العدد 1099 - الخميس 08 سبتمبر 2005م الموافق 04 شعبان 1426هـ

الصندوق الأزرق

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في مختلف المدن والمناطق، في الشوارع والطرقات، في المطاعم والفنادق والمطارات، تراه منتصبا أمامك. في البداية ظننته صندوقا لجمع ظروف البريد: عمود أصفر، في أعلاه صندوق أزرق تحتضنه يدان باللون الأصفر، وعليه كلمات لا تعرفها، إلا انك سرعان ما تميز مضمون الحديث الشريف المترجم إلى الفارسية، والذي يحث على الصدقة. كانت انطلاقة هذا الصندوق الأزرق بعد كلمة ألقاها الإمام الخميني في إحدى خطبه، ربما قبل عشرين عاما، حث فيها على مساعدة الطبقات الفقيرة في المجتمع الذي كانت تطحنه الحرب آنذاك. واقترح إيجاد طريقة عملية لجمع الصدقات وتوزيعها، فجاء التنفيذ في صورة هذا الصندوق المنتشر في كل مكان. فكرة الصندوق تقوم على جمع ما تفرق من مال يسير، ليتحول إلى مشروعات تضخ في عروق المجتمع بعد تنظيم صرفه وإيصاله إلى الطبقات الفقيرة. ولم يقتصر المشروع على هذه الطبقات المحرومة، بل تعداه إلى الإسهام في حل مشكلات أخرى، من بينها علاج المحتاجين، وتدريس أبناء الفقراء، فضلا عن محاولة الاقتراب من أعقد مشكلة اجتماعية تواجه الجيل الشاب، وهي مسألة الزواج. في المجتمع الإيراني، كما في المجتمعات الإسلامية المعاصرة الأخرى، يواجه الشباب مشكلة التأخير في الزواج، إذ يبلغ متوسط سن الزواج 28 عاما، بسبب صعوبة الحياة الاقتصادية وارتفاع كلفة الزواج. هذا الصندوق الأزرق الصغير الموزع في مختلف المناطق والشوارع والمطاعم والمطارات، يقوم بدور في تخفيف مثل هذه المشكلة المعقدة، إذ يتم الإنفاق من هذه المبالغ التي يتبرع بها الناس في غدوهم ورواحهم، في هذا المجال. في الحديث الشريف: "الكلمة الطيبة صدقة"، وهكذا كانت كلمة الإمام في خطبة أمام مجموعة من زواره، إذ تحول الاقتراح إلى مؤسسة قائمة بذاتها، تقوم بأدوار قد تعجز عنها الوزارات الرسمية المبتلاة بأمراض العصر: من فساد ومحسوبية وبيروقراطية قاتلة... حتى لو كانت في ايران.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1099 - الخميس 08 سبتمبر 2005م الموافق 04 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً