العدد 1027 - الثلثاء 28 يونيو 2005م الموافق 21 جمادى الأولى 1426هـ

ملكيات دستورية خليجية

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

مازالت أذكر عندما كنت طالبا، وكان أساتذة السياسة المقارنة يتحدثون عن أبرز النظم السياسية الموجودة في العالم، عندها كان السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الطلبة: ما هي طبيعة النظم السياسية في بلدان مجلس التعاون الخليجي؟ وعندما يطرح مثل هذا السؤال المزمن لدى الطلبة فإن الأستاذة يعانون من صعوبات كثيرة في الإجابة عليه، وغالبا ما يكون الرد بأن النظم السياسية لدول مجلس التعاون الخليجي هي "نظم سياسية خاصة لا توجد لها أنظمة مشابهة، وهي نظم لها خصوصيتها في العلوم السياسية". واليوم بعد مرور سنوات عدة على مثل هذه الأطروحات فإنه يمكن رصد تحولات كبيرة طرأت على النظم السياسية الخليجية.

فمنذ المطالب الأولى من انتهاء حرب الخليج الثانية في مطلع العام 1991 ظهرت مطالب شعبية بالإصلاح السياسي والاقتصادي، وعادت الديمقراطية إلى الكويت، وبدأت بلدان المجلس الأخرى بالتفكير جديا في استيعاب المطالبات الشعبية المتزايدة فظهرت المجالس الشوروية كما هو الحال في البحرين والسعودية على سبيل المثال. وعلى رغم ذلك فإن تلك المكتسبات المتواضعة التي تحققت في تلك الفترة لم تكن أبدا بمستوى طموح شعوب المنطقة. ولكن بأي حال من الأحوال يمكن اعتبار هذه المكتسبات إنجازات ساهمت في تطوير الأنظمة السياسية الخليجية لاحقا، وتحديدا في الفترة الحالية، وينبغي عدم النظر بسلبية تامة إلى ما تحقق على صعيد الإصلاح السياسي المحدود خلال العقد الماضي.

واليوم بعد ظهور مساع محلية في بلدان مجلس التعاون الخليجي نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي تتزامن مع وجود رغبة أميركية دولية بنشر الديمقراطية في مختلف أرجاء المعمورة، فإنه من الأهمية بمكان دراسة مستقبل النظم السياسية الخليجية، وخصوصا في ظل تصاعد اتجاه يسعى إلى إنشاء ديمقراطيات مشابهة للديمقراطيات الغربية، وتحديدا للملكيات الدستورية في القارة الأوروبية. والسؤال المطروح هو: هل أصبحت مجتمعات الخليج قادرة على استيعاب نظام سياسي ملكي دستوري بالمفهوم الأوروبي الصرف القائم على التداول السلمي للسلطة؟

لا يمكن الإجابة على هذا السؤال بشكل مبسط لأنها تحتاج إلى دراسة معمقة تقوم على تحديد أبرز الفرص المتاحة لإقامة مثل هذا النظام، وبحث أهم التحديات التي يمكن أن تواجه شعوب وحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنه يمكن الإشارة إلى أهم الملامح المتوقعة لهذه الإجابة:

أولا: مازال مفهوم الدولة في بلدان مجلس التعاون الخليجي غير واضح، فمؤسسات الدولة مازالت ضعيفة مقابل الأدوار التي يقوم بها بعض الأفراد الفاعلين في الأنظمة السياسية الخليجية، وكذلك النخب السياسية التقليدية.

ثانيا: قوة البنى التقليدية القائمة على اتجاهات إثنوطائفية أو مناطقية، ما أعاق ظهور المجتمع المدني وقيامه بدوره الحقيقي، لتصبح الجمعيات والتنظيمات غير الحكومية "NGOU s" مجرد مؤسسات أهلية تعبر عن الواقع التقليدي لمجتمعات الخليج. أو بشكل آخر مبسط أن الجمعيات ما هي إلا انعكاس للتكوين القبلي والطائفي والمذهبي والمناطقي السائد في مجتمعات الخليج. وبالتالي إذا قامت ملكيات دستورية فإن الأنظمة ستكون ضعيفة وستستفيد منها بعض الفئات دون غيرها، وخصوصا أنها ستحرص على الاستئثار بمكاسب السلطة.

ثالثا: غياب الثقافة السياسية المشاركة التي اعتبرها أبرز علماء السياسة المقارنة "ألموند وفيربا" عاملا مهما في تطوير النظم السياسية. فإذا كانت بلدان الخليج قد قامت بإنشاء مؤسسات وآليات للمشاركة السياسية بمختلف أنواعها، فإنها لم توفر الحد الأدنى من الثقافة السياسية لشعوبها حتى يتمكنوا من المشاركة بفعالية وإيجابية من دون الإضرار بمصالح بلدانهم عبر الآليات والمؤسسات المتاحة... وللحديث صلة

العدد 1027 - الثلثاء 28 يونيو 2005م الموافق 21 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً