العدد 3038 - الخميس 30 ديسمبر 2010م الموافق 24 محرم 1432هـ

ما وراء نقل أخبار العنف الديني

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

«إلى أي مدى تخدم تغطية الإعلام للإرهاب الإرهابيين؟» تساءل مؤخراً عضو في مجموعة قائمة بريدية اسمها jurnalisme اشترك بها. مثلي مثل العاملين في مجال الإعلام والصحافيين والناشطين في المنظمات غير الحكومية وطلبة الإعلام والصحافة على هذه القائمة، طالما راودني هذا السؤال.

في هذا العصر الرقمي، وفي خضمّ المنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام، يبدو الصحافيون دائماً وكأنهم في سباق مع الزمن. هناك انطباع بأن أفضل موقع إخباري هو ذلك الذي يبث التقارير الإخبارية بأسرع وقت، حتى رغم خطورة احتمالات التضحية بالدقّة والعمق.

هذا هو الحال بالنسبة إلى التغطية الإعلامية للعنف والإرهاب باسم الدين في إندونيسيا. يبدو أن التأكد من صحة الحقائق، وهو أحد المبادئ الأساسية في الصحافة، قد سقط إلى جانب الطريق نتيجة للمطالبة ببث التقارير الإخبارية بأسرع وقت ممكن، أحياناً من خلال الاعتماد على المعلومات التي يوفرها مصدران أو ثلاثة فقط، مثل ضباط الشرطة أو المسئولين الحكوميين.

أصبحت أعمال الإرهابيين باسم الدين وعدم التسامح بين المجتمعات الدينية للمرة التي لم تعد تحصى مواضيع العناوين الرئيسية في الإعلام الإندونيسي. تمتلئ عناوين الصحف مؤخراً بتقارير عن سلسلة من السرقات المسلّحة المرتبطة حسبما يُدّعى بشبكة إرهابية في مقاطعة سومطرة الشمالية، وهجمة على مسجد أحمدي (المعروف بتعبير «الأحمدية» في إندونيسيا) في بوغور بجاوا الغربية، وهجمة على زعيمين من الكنيسة في بيكاسي وهي أيضاً في غرب جاوا.

يعتبر الإعلام بالنسبة إلى هذه الهجمات وغيرها مصدر المعلومات الرئيسي للجمهور. ولكن بدلاً من المساعدة على منع النزاع من التصاعد بطريقة أسوأ يبدو الإعلام وقد وقع في شراك التهويل.

انظر إلى العناوين والصفات المستخدمة في الإعلام: ترتبط تعابير مثل «المتطرفين» و «المتشددين» و «الأصوليين» بل وحتى «الإرهابيين» في الإعلام بالإسلام والمسلمين. يعتبر اختيار واستخدام هذه التعابير أحياناً متحيزاً إلى حد بعيد، بحيث ينشر صوراً سلبية لجميع المسلمين، بمن فيهم هؤلاء الذين يدينون هذا العنف باسم الدين.

ليست مسئولية الإعلام مجرد نقل التقارير وتوفير المعلومات الدقيقة. يجب أن يكون الإعلام كذلك واعياً بالأثر السلبي المحتمل للتغطية المكثفة للقضايا الدينية.

وحتى يتسنى عكس هذا التوجه، أقترح أن يركز الإعلام بدلاً من ذلك على الجرائم التي يرتكبها الأفراد والجماعات الملامة. على سبيل المثال، بدلاً من استخدام التعابير السابقة، يتوجب على الإعلام استخدام تعبير «المفجّر» لوصف من هو مذنب بحيازة و/ أو استخدام المتفجرات، و «السارق المسلّح» للإشارة إلى من يرتكب أعمال سرقة كهذه و «المخرب» للإشارة إلى من يرتكب عملاً تخريبياً ضد دور العبادة. يمنع وصف القائمين بهذه الأعمال «بالمجرمين» بدلاً من «المتطرفين» أو «المتشددين» هؤلاء الأفراد من اختطاف الدين للدفاع عن أعمالهم البشعة غير المبررة دينياً.

قام المركز الدولي للصحافيين بنشر كتاب العام 2006 عنوانه: «محاربة الكلمات: كيف يمكن للصحافيين العرب والأميركيين الاختراق نحو تغطية أفضل». يوفّر هذا الكتاب توصيات بنّاءة للصحافيين في مناطق أخرى من العالم كذلك. وتبرز ثلاث توصيات في ذهني بشكل فوري:

أولاً، يحتاج المراسلون والمخرجون لأن يثقفوا أنفسهم فيما يتعلق بالثقافة والدين. وأوصي هنا بحضور منتديات عبر الثقافات أو الانضمام إليها، مثل مؤتمرات ينظّمها المركز العالمي للصحافيين وتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة.

ثانياً، يحتاج الصحافيون الذين يغطون قضايا دينية لأن يتجنبوا الصور النمطية والتهويل. وبشكل محدد أكثر، يتوجب عليهم اشتمال تفاصيل ومضمون كافيين، إضافة إلى التأكد من صحة الحقائق وتقديم تغطية عادلة ومتوازنة في تقاريرهم الإخبارية.

ثالثاً، يتوجب على غرف الأخبار تحديد الكلمات الملغومة ووضع السياسات حول كيفية استخدامها وإيجاد إرشادات لاستخدام الصور، التي يجب مراجعتها من فترة لفترة.

يصبح التنوع مليئاً بالمشاكل عندما يهمل الإعلام مسئوليته الاجتماعية في نقل الخبر بصورة مهنية حول الصدامات الناتجة عن هذا التنوع بالذات، وإلا فإن تنوع الديانات يغني الحضارات البشرية في الوقت الذي يوفر كذلك مصدراً غنياً لنقل الخبر بصورة جيدة.

- يساهم في خدمة أتشيه لنشر المقالات التي تغطي الوضع ما بعد التسونامي والنزاع في إقليم أتشيه. وقد شارك في فبراير/ شباط 2010 في التدريب في نقل الخبر عبر الثقافات مع تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، المركز الدولي للصحافيين ومنظمة البحث عن أرضية مشتركة في جاكرتا، والمقال يُنشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3038 - الخميس 30 ديسمبر 2010م الموافق 24 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً