أطلق وزير شئون البلديات والزراعة جمعة الكعبي ورئيس مجلس بلدي المحافظة الشمالية يوسف البوري بحضور ممثلي القرى والمؤسسات الأهالي بالشمالية أمس (الأربعاء)، حملة «ارتقاء» تحت شعار «بيئتنا أمانة».
وتتمثل أهداف ورؤية الحملة في تحقيق تنمية عمرانية شاملة، وتوفير أفضل الخدمات البلدية والزراعية التي تساهم في بناء دولة عصرية تتوافر فيها الحياة الكريمة للمواطن والمقيم في سبيل تحقيق التنمية المستدامة.
وستعمل الحملة، بحسب منظميها، على تعزيز مكانة البحرين كمركز حضاري واقتصادي في ظل تنمية عمرانية وزراعية مستدامة، من خلال الارتقاء بمستوى الخدمات البلدية والزراعية إلى أعلى درجات الجودة وتطبيق نظام الجودة الشاملة وتنمية الموارد البشرية والمالية، إلى جانب استخدام أفضل المعايير والنظم والتقنيات الحديثة.
وقال وزير «البلديات» على هامش تدشين الحملة، إن «مشاركة ممثلي القرى والمؤسسات الأهلية في تدشين الحملة التي ستنفذها بلدية الشمالية خلال الأسبوع المقبل تعتبر ترجمة لاستراتيجية وزارة البلديات ضمن رؤية البحرين للعام 2030».
وأضاف أن «حملة (ارتقاء) جاءت كجزء من آليات تنفيذ الاستراتيجية في توفير الخدمات التي يحتاجها المواطن من أجل حياة كريمة».
وتابع الكعبي «نحن نعتقد أن الشراكة المجتمعية هي من أبرز الركائز لصنع القرارات على المستوى الأهالي والبلدي والوزاري، أي بطريقة تدريجية وتراكمية».
ومن جهته، علق رئيس مجلس بلدي الشمالية يوسف البوري، وقال إن «التعاون بين المؤسسات الرسمية التنفيذية والمجتمع المدني «الشراكة المجتمعية» لاشك أنه يصب في المصلحة العامة، فالحملة التي تم تدشينها عبارة عن رؤى وستكون بالتالي استراتيجية سترفع للقيادة السياسية، علما أنه لن تكون هذه الرؤى إستراتيجية ما لم تكن مدعومة برؤى المواطنين أنفسهم قياسا باحتياجاتهم ومتطلبات مناطقهم».
وأوضح أن «عنوان الحملة جاء اختزالا لواقع المحافظة الشمالية، فاليوم التحدي أصعب وأكثر شمولية لدى المجلس، ولاشك أن الرغبات والأمنيات أكثر من الإمكانات الموجودة لدى المجلس أيضا، إلا أن الحل يكمن ليس في السكوت والتفرج بل في غربلة هذه التحديات والوصول إلى أفضل الطرق والإمكانات المطروحة من أجل حلحلتها».
واستدرك البوري حديثه مبينا أن «واقع المحافظة الشمالية يحتاج إلى تعاون فعال يشمل أطراف المعادلة الثلاثة، وهم المواطنون والمجلس البلدي والحكومة، وأن ما يضفي إلى نتيجة ملموسة هو إيجاد شراكة مجتمعية من أجل تحقيق أية أهداف سواء كانت ضمن حملة «ارتقاء» أو غيرها، فالأعضاء البلديون الثمانية أو التسعة على صعيد كل المحافظات لن يستطيعوا أن يحققوا كل أحلام الناس في حين يتفرج المجتمع بأكمله عليهم».
وشدد البوري قائلا: «علينا أن نستثمر مرحلة الانفراج السياسي الأخيرة، فالمجتمع الذي لا يستثمر الفرص التي توافيه يعتبر غير واعٍ».
كما أكد أن مشوار التنمية في المحافظة الشمالية طويل جدا، لذلك فإن حملة «ارتقاء» ستكون مفتوحة زمنيا، لأن الطموح هو تحقيق أهداف الحملة لنحو 39 قرية، علما أن المواطنين لهم قابلية في تحقيق الأفضل في المجتمع البحريني.
وفي تفاصيل أكثر عن الحملة، تحدث مدير عام بلدية الشمالية عبدالكريم حسن قائلا: ارتأت بلدية المنطقة الشمالية لتحقيق رؤيتها المنبثقة من وزارة شئون البلديات والزراعة المتماشية مع الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030 من خلال إطلاق حملة (ارتقاء)، التي تهدف إلى الارتقاء بمستوى مختلف أنواع الخدمات التي تقع تحت مسئولية البلدية، والتي ستكون تحت شعار «الشراكة المجتمعية سبيلنا والارتقاء غايتنا».
وعن أهداف الحملة، أوضح «تعتبر الأهداف عناصر رئيسية لتحقيق رؤية بلدية الشمالية، فأولها الارتقاء بمستوى المشاركة المجتمعية عن طريق إشراك أكبر قدر ممكن من مختلف الفعاليات المجتمعية في برامج العمل البلدية، الذي يصب في تحقيق الرؤية تحت شعار (الشراكة المجتمعية سبيلنا)».
وواصل «أما الهدف الثاني، فهو الارتقاء بمستوى النظافة تحت شعار «بيئتنا أمانة» التي ستبدأ بحملة نظافة مكثفة تشارك فيها جميع فعاليات المجتمع المدني، إذ تهدف إلى رفع مستوى النظافة إلى مستوى الطموح والعمل على الحفاظ عليه». لافتا الى أنه تم تقسيم المحافظة الشمالية إلى أربع مناطق جغرافية يوجد على كل منطقة فريق عمل متكامل مكون من الجهاز التنفيذي والأهالي، كما تم تشكيل فريق متكامل يعمل على تنظيف السواحل.
وأشار حسن إلى أن «الهدف الثالث هو الارتقاء بمستوى تقديم الخدمات البلدية عن طريق تفعيل دور فروع بلدية المنطقة الشمالية ورفع مستوى الجودة والإنتاجية فيها، وذلك تحت شعار نحو (تقديم خدمات أفضل)». وعن الهدف الرابع والخامس، فبين أنه الارتقاء بالرقعة الخضراء والحفاظ عليها عن طريق إنشاء الحدائق والمتنزهات والسواحل والعمل على تجميل الشوارع والميادين والمدن والقرى، تحت شعار «الشمالية واحة خضراء»، وكذلك الارتقاء بمستوى المسكن عن طريق الدفع للأمام في تنفيذ مشروع المنازل الآيلة للسقوط وتفعيل برنامج تنمية المدن والقرى تحت شعار «نحو بيوت مستقرة».
تعتبر مملكة البحرين من طلائع الدول العربية التي تمتلك تجربة تاريخية رائدة في مجال العمل البلدي، فهي من جانب أول دولة خليجية خطت نحو المدنية من خلال التحديث الإداري مطلع القرن العشرين الذي صاحبها تأسيس أول مجلس بلدي منتخب على مستوى المنطقة، وهي بهذه التجربة الرائدة استطاعت أن تخطو نحو المدنية الحديثة وفق الأطر التنظيمية التي تبوأتها لأن تحتفظ بريادتها على مستوى المنطقة العربية.
ولأن المتغيرات الإدارية والسياسية والعالمية كانت سببا في تعطيل التجربة البلدية الأولى التي استمرت حتى أربعينيات القرن الماضي إلا، أنها انطلقت وبقوة من جديد، وعبر المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لتكون حجر الزاوية للمشروع الإصلاحي كأول مجالس بلدية منتخبة بالكامل تقابلها أجهزة تنفيذية مستقلة استقلالا ماليا وإداريا، فكانت اللبنة الأولى لمفهوم الشراكة المجتمعية التي تلتقي فيها الإرادة الشعبية مع ترجمة حقيقية للمشروع الإصلاحي.
وباعتبار التجربة البلدية إحدى ترجمات مفهوم الشراكة المجتمعية، وعنصرا أساسيا في العمل الديمقراطي، كان لابد أن تتراكم الخبرات من أجل تطويرها، وتفعيل أهدافها بكل الطرق التي تصب في تحقيق أهداف الشراكة المجتمعية كهدف استراتيجي للارتقاء بحياة الفرد ومعيشته.
وعليه فإن مناسبة أسبوع العمل البلدي تعتبر إحدى المناسبات التي تتجدد فيها الدعوة لفهم الفلسفة الحقيقية لقيام هذه المجالس، والعمل على ترجمة عملية لأهداف وبرامج العمل البلدي عبر منطلقات عملية وفهم أوسع للشراكة المجتمعية، وتأتي فعاليات أسبوع العمل البلدي في بلدية المنطقة الشمالية من واقع التجربة والتقويم المستمر للعمل البلدي، التي تصب في خدمة المجتمع وتحقيق الشراكة الحقيقية بين جميع أفراد ومؤسسات المجتمع البحريني.
وعلى ذلك، يمكن تلخيص أهداف فعاليات العمل البلدي في ثلاث نقاط أساسية، وهي تحديث مفهوم الشراكة المجتمعية من خلال فهم العمل البلدي فهما أوسع وأشمل. وإشراك المجتمع بكل فئاته ومكوناته لتحمل مسئولياتهم تجاه مدنهم وقراهم، وترجمة ذلك من خلال برامج وفعاليات أسبوع العمل البلدي. والبحث عن إمكانات المجتمع وأفراده لتغيير الواقع البيئي الى أفضل حال ممكن.
تتمثل الفعالية الأولى للمهرجان بحسب ما كشفت عنه بلدية المنطقة الشمالية بحملة للنظافة، وذلك بعد تقسيم المنطقة الشمالية الى أربع مناطق (أ، ب، ج، د)، وينطلق البرنامج من المنطقة (أ) التي يتم تحديد احتياجاتها من خلال قسم النظافة في بلدية الشمالية، وتشكيل فرق العمل بالتعاون مع مؤسسات المجتمع الموجودة في النطاق الجغرافي للمنطقة المستهدفة.
وبشأن مبررات فعالية النظافة، فإن مستوى النظافة في المنطقة الشمالية يعتبر من المستويات الذي لا يرتقي الى الطموح المطلوب، وتعاني المنطقة الشمالية من مشكلات عدة في مجال البيئة، وذلك لعدة عوامل أبرزها تدني مستوى الوعي البيئي والثقافة العامة لدى الكثير من أفراد المجتمع، فضلا عن تحمل الجهاز التنفيذي والمجلس البلدي المسئولية الأكبر في هذا الإطار، بالإضافة إلى حداثة التجربة العملية في مجال خصخصة مجال النظافة وما تبعها من مشكلات فنية، كما لا يمكن تغافل الحجم السكاني وعدد المباني القديمة في هذه المحافظة باعتبارها أكبر محافظة من حيث عدد السكان الذي يتجاوز الـ 260 ألف نسمة، وحجم المباني القديمة باعتبارها مكونة من 35 إلى 39 قرية ومدينة حديثة واحدة فقط هي مدينة حمد.
وكل ذلك يتطلب تظافر جهود الجميع للتغلب على هذه المشكلة، لذلك تأتي هذه الفعالية لتصب في هذا الاتجاه.
اختارت بلدية الشمالية أربع قرى «الديه، القدم، شارع سار، شهركان» كنموذج يمكن تعميمه فيما بعد على بقية القرى، إذ سيتم تجميلها من خلال إزالة جميع الأنقاض والمخلفات فيها، والقيام بزراعة ما يمكن زراعته في القرية، وعمل استراحات تتضمن كراسي إسمنتية ومظلات، بالإضافة إلى صباغة الجدران وعمل جداريات «عبارة عن آيات قرآنية ورسومات» لتجميل جدران القرى.
وستستمر حملة القرية الجميلة لمدة خمسة أيام حتى نهاية فعاليات أسبوع العمل البلدي، إذ سيتم البدء في العمل في كل قرية تباعا بحسب تقسم فرق العمل «التنظيف، التشجير، التجميل والجدرايات».
وبشأن أسباب الفعالية الثانية، فأوضحت بلدية الشمالية أنه يغلب على قرى المنطقة الشمالية طابع القدم والعشوائية في مظهرها العام، فضلا عن افتقار هذه القرى للمرافق العامة والمساحات الخضراء نظرا الى التغير العمراني التي طرأ عليها، كما أن جدران هذه القرى مليئة بالعبارات والكتابات التي هي بحاجة إلى عملية صيانة للاحتفاظ بحضارية وتاريخ القرية التي تمتمد في جذورها الى عمق تاريخ هذه الأرض.
كما أن هذه القرى تضم طاقات شبابية مليئة بالحيوية والنشاط والقادر على العطاء، الذي يترقب الفرصة المناسبة ليقدم خدماته ويترجمها عمليا، والبلدية بهذه الفعالية ستوفر الظروف المناسبة لترجمة الجهود والطاقات الموجودة في هذه القرى لتضرب نموذجا رائعا للشراكة المجتمعية في خدمة البيئة، كما ستعمل البلدية على توفير الدعم اللوجستي والكوادر الفنية لتوظيفها في سبيل تجميل هذه القرى ورفع المستوى البيئي فيها بالتعاون مع الأهالي.
ضمن فعاليات المهرجان الثالثة، ستقوم بلدية الشمالية بتكريم الأسرة المكافحة، إذ سيتم اختيار أسرة من كل دائرة انتخابية تابعة للتقسيم الإداري للمجلس البلدي سيتم تكريمها من قبل المجلس البلدي، على أن يتم اختيار هذه الأسرة وفق معايير يضعها المجلس بالتعاون مع عضو الدائرة والصندوق الخيري للمنطقة.
وسيقوم مدير عام البلدية ورئيس المجلس البلدي بالإضافة الى عضو الدائرة بزيارة لمنزل الأسرة المكافحة لتكريمها.
وعن مبررات الفعالية، أكد المجلس البلدي أنه يغلب على أهالي المنطقة الشمالية بشكل عام ضعف المستوى الاقتصادي، ويمكن اعتبار المنطقة الشمالية من أكثر المناطق ذات الدخل المحدود والمتدني على مستوى المحافظات الخمس في المملكة، ويمكن التدليل بذلك من خلال عدد البيوت الآيلة للسقوط فيها وما يتبعه من مظاهر تؤكد هذه الحقيقة، إلا أن ما يميز المجتمع البحريني بشكل عام والمحافظة الشمالية بشكل خاص هو تنامي الحس الديني والالتزام الأخلاقي فيها فهي تحمل ملامح المجتمع البحريني القديم والثقافة البحرينية الأصيلة في كثير من مفاصلها.
ولإن كانت الأسر الفقيرة في هذه المحافظة كثيرة إلا أنها تتميز بثقافة عالية ووعي راق على خلاف الكثير من المجتمعات الفقيرة في العالم، وهذه ميزة في المجتمع البحريني عموما، لذلك وجدت البلدية أن تكريم (الأسرة المكافحة) سيعطي دفعة معنوية للتكاتف الاجتماعي واللحمة الوطنية التي يعمل الجميع في هذه المملكة على تقويتها وتنميتها وهي تأتي ضمن حلقات الشراكة المجتمعية وتحمل الجميع لمسئولياتهم تجاه المجتمع وأفراده.
تعمد بلدية المنطقة الشمالية ضمن الفعالية الرابعة والأخيرة من أسبوع العمل البلدي إلى القيام بعدة فعاليات، أهمها عرض مسرحيات بيئية وتكريم العاملين في أسبوع العمل البلدي في منتزه عين عذاري الموافق 15 مايو/ أيار.
ويتضمن هذا اليوم عدة فعاليات، وهي مسرحية للأطفال والكبار عن البيئة، وتكريم العاملين في أسبوع العمل البلدي، بالإضافة إلى المكرمين في فعاليات سابقة، فضلا عن يوم ترفيهي مفتوح يتم خلاله توزيع مجموعة دعوات لأطفال المنطقة الشمالية، إلى جانب معرض يتضمن الحرف اليدوية ومسابقة أفضل عمل فني من المخلفات.
وجاءت هذه الفعالية بحسب ما أشارت إليه البلدية، لأن متنزه عين عذاري يعتبر من المتنزهات المهمة ليس على مستوى المحافظة الشمالية فحسب، بل على مستوى مملكة البحرين لما يختزله هذه المتنزه من معان جميلة في ذاكرة البحرينيين، ولعل تطوير هذه المتنزه خلق فرصة جديدة وعصرية لمواكبة الحركة المستمرة في عملية التطوير والتحديث، ويبقى مع كل ذلك مكانا تتوافر فيه الإمكانات المطلوبة لعمل يوم ترفيهي يجمع مختلف شرائح المجتمع ويمكن من خلاله توفير كل المتطلبات لتتويج فعاليات أسبوع العمل البلدي من خلال المهرجان الختامي الذي سيضم عدة فعاليات في هذا اليوم، فضلا عن استعداد إدارة متنزه عين عذاري لتقديم كل التسهيلات إيمانا منها بواجبها الوطني تجاه مفهوم الشراكة المجتمعية من خلال العمل البلدي.
العدد 2435 - الأربعاء 06 مايو 2009م الموافق 11 جمادى الأولى 1430هـ