العدد 3058 - الأربعاء 19 يناير 2011م الموافق 14 صفر 1432هـ

التي وثقت «طبعة البلاد القديم» 1949 (1 - 2)

قصيدة الملا عطية الجمري

من خلال بحثنا حول تفاصيل وملابسات حادثة طبعة البلاد القديم في 1949، لم نجد إلا ثلاثة مصادر مدونة حول تلك الطبعة. أولاً قصيدة الملا عطية بن علي الجمري والتي تحمل عنوان «مصاب أهل البلاد»، بالإضافة إلى قصيدة السيدمحمد صالح بن السيدعدنان علوي الموسوي والملقب بالخطيب العدناني التي نعى فيها ضحايا طبعة البلاد القديم، وأخيراً ما دونه مستشار حكومة البحرين السير تشارلز بلغريف في أسطر معدودة من مدوناته اليومية عن الحادث.


الملا عطية الجمري وقصيدته عن «طبعة البلاد القديم»

يعتبر الملا عطية بن علي بن عبدالرسول بن محمد بن حسن بن إبراهيم بن مكي بن الشيخ سلمان الجمري البحراني من أبرز خطباء البحرين في القرن العشرين، وله العديد من المؤلفات الشعرية، وقد ذاع صيته في الخليج العربي كأحد أبرز خطباء المذهب الجعفري، وهو من مواليد العام 1318هـ الموافق 1899 - 1900م، وقد تتلمذ على يد عدة خطباء بارزين مثل الشيخ محسن الشيخ عبد والشيخ عبد بن أحمد العرب الجمري، وقد بدأ منذ شبابه بإلقاء الخطب والمحاضرات في القرى والمدن وحظي بشهرة واسعة بين الأهالي. وقد عرف عن الملا عطية الجمري نظمه للشعر البليغ بالفصحى والعامية، حتى أن البعض وصفه بأنه شاعر أكثر منه خطيب. وقد كان يتردد كثيراً على سوق الخميس في البلاد القديم، ويلقي الخطب والدروس والمواعظ. وقد توفي الملا عطية في يوم الجمعة 29 شوال 1401هـ الموافق 29 أغسطس 1981م في مدينة مومبي بالهند، ثم تم نقل جثمانه لتشييعه في البحرين في مقبرة بني جمرة.


قصيدة الملا عطية بن علي الجمري

مصاب أهل البلاد الجايدة اخباره

شعبني ويا قلب ما تشتعل ناره

على امصاب البلاد الروح مشعوبة

ودموم اقلوبنا امن العين مصبوبه

واحد واربعين ابظبط محسوبة

النبي صالح اشصابه ولا درك جاره

مصاب اهل البلاد الجبد خلاها

على ذيج الأطفال تسيل بدماها

وسط خور الجزيرة البين لاقاها

ولا راعى النبي صالح ابزواره

على امصاب البلاد القلب شب نيران

شحنة جالبوت الحرم والرضعان

بس اتسويطت بالخور مر طوفان

عاجلها ابدقايق وانجلى اغباره

الله يساعده اشلاف الحريم اتلوج

كلها ضعاف ما وحدة تعرف اتفوج

تتلوى ابطفلها بين ملكي الموج

ذب روحه وراها وراحت أخباره

هذي تصيح خويه ما تنجيني

وهاي تقول وين الياخذ جنيني

لكتب هالمصيبه من دمع عيني

وانظم والقلب بالحزن يتوارى

يا بحر الكدر والغم عساك تغور

خليت القلوب دموع كلها اتفور

تنسد بالصخر والكنكري يا خور

يدهيك العلي يقوته الجباره

يا خور الجزيرة اولا يهز بالك

هالفعل الفعلته وهاي احوالك

بعدك ما غرت ما تخجل اشمالك

فجعت الخلق يالخالين ابخطاره


البحر

امواجه تلاطمت والغضب منه ضار

وكلي يا عطية هذا امر جبار

هاي الخلق ناس ابماي ناس ابنار

ناس ابجتل والكل ترصده أخطاره

انا اشبيدي يملا والحجي واجد

سفينتهم صغيرة والحمل زايد

لو جوشين صاروا منفقد واحد

لكن كاتب الله ونافذه أقداره

قال النوخذة نسوي الدرب دربين

أودي شطر منكم وارد للباجين

قالوا شلون ناس تروح متونسين

وناس اعلى لسياف تقاسي احصاره

شحنوها سفينتهم وانا ساكن

كلها امامنه والنوخذه امآمن

بعد طفره ويوصلون الجرف لكن

نصيب الكل دهانا ابريح قهاره

هبت ريح زعزع وانخطف لوني

وغذت ديج الرواح اتغوص بعيوني

انا ادري كل اهاليهم يسبوني

وانا مملوك مالي بالأمر جاره


مع الريح

قلت معذرة لكن يا رياح اشلون

أطفال وحرم تدرين ما يسبحون

بالبحرين سويتي لنا اكساره

سكنى لا جريتي كم غلقتي دار

بقلوب الخلايج كم شعلتي نار

كل الشوم منج بالجرى والصار

ما تدرين دولا جواد نذاره

مشهوده الج يا ريح هالغارات

غرقتي الخلايج بالبحر مرات

قبلأيام محمل راح من سيهات

شبان اريحية وتنحر الغاره

اما الشافت اعيوني طبعة الركعة

وبعدها بالدراز امصيبة السبعة

ومصيبة بيت ابن غانم اشد شنعه

شبان ونشاما اسباع هداره

واعظمها فجايع طبعة الردة

انا ابعيني مثلها ما شفت شده

قالت كف يملا ليش تتعدى

مامورة تراني موش مختارة

الريح

آنا الزلوله لكن قضى الباري

يصرفني ولا امشي على افكاري

ابغير امر الجليل تشوف شي جاري

وامره الغرق افلاطون بفكاره

اشمالك ما لمت هالنوخذا البطران

اللي ايحمل ولا ايبالي بكل ما كان

يا هو يقول عبره ما لها نيران

يحملها حمل مركب وطياره

عبره رطب تحمل عشرة لو عشرين

يحملها زياده خمسة وثمانين

خطف شاحنة ما تعرف الجنين

جبس التمر بيها الخلق واحصاره


مع النوخذا

عدت للنوخذا بالعتب واكله

يبن احمد علي اشسويت من خله

جمع امن النفوس بامحملك ولى

بالبحرين سويت النا كساره

ثمانين ابوسط محمل تصفدها

وتاخذ جوش للكصار واتردها

على عين الحكيم وتالي انهدها

وانت اتعاين الجو ثاير اغباره

هديه للبحر وديت هالارواح

اطفال وحريم الكل مهو سباح

كم حرمه هدمها وابطفلها راح

ميته وبالطفل والستر محاره


النوخذا

قال اشها العتب هذا قضى الباري

يها لتعتب انا ما ضاعت افكاري

ما يفيد المعاتب والامر جاري

العبد كلي يملا اشلون تدباره

عتبك كان قالوا شراعنا غمران

لو كرف وآنا بالحج يغفلان

جوش اوزين واحان بأنس واطمئنان

مندري آمنين جتنا الريح مكاره

ما امدى أكمل كلمتي هريه

ولنا بالبحر عبرتنا منجفيه

يمتى انقلب حتى ابتدت هالسحيه

مندري الكل منا تاهت أفكاره

لو كان الحمل زايد على العاده

مثل ما تقول دن المحمل ابلاده

لكن نقلب واللي الامر زاده

تحت لشراع كل جمع السنا اتواره

ما يفيد العتب قلبي ترى مغبون

قدره اشلون غرقو اها لذي ايشوفون

والملا طلع سالم وماله اعيون

وصل للجرف عاري من اطماره


الابتهال

أمر الله ورسوله لازم ابحكمه

قلت انريد هالسر الخفي اشعلمه

وجهت ابتهالي الخالقي المعبود

أحجي والدموع انهار فوق اخدود

ربي بالهداة ولطفك الموجود

كل فعال شر ذب شره بداره

يربي حكمتك للخلق مجهوله

وهاي اجسادنا امن الضيم منحوله

مصيبة ومن يفصلها ويرويها

وغير أهل السفينه مادري بيها

من يذكرني أولها وتاليها

وياخذها نضم متساويه اسطاره


الشهداء

وصلتني رسالة استشهدوا خمسة

من حيث الشهيد التنغصب نفسه

وسط الخور لكن عقب هالركسه

يروح الخلج والولدان زواره

سيدمكي اليشعب وصف حاله

أوليده اقبال وجهه ولا قدر شاله

كم حرمه وطفلها اللازمة أذيابه

لا يمناه مطلوقه ولا ايساره

عبدالله ولد يوسف مصابه امصاب

يشجي اليسمعه وكل قلب لجله ذاب

ما ادري الكهل يا هو اوياهو الشاب

واظن شبان ما واحد قضى اوطاره

صالح بن رجب عنه وصل معلوم

مثل الحوت وسط البحر ظل ايحوم

لكن كتبع الله والقضى محتوم

قبض ارواح بين امواج زخاره

حالا طب المحشم للجزيرة

وسمعت بالقضية وفزعت الديره

وللبندر ابهمه وثارت الغيره

ورقوها الخشب والغضب شب ناره

وصلوا والبحر مملي حرم واطفال

وبالخطرات قاموا يلقطوا واحبال

شي ماتو وشي حيين باخر حال

واطفال التخلي الدمع يتجارى

وسط الخور طبوا حملوا الحيين

وردو للاسياف وشالو الميتين

وراحوا للبلاد وفزعت الصوبين

وابكل النواحي غدت كبارة

والبلدان عجت لجلهم عجة

وما ظلت بعد بالسوق سياره

سابع رجب يا يوم المعاش اشصار

من خور الجزيرة اشلون هاجت نار

لقلوب البشر موته اطفال اصغار

شالوها ابمراحل حمل حمارة

الله ايساعد اقليبك حسن شعبان

الزوجة والاولاد اغصون نبعه بان

على قلبك بواله يمسح الرحمان

صابر بالخلف خذ مني ابشاره

بس ما وصلت الاموات للديره

تلكاها البصري صاحب الغيره

الشهم حاج حسن هوى السبق غيره

تبرع بالاكفان الطيبة افكاره

ثلثت انعام بيه من اول وتالي

اهو صاحب الجود وصيته العالي

لكن يا خليلي هم تراوا لي

اسباع اوياه بالديره ونغاره

لا تنساه طيب الفعل حجي احسين

اهو وياه ابفعل الخير متواخين

والعويناتي بالشدة كفو ونعمين

كلها ارجال بيهم زود وشطاره

تلكوا هالمصيبة بالصدور ارجال

هم بالجاه هم بالنفس هم بالمال

اولا تنسى الشفايا اولاد عبدالعال

قضوا ايام بالاسياف دواره

يجيبون الجنازة وحاضر الدفان

ومجانا يفصلوا للغريق اجفان

واروهم ابهمه اطفال والنسوان

واحد واربعين وفلت الغاره

سابع رجب بالجمعة ابيوم الشوم

سنة اثمانية وستين صح معلوم

بعد الثلاث ميه وألف ذاك اليوم

ناره بالضمير اشلون تتواره


شرح قصيدة الملا عطية عن «طبعة البلاد القديم»

تعتبر القصيدة التي نظمها الملا عطية بعنوان «مصاب أهل البلاد» هي المصدر الرئيسي لحادثة طبعة البلاد القديم، حيث اورد الشاعر تفاصيلها بأسلوب روائي جميل في هذه القصيدة، وعندما تطرقنا للبحث عن تفاصيل حادثة طبعة أهل البلاد القديم كان أول ما اطلعنا عليه قصيدة الملا عطية الجمري، والمعروفة بين أهالي البلاد القديم، وعند الوهلة الأولى لقراءتها لا يستطيع القارئ إدراك معاني وتفاصيل وأبعاد القصيدة لو لم يكن ملما مسبقا بالحادث نفسه، فقد أورد الملا عطية الجمري في القصيدة بعضا من تفاصيل الحادث بالإضافة إلى بعض من الأسماء ولو لم تكن كاملة.

وهذه العناية الفنية الروائية في ذكر الأحداث وتقسيم القصيدة أولا على لسان الملا عطية، ومن ثم على لسان البحر وعلى لسان الريح والنوخذة ومعاتبة النوخذة وختمها بالدعاء للشهداء، كل هذه الأحداث قد نجح الشاعر في توزيع تفاصيلها وأحداثها بشكل مفصل ودقيق، مما يستوجب علينا إعادة قراءة القصيدة بعناية، حتى تتضح لنا الرؤية، ونتمكن من الإلمام بالجانب الإنساني والروحاني لهذه الكارثة.

ونحن في هذا المقام قمنا بشرح بعض أبيات القصيدة على حسب تسلسل ذكرها، على الرغم من عدم تسلسل الأحداث فيها، ليتسنى للقارئ استيعاب القصيدة بالكامل عند قراءتها. ونحن هنا إذ نسعى لشرح أبيات القصيدة نلفت عناية القارئ إلى أننا قد فسرنا بعض الأبيات حسب المعلومات التي استطعنا التوصل لها من خلال بحثنا، وقد تحمل بعض أبيات القصيدة أكثر من معنى.

بدأ الملا عطية بنعي أخبار طبعة البلاد القديم، وأظهر حرقة قلبه على تلك الفاجعة، فقال في أول بيت من القصيدة:

مصاب أهل البلاد الجايدة اخباره

شعبني ويا قلبي ما تشتعل ناره

وبعدها ذكر لنا الملا عطية في بيتين من القصيدة مؤكداً للقارئ العدد الإجمالي لضحايا الحادثة والذي بلغ عددهم في روايته واحداً وأربيعن، فيقول:

واحد وأربعين محسوبة

النبي صالح اشصابه ولادرك جاره

وقال ايضا في موضع آخر:

قلت معذور لكن يا رياح اشلون

واحد واربعين ابفعلج يغرقون

ومن المفلت للنظر تحديد الملا عطية الجمري موقع غرق الجالبوت، وعاتب الجالبون الذي لم يراعِ حرمة زوار مقام النبيه صالح، فقال في قصيدته:

وسط خور الجزيرة البين لاقاها

ولا راعى النبي صالح ابزواره.

العدد 3058 - الأربعاء 19 يناير 2011م الموافق 14 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً