على رغم سنوات عمرها القليلة، فإن غدير الستري، تعيش طفولة وصبا مختلفين عن كثير من أقرانها. تحمل في نفسها كثيرا من هموم مجتمعها سياسية كانت أم اجتماعية، قلبها الصغير يستشعر كل آلام المحرومين، وبحسب قولها فإن "عقلها يمتلئ صراعات سببتها تناقضات الواقع المحيط". هي ذات ذكاء خارق ونضج يفوق سنوات عمرها، دفعاها لأن تنحى دروبا مختلفة في التعبير عن آلامها، وآمالها، وطموحاتها، إذ لم تجد هذه الصبية سوى ريشتها متنفسا لتعبر عن كثير من احباطات جيلها ومعاناته، وظفتها ومن خلال رسوم كاريكاتيرية ساخرة جريئة تهكمت فيها على واقع مؤلم شهدته عيناها منذ صغرها مستعرضة بعضا من هموم مجتمعها وجيلها. ظهرت رسوماتها الكاريكاتيرية أولا على واجهة أحد المنتديات لتترجم أولا ما عرض عليها من أفكار ثم لتبدأ في تقديم أفكارها الخاصة. حاليا تشارك بأفكارها وكاريكاتيراتها الظريفة في مجلة "صوت الوفاق" التي يصدرها مركز البحرين الشبابي التابع لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية. "الوسط" حاورت الستري، لالقاء نظرة على هوايتها في رسم الكاريكاتير فكان الحوار الآتي: كيف كانت بدايتك مع الرسم بشكل عام ومع الكاريكاتير بشكل خاص؟ - منذ طفولتي كان لدي ميول إلى الرسم وكان والدي وجميع أفراد أسرتي يشجعوني ويوجهون لي الانتقادات حين أعرض رسوماتي عليهم وهكذا بدأت تتحسن أعمالي شيئا فشيئا. في البداية كنت أحب الرسومات الكلاسيكية لكنني لاحظت بعدها كما لاحظ المحيطون بي أن لدي لمسة كاريكاتيرية في كل لوحة أقدمها، وهنا كان أول توجه لي لرسم الكاريكاتير. أما بدايتي الفعلية فكانت قبل عامين تقريبا حين اطلعت على بعض رسومات خالد الهاشمي عن القضية الفلسطينية. تعاطفت مع الأفكار التي بثتها رسوماته وفي الحال وجدت نفسي أمسك القلم وأحاول تقليد خطوطه، وفي الوقت نفسه اطلعت على رسومات حمد الغائب وأعجبت بها بشكل كبير وبدأت أيضا أقلد خطوطه ومنذ ذلك الحين أصبحت كل رسوماتي كاريكاتيرية. ماذا عن الأفكار في رسوماتك؟ - في البداية كانت كل أفكاري بسيطة للغاية، بعدها بدأت اطلع على مقالات حمد الغائب بصحيفة "الوسط" وبدأت استلهم منها الكثير من الأفكار لرسوماتي. في البداية كنت أهتم بقضية فلسطين، بعدها بدأت الأوضاع في البحرين تشغل بالي، فبدأت أضمن رسوماتي كل ما أراه حولي من هموم المواطنين وقضايا الشباب. وبمجرد أن أرى وضعا معينا تتكون لدي في الحال فكرة لرسم كاريكاتيري، إلا أنني على رغم ذلك أواجه مشكلة في إيصال هذه الأفكار. ماذا عن شخصياتك؟ هل هي من ابتكارك؟ - أحاول دائما أن أكون شخصيات خاصة بي، أنا أراقب الناس باستمرار وأحاول أن أحول كل شخصية إلى شخصية كاريكاتيرية، وأركز على كل ما يميز الشخصية وأجعله واضحا كالأنف الكبير أو العين الصغيرة وهكذا أصبحت لدي طريقة خاصة، وبصراحة خطوط الغائب ساعدتني لأن أكون شخصياتي الخاصة. شخصياتي متشابهة إلى حد كبير، أهمها شخصية الشاب البحريني الذي أجعله دائما ضعيف البنية مهلهل الملابس، وذلك في إشارة إلى وضعه في الواقع وإلى مظلوميته، وهذا أيضا يعكس حاله الاجتماعية السياسية فهذا الشاب مسكين وغير قادر على أن يفعل الكثير من الأمور. الشاب البحريني في رسوماتي له عينان صغيرتان وانف كبير وفم صغير لا يكاد يرى، وذلك في إشارة إلى عدم قدرته على التعبير عن رأيه. أما شخصيات الوزراء والمسئولين فيجب جعلها منتفخة الكروش، وأن يرتدوا البشت، وأحاول أن أميز بين المواطن العادي الذي قد يرتدي ملابس مشابهة للوزير بأن أجعل الأخير سمينا، كما أن "الكحفية" التي يرتديها الوزير "أسفل الغترة" يجب أن تكون واضحة أما "كحفية" المواطن فلا تكاد ترى، عقال الوزير كبير، أما المواطن "فعقاله" صغير جدا.
رسامة معروفة ... وفي "الوسط"
غدير تؤمن بأن الكاريكاتير أبلغ وسيلة في نقل الأفكار وأن له قدرة أكبر من المقال على الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة وخصوصا أن الكاريكاتير ينقل الأفكار بطريقة كوميدية. في طفولتها كانت تتمنى أن تبتكر فيلمها الكارتوني الخاص أما الآن فهي تطمح لأن تصبح رسامة كاريكاتير معروفة، وبحسب قولها "وأن أعمل في صحيفة "الوسط"، وأن أصل إلى المستوى الذي يمكن التعرف فيه على رسوماتي من أول نظرة من دون حاجة إلى الرجوع حتى إلى توقيعي"
العدد 1144 - الأحد 23 أكتوبر 2005م الموافق 20 رمضان 1426هـ