العدد 1175 - الأربعاء 23 نوفمبر 2005م الموافق 21 شوال 1426هـ

نهاد حداد (فيروز)

أطفأت المطربة فيروز حديثاً 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري سبعين شمعة، محتفلة بعيد ميلادها السبعين الذي يصادف عيد استقلال لبنان. ففي الثاني والعشرين من العام 1935 ولدت نهاد حداد في بيت فقير من بيوت حي «زقاق البلاط» البيروتي، من أب يدعى وديع، هو من السريان الذين هاجروا من مدينة ماردين، وأم تدعى ليزا البستاني.

- ولدت فيروز أو نهاد (اسمها الأصلي) قبل عيد الاستقلال الذي أُعلن في الثاني والعشرين العام 1943 وما لبثت أن أضحت رمزاً وطنياً يلتقي حوله اللبنانيون على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم.

- تزوجت من عاصي الرحباني في العشرين من عمرها منضمة الى الأسرة الرحبانية كزوجة ومطربة في الحين ذاته. وكانت أصلاً تعاونت مع الرحبانيَين عاصي ومنصور قبل الزواج، بين العامين 1949 و.1955 وإذا كان حليم الرومي اكتشفها قبل عاصي وأطلق عليها لقب فيروز عندما كانت تغني في الإذاعة اللبنانية، فإن الأخوين فليفل، محمد وأحمد، كانا سبّاقين في تأليف أغنيات فردية لها وتلحينها، وبعضها أنجز في الإذاعة السورية وإذاعة الشرق الأدنى. ومن تلك الأغنيات التي باتت مجهولة أو شبه ضائعة: «ميسلون»، «فتاة سورية»، «إلى سورية» وسواها. وقد يصعب تصور تلك الفتاة ابنة الرابعة عشرة، تؤدي منفردة مثل هذه الأغاني عبر إذاعات مهمة ومعروفة حينذاك في المشرق العربي.

- عائلة الفتاة نهاد كانت من العائلات البيروتية الفقيرة، تقطن منزلاً تقاسمها إياه عائلة أخرى، وكانت نهاد تسترق السمع إلى «راديو» الجيران يبث أغنيات تلك المرحلة، فتحفظها وترددها. لا تخجل فيروز من حكايات طفولتها الحزينة والفقيرة، ويحلو لها أحياناً أن تقص على أصدقائها بعضاً من تلك الحكايات، ومنها حكاية الحذاء الذي يكون أبيض في الصيف ثم يصبح أسود في الشتاء، بعد أن تصبغه لتتمكن من انتعاله طوال السنة!

- كابدت من الآلام وربما المآسي بمقدار ما عرفت من مجد وشهرة. لم تحظ بالألقاب الكبيرة والأضواء والتكريمات إلا بمقدار ما عانت من شجون شخصية وعائلية. ولو لم تكن فيروز من طينة نادرة لما استطاعت أن تصمد حيال العواصف التي هبت في حياتها. ابنها «هلي» لايزال مقعداً يتنقل بين السرير والكرسي المتحرك، شاب وسيم ولكن لا يعي ما يحصل حوله، ابنتها ليال توفيت في عز صباها... هذان جرحان في روحها لا يندملان مهما حاولت أن تنسى.

- تعيش فيروز مع ابنتها ريما، متنقلة بين بيتيها، الأول في الرابية وهو البيت العائلي والثاني في الروشة. نادراً ما تخرج فيروز من البيت، وإن خرجت ففي طريقة شبه سرية، واضعة نظارتها وإن كان الوقت غروباً أو مساء، فهي لا تحب الظهور العلني بتاتاً. أما أصدقاؤها فيزورونها في منزلها، وكذلك مستشاروها وناشرو أعمالها وسواهم. حياة هادئة جداً، تميل إلى أن تكون ليلية، فالسيدة فيروز لا يمكن الاتصال بها إلا بدءاً من بعد الظهيرة.

- كانت مجموعة من المثقفين العرب أصدرت قبل شهر بياناً دعت فيه الدولة اللبنانية إلى جعل يوم ولادة فيروز عيداً وطنياً. وهذا ما لا تحبه فيروز، هي التي تكره أصلاً الكلام عن الأعمار. وقد تكون على حق، فمن يصدّق أن هذه المطربة الكبيرة التي واجهت الزمن بصوتها البديع، واستطاعت أن تنتصر عليه حباً وحنيناً، لوعة ووجداً، أصبحت في السبعين.

العدد 1175 - الأربعاء 23 نوفمبر 2005م الموافق 21 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً