسية لأن أحد أو بعض رفاقه يفعلون ذلك. كما تلعب وسائل الإعلام دورا بالغ الأهمية في تشكيل وجدان وعقل الفرد وتنشئته سياسيا من خلال ما تقدمه من مواد وبرامج سياسية وثقافية أو ترفيهية ...إلخ. حيث تساهم في تكوين وبناء شخصية الفرد سياسيا واجتماعيا من خلال ما تنشره من معلومات سياسية ففي الدول المتقدمة تجد وسائل الإعلام تنشر المعلومات عن قرارات وسياسات النخب الحاكمة إلى الجماهير ومن ثم تنقل المعلومات عن مطالب الجماهير وردود فعل الجماهير إلى النخبة الحاكمة وهو ما يلعب دورا مهما في عملية التنشئة السياسية وتفعيل الحراك السياسي في المجتمع.

وتشارك الأحزاب السياسية بدرجات متفاوتة في تكوين رؤى المواطن نحو المجتمع والسياسة من خلال ما تنشره في صحافتها الحزبية أو ما تقوم به من نشاط سياسي أو تثقيفي لأفراد الحزب خصوصا، ولأفراد المجتمع عموما. بالإضافة إلى كل ذلك نجد أن الأحداث والمواقف والتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها المجتمع لها تأثيرات مهمة على عقلية ونفسية أفراده وتنشئتهم سياسيا. ولا يخفى علينا أخيرا دور المؤسسة الدينية في عملية التنشئة السياسية وذلك لما تتمتع به من هالة التقديس والإجماع العام على تدعيمها، فالدين له مؤسساته التي تعمل على تحقيق أهدافه وغاياته السامية، ولا يقف الدين عند حدود العبادات وإقامة الشعائر الدينية بل إن الدور الذي يقوم به في تنشئة الأفراد يكاد يعكس آثاره على بقية مؤسسات المجتمع الأخرى، إلا أن كل ذلك مرهون بكيفية استغلال المؤسسات الدينية واستخدامها، إذ لابد من استغلالها الاستغلال المناسب الذي يقوي اللحمة الوطنية ويعزز روح المواطنة والقيم والأخلاق بين أفراد المجتمع، لا أن يتم توظيفها من أجل شق الصف والوحدة الوطنية وتطويعها من أجل تحقيق مصالح سياسية خاصة لحزب أو فئة أو طائفة معينة.

ومن كل ذلك نجد إن مسئولية التنشئة السياسية الصالحة للفرد هي مسئولية الجميع، وخاصة مؤسسات المجتمع المدني والتي يتعين عليها أن تضع تكامل هذا المجتمع في صدر كل أولوياتها بعيدا عن التنشئة الطائفية والعنصرية أو القبلية، لأن الجيل المنشأ تنشئة سياسية ناجحة جيل متبصر بحقوقه وواجباته الوطنية. وحيث أن موضوع التنشئة السياسية موضوع حديث في دولنا النامية والتي غالبا ما تعاني من تنوعٍ عرقيٍ ولغويٍ وديني، فإنه لابد من أن تساهم الدولة في عملية التنشئة من خلال إنشاء المعاهد والمؤسسات التي تأخذ على عاتقها مسئولية التأهيل والتنشئة السياسية، والسماح للأحزاب السياسية بممارسة نشاطها السياسي لتفعيل الحراك السياسي في المجتمع، بالإضافة إلى تأهيل المعلمين في المدرسة والآباء في الأسرة ورجال الدين في المساجد والقادة السياسيين في الجماعات والأحزاب السياسية للمساهمة في التنشئة السياسية الصالحة، نظرا لما يلعبه المعلم والأب ورجل الدين والقائد السياسي من دور حيوي في هذا المجال، وتنقيح الكتب الدراسية ومراجعة رسالة الأسرة والمسجد والجمعية أو الحزب بما يتلاءم وهذه الأهداف سعيا نحو تعزيز الهوية الوطنية، ودمج النسيج الاجتماعي وتنشئة أفراد المجتمع تنشئة سياسية صحيحة.

معهد البحرين للتنمية السياسية

العدد 2403 - السبت 04 أبريل 2009م الموافق 08 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً