العدد 2953 - الأربعاء 06 أكتوبر 2010م الموافق 27 شوال 1431هـ

زيارة وزير التربية للمدارس... وحماية قلاع المعرفة!

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

خبرٌ لافت للنظر، ذلك الذي تناقلته وسائل الإعلام المحلية وعدد من الصحف الخليجية، وصحيفة عربية مشهورة كالأهرام المصرية عن قيام وزير التربية والتعليم ماجد علي النعيمي مؤخراً بجولة مفاجئة ضمن الزيارات الصباحية غير المبرمجة إلى المدارس الحكومية، حيث زار أحد صفوف مدارس البنين، وتبيَّن له تأخر أحد المدرسين عن الالتحاق بالحصة الأولى بحسب الوقت المحدد في الجدول، مع وجود الطلاب في الصف، فكانت النتيجة أن تولَّى الوزير بنفسه تدريس الطلاب إلى حين وصول المعلم الذي تفاجأ بوجود الوزير داخل الصف الدراسي!

للأمانة أقول بأنه لا ينبغي المرور على مثل هذه الحادثة مرور الكرام، فالقضية ليست عابرة، فهي ذات أبعاد ودلالات مهمة وتحتاج منا جميعاً إلى وقفة تأملية، فالمتابعة اليومية ـ ولا أقول المراقبة اليومية ـ مطلوبة للارتقاء بجودة مخرجات التعليم وتحسين أداء المدارس.

عملياً فإن ثمة ثغرات إدارية مازالت تشكِّل حجر عثرة أمام النظام التعليمي الحكومي، منها مسألة الانضباط الوظيفي مثل: تأخُّر أحد أعضاء هيئة التدريس أو غيابه عن العمل، أو خروج بعض المعلِّمات في إجازات الوضع التي تمتد لمدة طويلة تصل إلى قرابة فصلٍ دراسي، مع غياب التنسيق الإداري المسبق بين إدارة المدرسة وإدارة التعليم في الوزارة لإيجاد المعلمة البديلة، والذي من المفترض أن يكون قبل بداية العام الدراسي، وليس في بدايته أو أثنائه.

ونتيجة لغياب المعلمة البديلة، والتخبُّط غير المبرَّر لدى بعض الإدارات المدرسية في ضبط إيقاع إجازات الوضع بشكل يضمن لكل طرف حقه، فقد ذكر لي أحد المعلمين الأوائل، بأنه اضطر ـ وتحت وطأة ضغط كانت تمارسه ابنته المتفوقة دراسياً ـ إلى تحويل منزله إلى قاعة صف، لتدريس ابنته مع مجموعة من الطالبات المتفوقات.

بينما نجد الكثير من المدارس الخاصة أكثر تنظيماً في هذا المجال لسبب واحد، فقط لأنها آمنت بأن العمل في إطار الفريق الواحد ليس شعاراً تنادي به، بقدر ما هو حس إنساني راقٍ يدفع المرء نحو الإيثار بتحمله أعباء العمل عن زميله وقت غيابه.

القاعدة التي ترتكز عليها كثير من إدارات المدارس الخاصة في التعاطي مع مثل هذه الحالة تحديداً، هي كالتالي: «أيها المعلم: ستتأخر بعض الوقت أو ستغيب يوماً دراسياً لظرفٍ ما، لا مشكلة، فقط نريد منك أن تزودنا بعنوان آخر موضوعٍ شرحته لطلابك، لنكلِّف زميلاً لك بالتوجه فوراً إلى صفك لتغطية الحصة عنك»، بمعنى أن الإدارة المدرسية هي من تقوم بالإشراف مباشرة على مثل تلك الحالات أو المواقف بالتنسيق مع رؤساء الأقسام في المدرسة، لنعرف في النهاية من هو المقصر ليتم محاسبته؟!

بمعنى آخر، فإن من الأهمية بمكان وضع خطة منهجية بديلة تؤسس لثقافة «تفعيل حصص التأمين»، لضبط إيقاع الفوضى وتسرب الطلاب وهروبهم من الفصل من جانب، وضمان الالتزام بانتهاء المنهج الدراسي المقرر في الوقت المحدد له حسب الخطة الزمنية المعدة مسبقاً من جهة أخرى، فكثيراً ما يشتكي الطلاب وأولياء أمورهم من معلمين لا يلتزمون بالخطة الزمنية، لتجدهم يتسابقون في إنهاء المقرر المطلوب قبيل الامتحانات النهائية بحجة ضيق الوقت!

نحتاج إلى قدر من التفهُّم لاستيعاب فلسفة مثل الزيارات غير المبرمجة للمسئولين إلى مواقع العمل، في الوقت الذي نطالب المسئولين وعلى رأسهم وزير التربية والتعليم إلى فتح الباب أمام أعضاء الهيئتين الإدارية والتعليمية، وتشجيعهم على القيام بزيارات تربوية ميدانية إلى مواقع العمل في المدارس الخاصة للاستفادة من تجاربها الرائدة؛ لأن الزيارات البينية المقتصرة على المدارس الحكومية أثبتت عدم فاعليتها في كثير من الأوقات.

مما يدعو للتفاؤل دائماً عند الكلام عن ضرورة إصلاح التعليم في البحرين هو وجود التشريعات والقوانين التي جاءت لتعزِّز روح المواطنة وحقوق الإنسان لدى هذا الجيل من الشباب، وأروع ما يمكن أن أحيل القارئ إلى مراجعته هو (قانون 27 بشأن التعليم لسنة 2005) فقد أشار في مادته (11) بأنه «يصدر الوزير اللوائح والقرارات اللازمة لحسن تنفيذ السياسة التعليمية، وعلى الأخص بالنسبة لتحديد مدة السنة الدراسية على ألا تقل عن 180 يوماً دراسياً بالنسبة لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، وموعد بداية العام الدراسي ونهايته، وإقرار المناهج ونظم التقويم والامتحانات».

إننا نفهم من المادة السابقة التي نطلق عليها «حق التمدرس»، بأن المسئولية الأسرية أولاً والمجتمعية بشكل عام هي التي تحفظ للتعليم هيبته ومكانته، ففي الوقت الذي أصارحكم القول بأنه لا بد من محاسبة المعلم على تأخره وهذا شيء إيجابي ونؤكد عليه، ولكن ألا تتفقون معي بأنه برزت على السطح في الفترة الأخيرة ظاهرة جديدة أو موضة «الغياب الجماعي» ـ إن صح التعبير ـ فعندما تبادر المدرسة بالاتصال بولي أمر الطالب للوقوف على مبررات غياب ابنه أو ابنته عن الحضور إلى المدرسة يوم الخميس مثلاً، فإن الإجابة كالتالي: نظراً لوقوع يوم الخميس بين إجازتي العيد والأسبوعية، فقد ارتأينا أن نقوم بأداء مناسك العمرة! هذا ناهيك عن الغياب المتكرر في بعض المناسبات الدينية غير الرسمية.

مما سبق فإننا نقرأ في دلالات الزيارة الميدانية التي قام بها وزير التربية للمدارس من منظار أن هناك جهوداً تُصرف وأموالاً عامة قد تمَّ تخصيصها لبرامج تحسين جميع مكونات المنظومة التعليمية والبرامج والتجهيزات، وتطوير أداء جميع العاملين ومن ثم تقييمه، لضمان مخرجات تعليمية أفضل، وفي النهاية فإن الوزير بحكم منصبه يمثل الحكومة ومسئول أمام السلطة التشريعية فيما آلت إليه أوضاع التعليم.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 2953 - الأربعاء 06 أكتوبر 2010م الموافق 27 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 7:48 ص

      الى استادي العزيز فاضل حبيب

      شكراً يا استداي العزيز على المووضع

    • زائر 10 | 7:51 ص

      ....

      والحين صار لي 5 سنوات على الرابعة وداخل في السنة السادسة على الدرجة الرابعة وفي معلمين حصلوا على الخامسة ببلاش فقط لكونهم قضوا 4سنوات على الرابعة يوم اقرار الدرجة الاستثنائية،ـ ألحين أنا أدرس تمهن في الفترة المسائية وأنا مرهق وتعبان وعلي تصحيح وتحضير وشئون عائلية بس أدرس أبغي أحصل درجة حصلها غيري ببلاش، والمشكلة الدراسة غير منتزمة يعني يبغونك تدرس 360 ساعة بس ما تدري شنو المواد ولا متى بتدرس ولا متى بتخلص وبالتالي لا تدري متى ستترقى؟ هل رأيتم مثل هذه الفوضى في الترقيات؟ فمن يحاسب من؟!!

    • زائر 9 | 7:47 ص

      ....

      أنا معلم لم أحصل على الدرجة الاستثنائية، توظفت على الدرجة الثانية مثل الفراريش ورفعوني على الثالثة بعد أشهر لأنهم أحسوا ببعض الخجل اشلون معلم على الثانية، وبعدين خلوني 3 سنوات على الثالثة لأن ما عندي دبلوم تربية ويوم حصلتها طلع الوزير قرار أن اللي على الثالثة ياخذ الدرجة الرابعة حتى بدون دبلوم تربية يعني أنا انصميت مرتين وبدون تعويض، والصمة الثالثة أن يوم عمموا الدرجة الاستثنائية قالوا لازم تقضي 4 سنوات على درجتك وأنا كنت قضيت 3سنوات و6 شهور ، انزين أساسا اللي أخرني هو تعطيلكم لترقيتناي-تبع

    • زائر 7 | 6:09 ص

      خطا في المسار

      تستطيع ان تهرب الى الامام ، لكن النتائج و مخرجات العملية التعليمية هي المقياس لمدى تحقيق النتائج المخططة لها صح او خطا؟؟؟
      على الوزير ان يركز على عمله فقط (اذا فيه مدرسين 2 غابين في مدرستين مختلفتين شو بسوي الوزير ....)

    • زائر 6 | 3:40 ص

      اتفق مع زائر رقم 2

      صح المدارس الخاصة فوضه بدون حسيب او رقيب. تعبنا و احنا نشتكي للتعليم الخاص بدون فائدة

    • زائر 5 | 2:09 ص

      معلم

      لا ندري لماذا يركز الوزير على المعلم فقط في مسألة التأخر ولو لدقائق معدودة وكأن المعلم هو الوحيد في منظومة العمل التربوي .... ندعو الوزير للتبكير والذهاب إلى إدارات الوزارة والتي يدوام الموظفون فيها بعد الوقت المقرر بساعة أو ساعتين وهذا الكلام يذكره عاملون في الوزارة نفسها.. يا ريت نسمع خبر عن الوزير أنهى معاملة معلم يراجع الوزارة بسبب غياب موظف أو تاخره عن عمله .. يا ريت

    • زائر 3 | 12:12 ص

      منطق

      ما هو المنطق وراء تدخل الوزير في هذه المشكلة ؟ هل يحق للوزير فعل ما فعله؟ ألا يحق للمدرس التأخر ولو لدقائق؟ لماذا يتأخر الطلبة بدون حساب ويشتتون المعلمين؟ ماذا تريد من المدرس وأنت مثله ؟

      في الإدارة الموظف لا يتلقى الأوامر إلا من مسئوله المباشر ولا حاجة لهذا المسلسل.

    • زائر 2 | 10:40 م

      عبدالرحمن

      زوروا المدارس الخاصة و شوفوا المهازل اللي فيها. المدرسة تغيب بالشهر و لا بديل ، رسوم الطلبة تناهز 180 دينار شهرياً و لا يوجد حتى مختبر للعلوم ، مستوى تدريس ومدرسين نازل في الأرض ! و إدارة التعليم الخاص في سابع نوم !

    • زائر 1 | 10:39 م

      يا أما مشرف و يا أما مدرس

      هناك كثير من اللغط و اللوم على المشرف الأداري . المشرف الأداري ضحية النظام الغير واضح . فهوه مسؤول عن حضور و غياب و مشاكلة الطلبة بالأضافة لجدول تدريس . فهو لا يستطيع التوفيق من المهمتين . يا أما مدرس أو مشرف اداري . و لماذا نضع اللوم علية ؟

اقرأ ايضاً