العدد 1170 - الجمعة 18 نوفمبر 2005م الموافق 16 شوال 1426هـ

الإسلام دين الحب والسلام لذلك انتشر عالميا

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

أي إسلام هذا الذي ترتكب المجازر البشعة باسمه في حق أطفال ونساء ورجال أبرياء. ..؟ من يدفع لهؤلاء المجرمين لتشويه الدين الإسلامي جهلا وغباء...؟ مثلما فعلوا مؤخرا وقاموا بتفجير أنفسهم بثلاثة فنادق فخمة في الأردن... البلد الآمن الذي أصبح في السنوات الأخيرة قبلة أهل الخليج للسياحة والاستثمار. لقد ذهب ضحية لهذه الإنفجارات البشعة 57 شخصا بريئا لا ذنب لهم... منهم المخرج العالمي مصطفى العقاد... الذي كان يعد لإخراج فيلم عالمي سيظهر الإسلام في صورة مشرقة من خلال شخصية القائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي ومعه ابنته التي كانت على موعد معه وكأنه لقاء من أجل الموت... وذلك الشاب الوسيم البحريني حمد جناحي الذي لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره... المتدين تدينا حقيقيا، الدمث الخلق، المحب لوالديه... ماذا فعل هذا الشاب الشهيد ليقتل بهذه البشاعة وهو مسلم قلبا وقالبا يؤدي الفروض الخمسة ويعامل من حوله بحب ورحمة؟ إن هؤلاء الإرهابيين... هم أكثر أذى للإسلام من الكفار أنفسهم... يغرون الشباب الجاهلين بالدين الإسلامي وتعاليمه القائمة على الحب والتسامح... ويغذون عقولهم بأنهم سيعيدون مجد الدولة الإسلامية الأول... ويغرونهم بالجنة وحور العين... وكذلك بالمال لأسرهم الفقيرة البائسة... فينساقون وراءهم كالمنومين مغناطيسيا ليحققوا أغراضهم القذرة بأموال كان من الممكن توجيهها للبناء لا للهدم... مثلما يفعلون باسم الدين الإسلامي وهو بريء منهم. إنني واثقة أن الأعداء لن يجدوا وسيلة لتشويه صورة الدين الإسلامي الحضارية أفضل مما يفعله هؤلاء المتعصبون الجهلاء فقهيا بالدين الإسلامي في جميع أنحاء العالم... أي ابتلاء ابتلينا بهم نتيجة للظلم والفقر والبؤس الذي ساد الدول العربية في ظل حكام ظالمين استولوا طوال سنوات طويلة على ثروات الأمة وتركوا شعوبها ضائعة فقيرة جاهلة في معظمها مع مقررات دينية تركز على تكفير أصحاب الديانتين المسيحية واليهودية. ونسوا أن الإسلام قد جاء هداية ورحمة للعالمين وأنه المكمل لتلك الديانتين... وأن الله سبحانه وضع الإنسان أمام اختيار ما يشاء كدين له... وأوضح له مصير اختياره... وفتح له باب التوبة والدخول في الدين الإسلامي الشامل الذي سار عليه أنبياء الله منذ أن أنزله على البشر لهدايتهم... ألم يذكر القرآن أن الأنبياء مسلمون حنفاء؟ وفرض المسلمون الأوائل وهم يفتحون الدول لنشر الدعوة الإسلامية على من لا يريد أن يؤمن بالنبي محمد بن عبدالله كخاتم للأنبياء والقرآن الكريم أن يدفع الجزية ويظل على دينه... ولا يمنع عليه عاداته وطعامه الذي تعود عليه حتى لو حرمه الإسلام مثل شرب الخمر ولحم الخنزير. والواضح من التاريخ الإسلامي التعامل الحضاري الذي عامل به المسلمون الأوائل شعوب الدول التي افتتحوها لينشروا الدين الإسلامي فيها... فهم لم يتدخلوا في عاداتهم ولا في مسائل الحرام والحلال لديهم... والدليل على ذلك أن ثاني الخلفاء الراشدين والقائد العظيم عمر بن الخطاب لم يأمر قائد جيشه بهدم تماثيل الفراعنة عندما دخل مصر، ولم يأمر الخلفاء الراشدون من بعده بهدم تماثيل غيرهم من الديانات الأخرى في دول الشام ودول الشرق الأقصى، إذ وصل الإسلام إلى الصين وإسبانيا... لأن التاريخ كنز قومي للأمة... لا يشوهه دين حضاري ولا يضر الإسلام وجود تلك التماثيل وعادات تلك الشعوب المخالفة لما يحرمه الله سبحانه في قرآنه وأحاديث نبيه الكريم... لأن من أراد أن يمتنع عما يغضب الله سيمتنع بنفسه والله رقيب عليه... ولن يفيد أن يمنعه الحكام... ويمارسه هو في الخفاء. الإسلام دين الإرادة القوية والعلاقة الخاصة المباشرة بين ضمير الإنسان وربه... فهو خالقه سبحانه وهو سيحاسبه وحده على ما ارتكب... لن يفيده في ذلك اليوم لا مال ولا بنون... ولا يصح أن يكفر مسلم أي شخص... لأن الله سبحانه وحده عالم بما في نفوس عباده... وقد أوضح الله تعالى ذلك في آيات كثيرة لمن يقرأ هذا الكتاب المقدس العظيم... ويفكر ويتأمل في سوره والهدف من نزولها. لقد انتشر الدين الإسلامي بالحب والتسامح... وعندما عاد النبي "ص" إلى مكة مع المهاجرين من أهله وأصحابه بعد أن آذاه كفار مكة... لم ينتقم منهم... وإنما عفا عنهم قائلا: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". بهذه الروح المتسامحة القوية الصادقة المشبعة بالرحمة انتشر الإسلام... حتى أن أحد المسلمين في ماليزيا التي تمثل النموذج المثالي للدين الإسلامي المتحضر... قال لي أثناء زيارتي لهذه الدولة الإسلامية المتقدمة صناعيا وخلقيا: "لم نسلم عن طريق الغزوات، وإنما انتشر لدينا الإسلام بسبب حسن خلق وأمانة المسلمين التجار الذين قدموا إلى ماليزيا وغيرها من الدول... ونحن نطبق أخلاقهم الفاضلة في التعامل بيننا حتى اليوم". إن الإسلام الحقيقي هو القائم على الفكر والتدبر في آيات الله... وتطبيق الفروض الخمسة والتعاليم الأخلاقية وممارسة الخير بجميع أشكاله، ثم تأتي الأمور الشكلية المكملة للدين الإسلامي، فالله سبحانه ينظر إلى ضمائر المسلمين قبل أن ينظر إلى وجوههم... إنما ينظر الله إلى سرائركم لا الى وجوهكم "حديث شريف" وهو ما يؤكد صدق العلاقة بين الله سبحانه والمسلم المؤمن الحقيقي... وهذا ما يدفعنا للتقدم حضاريا كمسلمين.

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 1170 - الجمعة 18 نوفمبر 2005م الموافق 16 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً