العدد 2967 - الأربعاء 20 أكتوبر 2010م الموافق 12 ذي القعدة 1431هـ

في يوبيل التعليم: «أنين الصواري» يدخل مناهج التعليم الإماراتية

للمرة الثانية في دولة خليجية بعد البحرين

لايزال ديوان الشاعر علي عبدالله خليفة الموسوم «أنين الصواري»، الصادر عن دار العلم للملايين ببيروت أول الدواوين التي مهر بها إطلالته على الساحة الشعرية قبل حوالي أربعين عاماً (العام )، يحيي ملحمة تلقيه الزاخرة، كما الاحتفاء سواءً بسواء. الديوان الذي عدّ من نقاد كثيرين بداية لانطلاق الحركة الأدبية الجديدة في البحرين، وتشكيل وعي مفارق، عاد مؤخراً ليحتل موقعه القديم في الواجهة، ولكن من نافذة الإمارات العربية المتحدة.

فقد قررت وزارة التربية والتعليم الإماراتية، اعتماد إحدى قصائد الديوان والتي تحمل اسمه «أنين الصواري» ضمن المناهج الدراسية المقررة لهذا العام . وأعلنت ضمن أجواء الاحتفال باليوبيل الذهبي للتعليم في الإمارات، وضمن رؤيتها لتطوير التعليم ، إدراج القصيدة ضمن الجزء الأول لمقرر اللغة العربية للمرحلة الثانوية، الصف الحادي عشر، والذي يوازي صف الثاني الثانوي، حسب سلم الترقي للتعليم النظامي في البحرين. وفي أول تعليق له على ذلك، صرح علي عبدالله خليفة «هذا كسب للحركة الشعرية في البحرين وتعزيز لمناهج التربية الحديثة بدول مجلس التعاون الخليجي». وأضاف في السياق نفسه «لقد اطلعت على نسخة من الكتاب المقرر وسرني كل ما جاء فيه حول القصيدة وأقدر للجنة التأليف والمراجعة جهودها التربوية الثمينة وحرصها على مستوى ما تختار من نصوص شعرية» على حد تعبيره.

وتصور القصيدة معاناة الغواصين في الخليج العربي مع ديون ممولي رحلات الغوص على اللؤلؤ واستلاب أرزاقهم بنظام الإقطاع البحري قبل اكتشاف النفط بالمنطقة، مع إسقاط ضمني على معاناة الإنسان الخليجي البسيط مع الديون لتأمين متطلبات العيش في الزمن الراهن. ومما جاء في أبياتها: «ويحهمْ قد أبحروا، ويحَ الشجونْ/ ويح ما يجتاح أعماقي ويطغى في جنُونْ/ ويحَ أيامٍ تغذتْ من عذابْ/ ثم هدَّتْ جسميَ العاجز البادي الغضونْ/ ها همُ قد أبحروا، كل الرفاقْ/ شرّعوا بالشوق في بدء انطلاقْ/ والمجاذيفُ مضت في البحرعنفًا واتساقْ/ بينما تلك الصَّواري في أنين/ هي و(النَّهَّامُ) في لحنٍ حزينٍ لا يُطاقْ/ وأنا وحدي وأحزانُ المساءْ».

وقد ركزت لجنة تأليف ومراجعة المقرر التي أشرف عليها إبراهيم السعافين على «ضرورة أن يتعلم الطلبة مصطلح (النغمة) من خلال القصيدة مع تحليل العناصر الفنية وحفظ جزء من النص» حسبما جاء في الكتاب. وهذه هي المرة الثانية التي تعتمد فيها القصيدة ضمن مناهج تدريس اللغة العربية في دولة خليجية، بعد أن كانت البحرين قد سبقت إلى ذلك. فمنذ سنوات يجري تدريس القصيدة نفسها لطلاب الثانوية، إلى جانب قصيدة «صدى الأشواق» للطالبات، وهي من الديوان نفسه.

من جهة أخرى، في محاولة استعادية لنفس الديوان ضمن وعي «المرحلة التأسيسية» التي أتى في سياقها، اعتبر الناقد إبراهيم غلوم في مطالعة حديثة له في أوراق الحركة الأدبية الجديدة في البحرين أن ديوان «أنين الصواري» يعد «أول من يستلهم شعرية النص من مادة تاريخية واجتماعية»، إلى جانب ديوان «البشارة» لقاسم حداد.

ورأى في كتاب وضعه حديثاً في سياق الاشتباك مع تجربة أحمد المناعي النقدية، والتي جايلت، بالحفر والقراءة، التجارب الشعرية الصاعدة في السبعينيات وبينها تجربة علي خليفة «أحمد المناعي والوعي بالحركة الأدبية الجديدة في البحرين» رأى أنه «عندما صدر ديوان أنين الصواري كانت صورة المعاناة في قصائد الديوان أصيلة بالفعل ومدهشة، حولت ما هو فولكلوري شعراً حديثاً مليئاً بالصدق والتجربة والإيحاء».

وأضاف موضحاً «استباقات التجربة الشعرية عند علي عبدالله خليفة وقاسم حداد استطاعت أن تراكم معرفة جديدة لصيقة بالجذور الاجتماعية والسياسية للحركة الاجتماعية»، مشيراً إلى أنها «أربكت نوعاً ما صيغة التعاقب والتطور التدريجي، وساهمت في نقل الحركية للمفاهيم الفكرية في كيفية الوعي بحركة الشعر الجديد» وفق تعبيره.

وقال «أصبحت المعرفة التي يمكن الاستناد إليها ليست مجرد فروض وكتابات نظرية منتقلة من فضاء الأدب العربي أو العالمي. وإنما هي ممارسة تاريخية واجتماعية إنسانية نجد لها مظاهر حسية ومنطقية متوافرة على قدر كبير من الصدق والمعيارية في شعر علي عبدالله خليفة (أنين الصواري) وفي (البشارة) لقاسم حداد».

ويستغل غلوم ظروف الاشتباك مع تجربة المناعي للعودة وتقليب ملفات وهموم الحركة الأدبية التي انطلقت في السبعينيات، بجميع خطوطها، في النقد والشعر والسرد، والتي واكبت الحراك الاجتماعي والسياسي النامي آنئذ، ضمن رؤية فاحصة وناقدة لكافة مفردات الوعي التي خلقتها. في هذا الإطار، فقد ساق نقداً ضمنياً إلى كتابات محمد جابر الأنصاري النقدية في غضون نفس الفترة، حيث «لم أجدها واعية بالحساسية الشعرية الجديدة التي ستطرحها تجربة علي عبدالله خليفة وقاسم حداد بشكل خاص» وفق تعبيره.

وقال غلوم «عندي دلالتان حيويتان في سياق تأسيس الوعي الشعري، أجدهما خلاصة حقيقية في تجربة الشاعرين علي عبدالله خليفة وقاسم حداد، خلاصة تكشف عن وعي متداخل إلى حد الشبهة أو الحميمية المتماهية بين المراس العملي والوعي النظري».

وقد صدر الكتاب عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في 427 من الحجم المتوسط، ووقع على هامش تظاهرة معرض الأيام الثامن عشر للكتاب الذي انتهى مؤخراً في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

العدد 2967 - الأربعاء 20 أكتوبر 2010م الموافق 12 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً