العدد 957 - الثلثاء 19 أبريل 2005م الموافق 10 ربيع الاول 1426هـ

دقت الساعة

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

في أحد المحال التجارية، لفتت ناظري "قطعتان آدميتان" - واعذروني لهذا الوصف إذ إلى تلك اللحظة لم أستطع التحقق جيدا من هويتهما - تتفحصان الملابس في الركن المخصص بالنساء في ذلك المحل الذي يجمع بين ملابس الجنسين وإن فصلهما بفاصل يفترض أنه ملحوظ من الجميع! بقيت لما يقارب النصف ساعة وأنا أراقب تلك "القطعتين الآدميتين" في محاولة يائسة مني في الحظي بمجرد التفاتة منهما ليقابلاني وجها لوجه فأفوز بالغنيمة في كشف هوية لا أظنني الوحيدة التي وقفت حائرة إزاءها!. .. حتى همت تلك القطعتان بالخروج وعيناي لم تغفل عنهما ولو للحظة متناسية كل الذين حولي والغرض الذي ذهبت من أجله إلى ذلك المحل حتى سمعت قهقهة من إحدى الآسيويات العاملات في المحل نفسه أفاقتني من غشوتي، ومن دون أن أطرح السؤال بادرتني بالإجابة التي لا تخلو من استغراب أيضا "كنا زمان نعرف هؤلاء بجنسياتهم فما إن نلمحهم يتمايلون ويدمدمون ببعض الكلمات حتى نعرف أنهم من دولة... أو ... من الدول الخليجية المجاورة الذين تغص البحرين بهم وخصوصا في الإجازات ولكن الآن بتنا نلمحهم في كل صوب ومكان لأنه يبدو أن أبناء البحرين اتبعوهم في هذا النهج حتى تكاثر عددهم بشكل ملفت للنظر"!

استمعت لكلامها وأنا مشدوهة مما أسمع... أيعقل أن يصل بنا الحال والانفتاح إلى درجة أن نتخلى عن هويتنا ونتشكل في هيئة "شاذة" يشمئز كل "رزين" من النظر إليها؟ وهل يعقل أن "الشاذين" في تزايد فعلا وهم من أبناء المملكة وليسوا دخيلين علينا؟... سمعت قصصا كثيرة عن هؤلاء حتى أصبحت عليمة بما لم أتوقع يوما بأني سأعلمه... ومع ذلك لم أتأثر وأقدر حجم "الكارثة" التي يبدو أننا مقبلون عليها أو وقعنا منذ زمن فيها وأنا غائبة عن الوعي إلا من خلال كلام تلك الآسيوية التي جاءت للعمل في ديارنا منذ فترة من الزمن!

وما زاد الطين بلة حديث آخر مع إحدى قريباتي، وهي مدرسة في إحدى مدارس البنين "الابتدائية" - وأضعها بين مقوستين كي تقدروا الوضع فقط - والمدرسة في قرية محافظة يعرف غالبية أهلها بالالتزام ولكن "كل محظور شاذ" يمارس فيها، ولا يخفى على كل بصير أن أوكار تلك الممارسات في الغالب تكون دورات المياه أو الصفوف الخاوية!... وإن أردتم أن تعرفوا ماذا يعرف أبناؤكم من أمور حرصتم على ألا يعرفوها كونها عيبا وحراما وهم مازالوا صغارا على معرفتها فلتقوموا بزيارة واحدة لدورات المياه في المدارس لتقعوا على ما ارتكبتموه في حقهم من جرائم ولتجمعوا ذلك في موسوعة ربما تفيدكم أنتم قبل غيركم!

الممارسات تلك لا نستثني منها جنسا دون آخر ولا فئة عمرية دون باقي الفئات، فهي منتشرة في أوساط الجميع، والشواهد كثيرا ما تناولتها الصحف في هيئة جرائم اعتداء واغتصاب شاذة تمارس على مختلف المستويات... والبحث في الأسباب يستدعي دراسة وتحليلا من جهات مختلفة فلا يمكن أن تكون الفضائيات وغياب الرقابة البيتية والمدرسية والانفتاح على الغرب والإنترنت والمواقع الإباحية وغيرها من الشماعات التي نعلق عليها أخطاءنا لنتنصل من مسئولياتنا في المشاركة فيها هي السبب الوحيد وراء ضياع هويتنا، ويكفينا التزامنا بـ "هذا ممنوع الكلام فيه كونكم صغارا" أو "عيب" من دون توضيح الأسباب لتكون أول جريمة نرتكبها في حق أنفسنا وحق أبنائنا وبالتالي مجتمعنا ووطننا... وها نحن نعيش تبعات ما مضى وما نعيشه وما هو آت إن لم نتدارك أنفسنا ونقتص بذرة "الميوعة" أو "الخشونة" التي زرعناها في غير موضعها حتى باتت تهدد أمتنا بكاملها... والسؤال: هل دنت الساعة؟ أم مازال هناك متسع من الوقت لتلاحق أنفسنا، أقصد "هويتنا"؟

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 957 - الثلثاء 19 أبريل 2005م الموافق 10 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً