العدد 1186 - الأحد 04 ديسمبر 2005م الموافق 03 ذي القعدة 1426هـ

«مقنع» وحقيقة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

في إطار من السرية يبدأ اليوم في فيينا فريق من لجنة التحقيق الدولية استجواب خمسة من السوريين في موضوع جريمة اغتيال رفيق الحريري. الاستجواب سيتم وسط إجراءات أمنية مشددة وبحضور فريق من المحامين لمتابعة التحقيق والتأكد من سلامته وعدم تعارضه مع القوانين الدولية المتعارف عليها. الاستجواب إذاً، يبدأ بعد أخذ ورد بين رئيس اللجنة ديتليف ميليس ودمشق بشأن المكان والمدة والتوقيت والإجراءات والآليات. كذلك يبدأ بعد خروج «المقنع» في مؤتمر علني كشف فيه للرأي العام هويته، موضحاً أسلوب التحقيق الذي جرى معه والضغوط التي تعرض لها والاغراءات التي قدمت له ليقول هذا وذاك. كذلك يحصل الاستجواب وسط تداعيات تنظيمية اربكت لجنة التحقيق وكلها تتصل بمستقبل ميليس المهني وإمكان استبداله أو انسحابه أو استقالته أو إقالته أو تركه يتخبط في منصبه حتى تنتهي مدة رئاسته الرسمية في مطلع يناير/ كانون الثاني المقبل. هناك إذاً، علامات استفهام كثيرة تحيط بتلك الهالة التي احيطت بفريق ميليس ومكانة القاضي الألماني وخبرته وباعه الطويل في كشف الحقائق. ورافق الاستفهام علامات تعجب من قلة براعة هذه اللجنة التي يقال إنها تتألف من 72 قاضياً ومحققاً ينتمون إلى 14 دولة وضعت بخدمتهم كل الإمكانات المادية والتقنية، وقدمت لهم تسهيلات من أعلى المستويات. كذلك قدم مجلس الأمن كل ما هو مطلوب من الدول الكبرى تقديمه من ضمانات أمنية وتغطية قانونية ودولية لم تحصل سابقاً، وأنفقت موازنة بلغت الملايين من الدولارات لتأمين كل الوسائل المطلوبة للكشف عن الفاعل. الآن، وبعد مضي المدة الزمنية الأولى وشارفت المدة الثانية على الانتهاء ويحتمل أن تعطى اللجنة مهلة ثالثة تمتد قرابة ستة شهور... لم يكتشف المحقق النبيه سوى اخباريات ذاك «المقنع» الذي كشف عن وجهه في مؤتمر صحافي. وبغض النظر عن صحة تلك المعلومات التي قالها «المقنع» فإن ما ذكره أربك المحقق ولجنة التحقيق وأظهر للرأي العام أن بعض تلك الأخبار التي وردت في التقرير هي من نسج خياله وقالها تحت الضرب والاكراه والاغراء... وبالتالي فهي مجرد فقاعات هوائية لا تستند إلى وقائع دامغة ولا ترتقي إلى مستوى التوثيق. أي هي كلام بكلام وحكي... «وحشي». إذاً، التقرير «الناقص» في معلوماته وأدلته تورط به مجلس الأمن حين استند إليه لإصدار القرار .1636 فالقرار الدولي جاء بعد تقرير بات الآن في وضع مهزوز، ويحتاج إلى مزيد من الوقت لغربلة تلك الاخباريات التي أفضى بها «المقنع» حين أكد مراراً أنها مجرد «كلام فارغ» نطق به. هل هذا الكلام الواضح والقاطع يعتبر مجرد تشويش على التقرير وشى به موظف صغير في جهاز مخابرات سابق، أم ان صاحب التقرير (القاضي العبقري) بات بحاجة إلى إجازة أو صرف من العمل من دون تقاعد أو... وهذا هو المطلوب دولياً وأميركياً إعطاء المحقق «النبيه» فرصة إضافية لتأكيد معلوماته وتوثيقها من شاهد ثالث (مقنع أيضاً)؟ كل الأوراق موضوعة على الطاولة، والمطلوب من ميليس سحب الورقة التي تحمل الحظ والرقم السعيد. فالمحقق الآن، وبعد هذه البهدلة التي جاءت من «المقنع»، دخل في شبكة عنكبوتية لا يعرف خيوطها الأولى من الأخيرة. فالكشف عن الحقيقة بات الآن يحتاج إلى محقق جديد يعيد النظر في أسلوب جمع المعلومات وتحليلها وتفكيكها وتركيبها حتى تظهر الصورة كما يجب أن تكون عليه وكما حصلت في الواقع. مشكلة القاضي العبقري (المحقق النبيه) كما وصفته اجهزة الغرب، أنه تورط في قصص بوليسية تروى من جانب شهود مقنعين. فميليس كما يبدو، يريد كشف الحقيقة من وراء الاقنعة لا كشف القناع عن الجريمة. وهذا النوع من التعامل أضاع الوقت في مسألة معقدة وشائكة، ودفعه إلى التغاضي عن افادات أخذت من 480 إلى 520 شاهداً، وإهمال سجلات ومحاضر بلغت 17 ألف ورقة... ليأخذ في الأخير ما رواه عن فلان فلان المدعو: هسام هسام.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1186 - الأحد 04 ديسمبر 2005م الموافق 03 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً