العدد 995 - الجمعة 27 مايو 2005م الموافق 18 ربيع الثاني 1426هـ

البحرينيون بين المالكية ومسقط

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

فجأة وإذا بأهالي المالكية يجدون قريتهم الساحلية من دون ساحل ومن دون شارع خلفي يؤدي إلى قريتهم والآن ليس لهم حتى البحر. أهالي المالكية لم يعودوا يحتملون الوضع، فساحلهم تمت مصادرته منهم عنوة، والآن يتم تثبيت تلك المصادرة ويتم أيضا منعهم حتى من دخول البحر.

البحرينيون إذا أصبحوا من دون أرض ومن دون بحر... هذه هي نتيجة سياسة "وضع اليد" التي لا يمكن لأحد في البحرين أن يوقفها بقوة القانون، لأن اليد أقوى من القانون... "ومن لا يعجبه يشرب ماء البحر". المشكلة حتى لو أراد شعب البحرين أن يشرب ماء البحر فإنه لن يستطيع لأن البحر، تتم مصادرته في وضح النهار، وعندما تحدث الأهالي مع المسئولين أجيبوا "لا نستطيع أن نفعل شيئا على رغم أن ما يحصل هو أمر غير قانوني".

أهل البحرين يسكنون على نحو 70 كيلومترا مربعا من مساحة البحرين الكلية البالغة أكثر من 700 كيلومتر مربع، وهذا يعني أن الشعب محاصر في بقعة لا تتجاوز عشرة في المئة من مساحة البحرين، والآن أصبح محاصرا في البحر أيضا.

في 24 فبراير/ شباط الماضي أوضحت ورشة العمل التي نظمها مجلس التنمية الاقتصادية أن واحدة من أهم معوقات التنمية الاقتصادية هي اختفاء الأراضي وعدم إمكان الاقتراب من أكثرية أراضي البحرين المغلقة والمحروم شعب البحرين منها. وقد وعد مجلس التنمية بدعوة إحدى الشركات العالمية إلى وضع مخطط للبحرين، وفعلا تمت دعوة الشركة وبدأت عملها. ومنذ أن بدأت عملها ازدادت الأعمال المضادة من جانب آخر. فالحواجز ارتفعت والأسوار تبنى في كل مكان والأراضي تحتجز وخليج توبلي يردم وحالتا السلطة والنعيم تردمان، والبحر يحتجز، وعندما تصل الشركة العالمية لنهاية عملها ستجد أن مساحة العشرة في المئة التي كانت موجودة لدى البحرينيين ربما تصبح خمسة في المئة.

لعل هذه مبالغة في عرض المشكلة التي نمر بها، ولكن المقصود هو توضيح المأساة التي وصلنا إليها ونحن في مطلع القرن الحادي والعشرين. فالدولة - أية دولة كانت - لا تصبح دولة إلا إذا كانت هناك أرض، وكان هناك شعب، وكانت هناك قيادة. فإذا تمت إزالة الأرض "أو معظمها" فإن ركنا من أركان الدولة تمت إزالته وكذلك الحال لو أزيل الشعب "أو معظم الشعب" فإن ركنا من أركان الدولة قد أزيل وتتحول البلد إلى شركة أو منتجع أو أي شيء آخر ولكن ليس دولة.

وبينما البحرينيون يعانون الأمرين من نفاد أراضيهم وبحرهم فإن المجال ينفتح لبعض البحرينيين للانطلاق إلى أرض الله الفسيحة... فسلطنة عمان ستعلن هذا الأسبوع البدء في مشروع تشييد مدينة حديثة جدا اسمها "مدينة الزرقاء" تقع غرب مسقط ستحتوي على عشرين فندقا وستسع نحو ربع مليون نسمة وستبنى على مساحة قدرها 35 كيلومترا مربعا "نصف المساحة المتوافرة لأهل البحرين حاليا".

المقارنة تكمن أن مطوري هذه المدينة هم مجموعة من المبدعين البحرينيين الذين صمموا الفكرة وحصلوا على التسهيلات من الحكومة العمانية وعلى التمويل وحصلوا على التزامات من أهم الشركات السياحية العالمية لتشغيل الفنادق الرئيسية وهم الآن لا ينقصهم سوى الوقت للبدء واكمال مشروع مدينة حديثة متكاملة الخدمات تستقطب السياح وتشغل الاقتصاد الوطني العماني وتوفر ما لا يمكن أن يحلم أي بحريني بالحصول عليه في بلده...

لا أستطيع أن أطلب من أهالي المالكية وغير المالكية النزوح إلى بلد آخر، فهذه بلادنا نعشقها ونضحي من أجلها ولكن أطلب من المسئولين، ومن يهمه الأمر التدخل المباشر لحفظ أراضي ومياه البحرين من التحول إلى شركة خاصة لا مكان فيها لشعب البحرين

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 995 - الجمعة 27 مايو 2005م الموافق 18 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً