العدد 1137 - الأحد 16 أكتوبر 2005م الموافق 13 رمضان 1426هـ

وحدة المجانين 1

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

الحديث عن عودة الرئاسة الأميركية إلى "السياسة المجنونة" التي تقضي بإعادة تفعيل الاستراتيجية الهجومية لم يعد سرا بعد التصريحات الاخيرة التي أطلقها جورج بوش ورحبت بها الصحف الإسرائيلية. فالكلام ليس جديدا ولكن الإعلام الأميركي وأجهزة المعلومات والاستخبارات أخذت بإعادة انتاجه تحت غطاء من القنابل الدخانية لتضليل الرأي العام واقناعه بأن هناك معركة عالمية تقودها واشنطن ضد تنظيم من "الأشباح" نجح في نشر خلاياه في الكثير من الدول الإسلامية والعربية. الرئيس بوش كان واضحا في أحاديثه الأخيرة، فهو أشار إلى وجود مخطط عالمي تقوده "القاعدة" ويهدف إلى إقامة "امبراطورية إسلامية" تمتد من اسبانيا إلى اندونيسيا. ويقضي المخطط - حتى يصل إلى اهدافه المرجوة - العمل على اسقاط "الأنظمة المعتدلة" وتثوير الناس ضدها وصولا إلى بناء قاعدة "دولة مركزية" تنطلق منها التنظيمات الاسلامية المتطرفة لمحاربة الغرب ودوله "الديمقراطية". هذا المخطط "السري" الذي كشفه بوش لم يحدد مصادره ومن أين جاء بمعلوماته. ولكنه أشار إلى عزم الولايات المتحدة على مقاتلة هذا المخطط الرهيب دفاعا عن الانظمة المعتدلة "الدول العربية والاسلامية" التي تستهدفها تلك المنظمات السرية "الاسلامية المتطرفة" إذا هناك حرب دفاعية كما يقول بوش وهي تفرض شروطها على واشنطن لأن الأخيرة مضطرة إلى عدم السكوت، ومنع هذا المخطط من النجاح وتحقيق أهدافه. فبوش أراد القول إن واشنطن تحارب "التطرف الاسلامي" نيابة عن المسلمين وحتى من دون تكليف من الدول العربية والمسلمة. وبرأيه ان تلك الحرب طويلة وممتدة وستخرج منها أميركا "منتصرة". هذا التفكير المجنون أطلقه بوش قبل أسبوعين وهو يأتي في سياق التحضير أو الاستعداد لمواجهة مجموعة استحقاقات تنتظرها إدارة بوش منذ فترة وتريد الاستفادة منها لتحقيق اغراضها التي سبق وافصحت عنها مرارا. والسؤال: من أين جاء الرئيس بمعلوماته عن وجود مثل هذا المخطط السري والرهيب؟ بوش لم يذكر مصادر معلوماته، ولكنه حدد مراجع تفكيره حين أشار مرارا إلى انه "كليم" ويتصل دائما بالغيب. قصة الغيب يمكن تجاوزها لسبب بسيط وهو انها كاذبة. تبقى قصة مصادر المعلومات فهل هي صحيحة أم مختلقة ام اخترعها أحد المراجع واخذ بوش يستند عليها ويستخدمها لتبرير نزعة الحروب؟ الاحتمال الأخير هو المرجح وهو يذكر بتلك المعلومات التي ادعى رئيس الحكومة البريطاني طوني بلير انه استقاها من أجهزة مخابراته بشأن أسلحة الدمار الشامل في العراق. وتبين لاحقا ان بلير جاء بتلك المعلومات من اطروحة ماجستير نشرها طالب عراقي على موقع في الانترنت. وحصلت فضيحة بشأنها الا ان قرار الحرب كان اتخذ ولم تعد اكاذيب بلير أو صدقه مهمة في هذا الشأن . فالقرار كما يبدو حين يتخذ تصبح كل أساليب الخداع والنفاق مبررة حتى في دول تعتز بـ "اخلاقها" و"شفافيتها" و"صدقها". هذا الأمر "الكذب على الرأي العام" يبدو انه تحول مع بوش إلى سياسة ثابتة. فبلير كذب مرة او مرات بينما بوش يكذب يوميا حتى يغطي أمام الناخب ودافع الضرائب الدوافع الحقيقية لتلك السلسلة من الحروب. من أين جاء الرئيس الأميركي بمعلوماته عن وجود "مخطط إسلامي متطرف" يريد قلب الانظمة المعتدلة واقامة دولة اسلامية والبدء بحرب عالمية ضد الغرب تمهيدا لاعادة تأسيس الخلافة أو كما قال تأسيس "امبراطورية اسلامية من اسبانيا إلى اندونيسيا". الجواب عن هذا السؤال أقرب إلى الجنون. ولكن حين تقود حفنة من المجانين الأشرار أقوى دولة عسكرية في العالم تصبح كل الاحتمالات مفتوحة على أكثر من قراءة منها تلك التي يقال ان "الزرقاوي" كشفها في حوار سري وغير معلن لصحافي أردني. فالجنون موجود في كل مكان وليس مستبعدا ان يتوحد لمواجهة قضية الإسلام ومن مواقع ليست بالضرورة واحدة. وللحديث صلة

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1137 - الأحد 16 أكتوبر 2005م الموافق 13 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً