العدد 3019 - السبت 11 ديسمبر 2010م الموافق 05 محرم 1432هـ

ادعاء «اختطاف حمد» وهتك العقد الاجتماعي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مرت الأيام، واكتشفنا ان الطفل حمد إبراهيم محمد سيف البالغ من العمر 11 لم يكن مختطفاً، وانما ادعى ذلك أحد الأشخاص من أجل الحصول على الجنسية البحرينية من جانب، وكذلك الحصول على المال من والد الطفل الذي يعيش في اليمن.

ولكن وقبل ان تتوصل التحريات الى حقيقة الادعاء، فإن الادعاء الكاذب كشف عن حاجتنا الى النظر في كيف تعاطينا مع موضوع اختفاء الأطفال.

تتشابك الأمور، وتتداخل المسئوليات، وتطفح على السطح الكثير من الحكايات والأقاويل، التي تثير العديد من التساؤلات. ليس هناك ما يدعو إلى تناول مدى جدوى المبادرات التي تقدمت بها جهات مثل وزارة «التنمية»، عندما تبرعت، وبعد مضي ما يزيد على أربعة أيام على غيابه (قبل ان نكتشف انه ادعاء كاذب)، كي تضع بتصرف من لديه معلومات مفيدة خطاً ساخناً يمكنه استخدامه كي يساعد المسئولين على الوصول إلى الخيوط التي قد تفيدهم في الكشف عن الجريمة، والوصول إلى المجرم. ولسنا هنا بصدد تقويم كفاءة الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية كي نبرئ ذمتها، أو نوجه لها أصابع الاتهام. فالأمور أبعد أفقاً من مجرد «خط ساخن طارئ»، وأكثر تعقيدا من تحقيقات جنائية تحصر نفسها في الإطار الأمني المحض.

فإن كان لنا البحث عن الأسباب التي قادت إلى «غياب الطفل حمد»، فينبغي عدم تناول غيابه، بعيداً عن الاختلالات المركبة التي ولدها تفاعل عناصر سياسية واجتماعية عبرت عن نفسها في حوادث أمنية، قد تبدو مبعثرة، لكنها، في جوهرها، كانت ظاهرة متكررة، ومترابطة في آن، سادت البحرين خلال السنوات الأخيرة الماضية، وباتت تطالب الجميع، المواطنين قبل المسئولين بضرورة التوقف عندها من أجل معالجة القضية من جذورها، بدلا من الاكتفاء بتشخيص ما يبدو على القشور الخارجية التي تغلفها، والتردد خوفاً من الغوص إلى الأعماق، وإظهار الصورة على حقيقتها دون أية رتوش أو مساحيق.

قد تبدو القضية، وكأنها محض مشكلة اجتماعية بعيدة عن أية ارتباطات سياسية، وأنها هي التي أدت إلى أن «يتوه» طفل لما يزيد على أسبوع، في بلد صغير من حجم البحرين، وفي وسط مجتمع محافظ، كالذي تعيش بين ظهرانيه.

الخطوة الأولى على طريق البحث الجاد، ينبغي أن تبدأ عن المستجدات التي طرأت على المجتمع البحريني، خلال السنوات العشر الأخيرة، والتي ولدت مثل هذه الظواهر، والتي هي باتفاق الجميع حالة غريبة علينا كدولة وكمجتمع. هذه الرغبة الجادة تقودنا، إلى طريق واحدة لا ينبغي أن يكون هناك ما يحرفنا عنها، وهي تلك الكتلة السكانية غير الطبيعية التي زرعت بشكل مفتعل، ومن أجل غايات سياسية ضيقة الأفق، قصيرة المدى، من أجل تحقيق ما أصبح يحلو للبعض أن يروج له على أنه «مهمة وطنية» ، تتطلب منا العمل من أجل إعادة «التوازن الطائفي» في المجتمع، كخطوة أولى، كما يدعي هؤلاء، لتحقيق التناغم الاجتما/ سياسي الذي تحتاجه البحرين، لضمان تطورها وتقدمها. هذه النبتة غير الطبيعية، التي تم سقيها بمياه آسنة غير صالحة للري، لايمكن أن تثمر اجتما/سياسيا شيئاً يختلف عما تعرض له الطفل حمد، الذي تدق حالة اختطافه ناقوس خطر ينذر بما يهدد البحرين كدولة ومجتمع، فيما لو لم يعاد النظر في تلك الخطوة الخاطئة التي توهمت ان في وسعها معالجة ما وصفته بـ «الاختلال الطائفي».

ما يولد مثل هذه الظواهر بين صفوف هذه الكتلة هو أنها، وهذا أمر طبيعي، وينبغي أن نتوقعه، أنها ما تزال تعيش مرحلة «انتقالية مؤقتة»، بين هجرتها من مجتمعاتها الأصلية، واستقرارها في مجتمعها البحريني الجديد. خلال هذه المرحلة الانتقالية تكون هذه الكتلة في حل من أي «عقد اجتماعي» يربطها بالفئات والقوى الاجتماعية المحيطة بها. وبالتالي، تفقد هذه الفئة بوصلة القيم الاجتماعية التي تحدد مفاهيم النسيج الاجتماعي الذي ينظم العلاقات بين فئات المجتمع المختلفة. هذه الحالة الانتقالية، تبيح لفئات معينة، كي لا نظلم الكتلة بكاملها، بهتك أي شكل من أشكال العقد الاجتماعي الذي يفترض أن ينظم العلاقات الاجتماعية بين مختلف الفئات في البحرين.

هتك العقد الاجتماعي شبيه بإلقاء حجر في المياه، تتدافع تأثيراته وتتموج، فتتولد منها دوائر تأخذ في الاتساع قبل أن تتلاشى. ومن هنا ينبغي أن نهيأ أنفسنا، شئنا أم أبينا، إلى دوائر متدافعة تتولد عنها ظواهر اجتماعية سلبية خطيرة، كتلك التي ولدها إلقاء الحجر في الماء، ليس «اختفاء» الطفل حمد سوى ما يبدو على السطح منها.

تلك البداية قد تكون محصلتها النهائية سلسلة من الحوادث المتتالية التي سنواجهها في المستقبل القريب، ولن نكون قادرين على مواجهتها او التصدي لذيولها، فتكون نهايتها مجتمعاً هشاً غير قادر على نسج علاقات حميمية بين مواطنيه، دع عنك فئاته الاجتماعية، فما بالك بطوائفه ومذاهبه المختلفة

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3019 - السبت 11 ديسمبر 2010م الموافق 05 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 11:15 م

      تنويه

      ارجو من الحكومه ان توقف التجنيس لان هؤلاء المجنسين ليس لهم ولاءللوطن ولن يكون لهم ولاء له وسوف يعيثون فيه فسادا بسبب جهلهم وعاداتهم الدخيله

    • زائر 6 | 5:28 ص

      تخطيط للمستقبل الزاهر للطفل 11سنه ليصبح بعد 7سنوات مواطن صالح

      هناك في احضان ابوه وامه الدافىء وبعد ان يصل عمره القانوني يأتي للوظيفة والسكن ويكون بحريني بالجواز الاحمر القاني والشروط منطبقة عليه ولا احد يقول مجنس تخطيط مستقبلي جهنمي .
      احد الاخوان كان مدعو عند احد اليمنين فلاحظ الاطفال الموجودين اشكال والوان مختلفة فلفت هذا المشهد الغريب فسال مضيفه هؤلاء الاولاد كلهم اولادك فرد علية زميله لا ، قال له اذا اولاد من قال : اولاد اخوي والجيران ما سبب سكنهم عندك قال : للحصول على الجواز الاحمر القاني لمسقبل باني وسكن راني وبحريني هانىء .

    • زائر 5 | 5:02 ص

      هناك الكثير من هذه الحالات؟؟؟؟؟؟؟؟؟

      ليست اول مرة ولن تكون اخر مرة معيار الحصول على الجواز صعب لكن تأتي التسهيلات فهل هناك انكى من لايتكلم اللغة العربية بتاتا وهو يملك الجواز؟؟؟؟؟؟؟؟اوليس شرط الحصول على هذا الجواز اجادتها(اللغة العربية)لكنه الحقد على البحرين ومبروك جواز ابوسمسم؟؟؟؟؟؟

    • زائر 3 | 3:10 ص

      نقلاً عن مسئول حكومي كبير(عندما سُئل عن الهدف من التجنيس):

      قال –ما معناه-:
      إن معظم بلدان العالم "تجنّس" و الوطن بحاجة لتجنيس هؤلاء!!
      و نقول له: لقد جنّستم عباقرة علم و فكر و أخلاق رفيعة و مبادئ اسلامية ثابتة, فتعالوا لنحصد سوياً ثمار ذلك.
      حسبنا الله ونعم الوكيل

    • زائر 2 | 2:25 ص

      هل الطفل بدر جاء من المريخ

      هل تم تهريب الطفل بدر الذي غاب عن أهل منذوا سنوات للحصول على الجنسية البحرينية الدبلوماسية ؟؟ لماذا لم يتم العثور عليه اذا كانت البحرين باهذا الحجم ولم تسطتع التحقيقات اين ذهب ؟؟؟

    • زائر 1 | 1:24 ص

      البحرين للبحرينيين !!

      هل تقتقد ان هذه اول حالة من هذا النوع ، لا شك ان هناك الكثير من هذه الحالات ، وهذا في راينا استهزاء واستخفاف بكرامة البحرين وسمعتها الخليجية والعالمية ، ومعظم سكان البحرين الاصلاء يدركون اسباب ذلك ويعرفون ما وراء السطور ، لكن ليطمئن البحرينيين الاصلاء ان البحرين للبحرينيين !!

    • مواطن مستضعف | 12:01 ص

      نتيجة

      هذا هو نتاج التخبّط السياسي للحكومة, في تعاطيها مع أخطر كارثة وطنية حلّت بالبحرين, وهي "التجنيس".
      بوركت يا أستاذي العزيز على هذا الطرح المميّز و الأكثر من رائع, و يا حبذا لو تتحفنا بسلسة أطروحات من نفس السياق, فقد عرفنا عنك حسّك الوطني العالي.
      مع خالص المودة

    • afar | 11:25 م

      كلام سليم 100 بالمائه

      كلام سليم جدا جدا ..................................
      ارجو منكم التواصل في نفس المواضيع التي تهم شئون البحرينين وسمعة مملكة البحرين وليس المواضيع الدوليه السياسية الاخرى التي لا تفيد المواطنين ........
      ...
      ...
      اذا لم نتكلم عن هذه المواضيع
      بعد اسبوع سوف يعطى للمختطف والمخطوف الجنسيه البحرينيه ويوظف في وزارة الداخلية ويحصل على بيت اسكان في افضل منطقه ويكرمونه بقرض ميسر ومحلات في السوق الشعبي ويرقصونه في الشوارع ....
      وشكرا لكم

اقرأ ايضاً