العدد 1017 - السبت 18 يونيو 2005م الموافق 11 جمادى الأولى 1426هـ

لاري ديفيد... يكره نجاحاته وينأى بنفسه عن الأضواء

ملك الكوميديا الحزين

الوسط - محرر الشئون الفنية 

18 يونيو 2005

لا يعد اسم لاري ديفيد مألوفا للكثيرين، لكنه واحدا من أكثر رواد الفكاهة التلفزيونية إبداعا والأهم من كل ذلك أنه، قدم عملين تلفزيونيين رائعين حققا له ما لم يكن يحلم به من ثروة ونجاح وانجازات في مجال الكوميديا التلفزيونية هما مسلسل Seinfeld ومسلسل Curb your Enthusiasm.

معظم الكوميديين قد يموتون سعادة لمشاركتهم في أي مسلسل كوميدي يحدث ضجة كبيرة، أما ديفيد فلا يدخل مثل هذا الأمر أي بهجة أو سعادة الى قلبه وهو الذي تسبب في نجاح عملين من أشهر الأعمال الكوميدية. أولا قدم Seinfeld أكثر المسلسلات الشعبية نجاحا في تاريخ التلفزيون الأميركي والذي يعود الجزء الأكبر من نجاحه الى حقيقة كسره للكثير من قواعد الشبكات التلفزيونية، وبعدها مسلسل المغامرات التلفزيوني الذي ظهر على بعض القنوات الخاصة Curb your Enthusiasm الذي حقق عند بدايات عرضه نجاحا كبيرا على مستوى المسلسلات الشعبية في الولايات المتحدة وسرعان ما ظهر على شاشات بريطانيا ليحقق نجاحا مماثلا، ولم يكن ذلك بسبب الحوادث الصاخبة التي يمتلئ بها، لكن بسبب ما يحويه من اشارات وتلميحات لثقافة مجتمعه الحديثة هذا عدا عن ان خبرة العاملين عليه جعلتهم يطرقون أبواب ومواضيع جديدة للحصول على نكات غير مألوفة، هذا عدا عن تغييرهم للشكل المألوف للمسلسل الكوميدي التلفزيوني.

أكثر ما يميز Seinfeld هو كونه مسلسل لا يتحدث عن أي شيء، وللدقة أكثر يمكن وصفه بأنه مجموعة من الحبكات القصصية الرائعة المتداخلة التي تدفع فيها الشخصيات الأربع نحو مواقف غريبة وسخيفة من بدايات تافهة جدا. أما Curb Your Enthusiasm فقد كتبت نصوصه لتناقش تفاصيل صغيرة، كما ان حواراته بسيطة لا يحتاج حفظها لكثير من الجهد من قبل الممثلين، كما ان تصويره تم عن طريق كاميرتين محمولتين باليد فقط، بحيث بدا كفيلم توثيقي.

ومن بين المواضيع التي تجرأ منتجي المسلسل على طرحها والتي تجعل المشاهدين يستلقون على قفاهم ضحكا تلك التي تناقش قضايا مثل سفاح القربى، التعري والخلاعة، الحساسية ضد أنواع معينة من الأطعمة، وفاة الأم، الإرهاب والعادات والتقاليد التي لا يمكن تغييرها أو التخلص منها والتي ترتبط بأكبر ديانتين في العالم.

منذ أكثر من خمسة أعوام وبعد انتهاء حلقات مسلسل Seinfeld لم يكن بالامكان ظهور أي عمل يمكن أن ينافس هذه الكوميديا الرائعة التي امتع بها ديفيد الجمهور الأميركي، وعلى رغم أنه لم يظهر في المسلسل بشكل مباشر فإنه قدم أداء صوتيا ليجسد شخصية مالك فريق البيسبول الأميركي جورج ستين برينر، كما إنه كان صاحب فكرة العمل التي كتبها مع صديقه وزميله في القاء النكات في نيويورك جيري سنفيلد، وهو "أي ديفيد" الذي ضمن الكثير من لمحات شخصيته في الشخصية الرئيسية في المسلسل وهي لرجل فاشل ومحبوب من قبل الجميع يدعى جورج كوتسانزا "التي لعب دورها جيسون الكسندر" كما كتب الكثير من الحلقات وانتج سبعة من أجزاء المسلسل التسعة.

أما في Curb Your Enthusiasm فقد عرض ديفيد اجزاء أخرى من شخصيته، فالبطل الذي لعب دوره هو نفسه، يدعى لاري ديفيد، وهو أيضا كاتب مسلسلات كوميدية ناجح، يبحث عن مشروع جديد بعد انتهائه من عمله في مسلسل Seinfeld بنجاح باهر، وقد يبدو هذا كمحاولة لاقحام الذات، لكن الحقيقة هي ان أفضل ما في العمل هو معرفة مدى استعداد ديفيد، كاتب العمل ومنتجه في تصوير لاري ديفيد الشخصية على انه شخص منحط وبغيض.

ديفيد يوصف دائما بأنه كوميدي صعب المراس، وهو لا يخشى أبدا في أن يعرض جوانب سيئة من شخصيته بحجة تقديم عمل كوميدي.

المسلسل يمتلئ بالكثير من الغضب والصراع الناشئ من اللاشيء، وسبب ذلك يعود الى أن ديفيد يتعمد أن يجعل هذه الشخصية تتصرف بطريقة لا يتجرأ الناس على فعلها في الواقع، لكنهم قد يتمنون ذلك بلا شك، وكذلك لأن المسلسل يمتلئ بالكثير من السخافات والتفاهات. إذا كان للمسلسل قصة رئيسية فيمكن أن تكون أن لاري يريد أن يطور عمله التجاري، لكن عادة ما تظهر في وجهه الكثير من العوائق، وهي عوائق قد لا تكون أكثر من كلمة عابرة، أو ايماءة تظهر على وجه أحدهم، أو شكه في ان تكون احدى قواعد الاتيكيت واللياقة الاجتماعية قد كسرت، أما محاولاته للتغلب على تلك العوائق أو هزمها فلا تفعل سوى أن تزيد الأمر تعقيدا، وهنا يصاب بالغضب العارم ويحاول اقناع نفسه بأنه شخص منطقي، في الوقت الذي يجده جميع المشاهدين شخصا يبحث عن المتاعب ويوقع نفسه فيها، كما إن الحبكات القصصية التي جعلت من Seinfeld متعة للمشاهدين، موجودة في Curb your Enthusiasm بشكل أكبر.

منذ بدايات ظهوره في مطلع السبعينات، في نوادي الفكاهة في نيويورك، كان هذا هو توجه ديفيد وكانت المواضيع التي يناقشها هي ذاتها التي طرحها في مسلسليه، في ذلك الوقت كان يعرف بكوميدي الكوميديين، إذ إن زملاءه من الكوميديين كانوا يرون عمله مميزا حتى عما يقدموه هم أنفسهم، لكن لم يكن الجمهور يعي ذلك بل لم يكن أحد يعير ديفيد أي اهتمام، ولم يستطع ديفيد فعل أي شيء حيال ذلك، بعد ذلك بدأت مرحلة الكتابة والتمثيل في مسلسل عرض تحت اسم Fridays قاده الى التدريس في الكلية التي خرجت كل المواهب الكوميدية في أميركا، إذ عمل هناك لمدة عام واحد لكنه على رغم ذلك لم يتمكن من أن يعرض أيا من أعماله على الشاشة.

مسلسل Seinfeld الذي حقق نجاحا ضخما بعد فشله في بدايات ظهوره، جاء من كوميديا تدور حول الخسة والدناءة والأنانية واللا إنسانية التي تمتع بها شخصياتها، وقد تكون فكرته ناتجة بشكل مباشر من روح الاعتداد التي كانت سائدة في أميركا في فترة التسعينات وذلك في أعقاب الحرب الباردة، وفي الفترة السابقة لحوادث 11 سبتمبر / أيلول، أما Curb Your Enthusaism فقد دخل عصره الذهبي في مع جزئه الثالث الذي عرض في العام 2003 وذلك بفوز ديفيد بجائزة الغولدن غلوب، وعلى رغم توقف عرضهما فإنهما يظلان من أنجح المسلسلات الكوميدية التي عرضت على شاشات التلفزيون الأميركية على الاطلاق على رغم بساطة فكرتهما

العدد 1017 - السبت 18 يونيو 2005م الموافق 11 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً