العدد 962 - الأحد 24 أبريل 2005م الموافق 15 ربيع الاول 1426هـ

هل تأتي رياح التغيير بالمساواة للمرأة الخليجية؟

لا يكاد يمر اسبوع من دون أن نسمع عن اطلاق مبادرة هنا واستراتيجية هناك للنهوض بالمرأة الخليجية ودعم مشاركتها السياسية. ففي الكويت تقف الحكومة الكويتية بقوة نحو تشريع قانون يجيز للمرأة الكويتية المشاركة في التصويت والترشح والانتخاب. وكذلك الأمر في البحرين وقطر إذ تسير الجهود حثيثة لضمان مشاركة أوسع للمرأة في السياسة. أما في المملكة العربية السعودية تتعرض العائلة الحاكمة للكثير من الضغوط وخصوصا بعد أن استبعدت المرأة السعودية من عملية المشاركة في الانتخابات البلدية التي جرت هناك أخيرا. فهل يمكننا ان نتوقع ان تأتي رياح الخليج بالمساواة التي تشتهيها المرأة هناك؟ رئيسة قسم اللغة الانجليزية بالجامعة العربية المفتوحة، فرع الكويت، العنود الشارخ، وهي ايضا احدى السيدات الكويتيات الخمسمئة اللواتي وقفن محتجات خارج البرلمان الكويتي في السابع من مارس/ آذار، وطالبن بحقهن في المشاركةالسياسية. وقد دخلت الشارخ البرلمان في ذلك اليوم وطردت منه للسبب نفسه. ونشرت الشارخ كتابا عن المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي، وهي تعمل مع مؤسسة الشرق الأوسط ببريطانيا. تقول الشارخ انها ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الحكومة اشراك المرأة في الانتخابات. ففي العام 1999 حاول أمير الكويت إقناع نواب البرلمان من القبائل والإسلاميين المتشددين بذلك، اما هذه المرة فإنني أكثر تفاؤلا إذ أرى ان الحكومة نجحت في إدارة حملة إعلامية واسعة النطاق مستقطبة تأييد الكثير من الاسلاميين الذين كانوا يعارضون مجرد الفكرة. وتضيف الشارخ أن معارضة مشاركة المرأة في الكويت ليست بسبب النوع الاجتماعي "الجندر" ولكن النخبة تحاول ضمان مقاعدها في البرلمان من خلال تقليص عدد من لهم حق التصويت. والمشكلة الحقيقية في هذا البلد ان النساء انفسهن خانعات ومتأثرات بمواقف الرجال. والمرأة الكويتية موجودة في كل مكان ومشاركاتها واضحة، وأكبر دليل على ذلك هو ان مندوب الكويت لدى الأمم المتحدة امرأة، ولا يوجد اي مجال مغلق امام المرأة الكويتية سوى الجيش. وتؤكد على انه لا يوجد في الكويت تمييز على اساس "الجندر"، إذ نجد النساء يعملن في الحقول العلمية والتكنولوجية الى جانب الصحة والتعليم. وتشكل النساء نحو 60 في المئة من خريجي الجامعات. إلا إن الشارخ تعود وتؤكد على ان طريق المساواة لن يكون ممهدا امام المرأة وان على الحكومات اتخاذ اجراءات ومبادرات صارمة في هذا الخصوص. ونوهت بأنها متأكدة أن المجتمع الكويتي سيقتنع تدريجيا بجدارة النساء بمجرد تمكنهن من مواقع صنع القرار. وفي معرض حديثها استشهدت الشارخ بتجربة المرأة البحرينية التي لم تحظ بالنجاح في الانتخابات البرلمانية السابقة وكيف ان البحرينية تعمل في سبيل تطبيق نظام الحصص النسائية "الكوتا" في الانتخابات المقبلة مثلما حدث في اليمن. كما اشادت الشارخ بخطوة ملك البحرين الجادة للنهوض بالمرأة عبر اطلاق استراتيجية المرأة ضمن احتفالات يوم المرأة العالمي، والتي تهدف الى رفع ادراك المرأة السياسي وتشجيعها للمشاركة بشكل أكبر للوصول الى مواقع صنع القرار. وتؤكد فاطمة أحمد، من جمعية مدينة حمد النسائية، ما ذهبت إليه الشارخ بقولها: "إننا بحاجة الى دفعة قوية من صناع القرار وذلك بتطبيق الكوتا النسائية"، كما تؤكد اعجابها باطلاق استراتيجية النهوض بالمرأة البحرينية وتأمل في الوقت نفسه ان تتوج نضالات المرأة البحرينية خلال الخمسين سنة الماضية بتطبيق فعال وعملي لهذه الاستراتيجية. وشددت فاطمة أحمد على ان المرأة البحرينية مهيأة ومؤهلة لممارسة دور مساو لدور الرجل في المجتمع، داعية في الوقت نفسه الجمعيات السياسية في البحرين لأخذ زمام المبادرة وتطبيق نظام الكوتا النسائية في جمعياتهم. اما رئيسة منتدى المرأة العربية العالمي AIWF بلندن، هيفاء الكيلاني، فتقول إن الكثير من نساء المنطقة حققن نجاحات واسعة في مجالات مختلفة، ففي مجال الاعمال نجد الكثير من السعوديات المتعلمات الناجحات، وفي الكويت ورث الكثير من النساء تجارة آبائهن واستلمن ادارة هذه التجارة بجدارة الى جانب اخوانهن الرجال. واستشهدت الكيلاني بتجرية المرأة البحرينية في المجال السياسي كمثال يحتذى معبرة في الوقت نفسه عن تقديرها لتعيين نساء في مناصب وزارية في قطر وعمان، في اشارة الى وزيرتي التعليم هناك. وأضافت: "إن القيود المفروضة على النساء السعوديات في منعهن من السفر من دون ولي الأمر أو عدم السماح لهن بسياقة السيارات يجب ان لا يدفعنا للنظر الى المرأة السعودية من هذا المنظار المحدود. فمن المعروف أن المرأة السعودية قد نجحت في مجالات عديدة رغم هذه القيود". ويتعرض النظام في السعودية الى ضغوط كبيرة للتغيير ليس على الصعيد الخارجي فقط وانما من النساء السعوديات انفسهن. وفي هذا الصدد تقول مي اليماني من مركز الدراسات الاسلامية والشرق الاوسط بلندن، إن الوقت قد حان لوقف هذا التمييز ضد المرأة. وتضيف: "انهم يبررون هذا التمييز بالتمسك بالشريعة الاسلامية وهذا غير صحيح، إذ إن النساء في المجتمعات الاسلامية الأخرى لديهن الحق في التصويت مثل البحرين وقطر، فلماذا يتم استثناء المرأة السعودية من هذا الحق"؟ ويعطي وزير الداخلية السعودي تبريرات الحكومة لاستبعاد المرأة من أول انتخابات بلدية تجرى في البلاد منذ اربعين عاما، قائلا إن استبعاد المرأة جاء لأسباب ادارية بحتة، إذ لا يوجد طاقم نسائي مؤهل للعمل في مراكز التسجيل. وتعلق مي يماني على هذه الانتخابات المحدودة والجزئية بأنها محاولة للتغطية على الوتيرة البطيئة التي تسير بها السعودية نحو الاصلاح.

لماذا الآن؟

لماذا تتجه الحكومات في هذه المنطقة لاعطاء المرأة المزيد من الحقوق ودفعها نحو المشاركة السياسية بشكل اوسع؟ تجيب العنود الشارخ على هذا السؤال بقولها: لنبدأ بالوضع الاجتماعي - الاقتصادي الحالي، مجتمع الرفاه القائم على الثروة النفطية لم يعد قادرا على تحمل نفقات الانفجار السكاني، فاصبح من الضرري تشجيع النساء على دخول السوق ودعم سوق العمالة المكلفة والتي تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة ذات الخبرات غير المتوافرة لدى المواطنين. أما السبب الآخر من وجهة نظرها فيعود الى ان هذا التغيير جاء كتطور طبيعي ناتج عن تأثر الكثيرين ممن تعلموا في البلدان الاجنبية بجو الانفتاح هناك، الى جانب نشاط حركة تحرر النساء العالمية وانعكاساتها على المجتمعات العربية والخليجية. وهذا لا يفترض بالضرورة ان النموذج الغربي يشكل مثالا جيدا، تقول كيلاني من منتدى المرأة العربية العالمي: على رغم التطورات الحاصلة في النظام التعليمي والقانوني في العالم العربي لخدمة حقوق المرأة فإنهن مازلن بعيدات عن المناصب الحكومية. ولكن عندما نتحدث عن المرأة في الخليج فإن جميع الدول الخليجية تعمل نحو التحديث ولدى كل منها بعض التحديات والصعوبات ولكن الشيء الأكيد هو ان كل المجتمع من الشعب حتى القيادة مصمم على المضي قدما نحو الاصلاح، والذي أتوقع أن يحقق النجاح لأنه اصلاح قادم من داخل المجتمع العربي الخليجي وبرغبة منه وليس مفروضا عليه من الخارج.

* مقال بالانجليزية، نقلته إلى العربية أميرة عيسى

العدد 962 - الأحد 24 أبريل 2005م الموافق 15 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً