العدد 3064 - الثلثاء 25 يناير 2011م الموافق 21 صفر 1432هـ

الأسواق الناشئة والمؤسسات المتوسطة (2 - 3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد تسليط الضوء على الأسواق الناشئة، ولكي نرى الرابط بينها وبين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ودور هذه المؤسسات في تعزيز مقومات رسوخ اقتصادات تلك الأسواق ونموها، ينبغي التوقف عند واقع هذه المؤسسات وتشخيص العوامل التي تجعل منها إحدى محركات دينامية تلك الأسواق، وتمدها بالقدرة على التفاعل بإيجابية مع ركائز الأسواق لتحقيق التكامل بينهما، أخذاً بعين أن علاقات التأثير المتبادل هذه ليست خطية، وإنما هي متعرجة وتخضع، إلى حد بعيد، إلى حصة مساهمة تلك المؤسسات في الاقتصادات الناشئة بشكل عام، ومدى الاهتمام الذي توليه تلك الاقتصادات لتلك المؤسسات.

وتعتبر الورقة المعنونة «المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أهميتها ومعوقاتها» التي أعدها الدكتوران: ماهر حسن المحروق، وإيهاب مقابلة، لـ «مركز المنشآت الصغيرة والمتوسطة»، المملكة الأردنية من المساهمات الملموسة على طريق فهم العلاقة بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من جهة، والاقتصادات النامية، ومن بينها الاقتصادات الناشئة، من جهة ثانية، إذ ترى تلك المساهمة إنه «نظراً لأهمية هذه المشروعات أخذت معظم الدول النامية تركز الجهود عليها، حيث أصبحت تشجع إقامة الصناعات الصغيرة والمتوسطة وخاصة بعد أن أثبتت قدرتها وكفاءتها في معالجة المشكلات الرئيسية التي تواجه الاقتصاديات المختلفة، وبدرجة أكبر من الصناعات الكبيرة. ويأتي الاهتمام المتزايد - على الصعيدين الرسمي والأهلي - بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لأنها بالإضافة إلى قدرتها الاستيعابية الكبيرة للأيدي العاملة، يقل حجم الاستثمار فيها كثيراً بالمقارنة مع المشروعات الكبيرة، كما أنها تشكل ميداناً لتطوير المهارات الإدارية والفنية والإنتاجية والتسويقية، وتفتح مجالاً واسعاً أمام المبادرات الفردية والتوظيف الذاتي، ما يخفف الضغط على القطاع العام في توفير فرص العمل».

ولعل من الصعوبات التي تواجه صناع القرار في السياسات الاقتصادية والتنموية هي مشكلات، وعقبات، وضع قيم ومقاييس محددة لتصنيف «المنشآت الصغيرة والمتوسطة»، بل وحتى مجرد التوصل لتعريف محدد لها. فهناك من يقيس العناصر التي يمكن أن تمييزها بها عن تلك الكبيرة والعملاقة، بعدد الموظفين الدائمين فيها، والبعض الآخر يجد في مدخولاتها السنوية معياراً قوياً يساعد على تحديد حجم المؤسسة. لكن، اليوم، وفي ظل ثورة الاتصالات والمعومات، طرأ معيار جديد، فوجدنا من يضع عدد الحواسيب الشخصية في مؤسسة ما، كأحد عناصر التقييس لحجومها. هناك أيضاً من يقيس حجم المؤسسة وفقاً لرأسمالها الذي يحدد أيضاً مستوى أنشطتها.

ولو أردنا الاستعانة ببعض المواصفات الدولية مثل تلك التي تأخذ بها «إدارة المؤسسات الصغيرة» الأميركية، فسوف نجد أنها تعتبر كل شركة صغيرة أية شركة «لا يتجاوز رأسمالها 9 ملايين دولار، وعدد عمالها لا يزيد على 250 عامل»، في حين تشترط قوانين المملكة المتحدة « ألا يزيد حجم رأس المال عن 2.2 مليون جنيه إسترليني، وألا يزيد عدد العمال عن 50 عاملاً».

وعلى المستوى العربي، تعتبر تونس الشركات الصغيرة تلك التي يقل «عدد المستخدمين فيها عن 50 شخصاً، وقيمة الاستثمار أقل من 1 مليون دينار تونسي». هذه المقاييس جعلت «المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تونس تمثل أكثر من 95 في المئة من العدد الإجمالي للمؤسسات وتساهم بـ 88 في المئة من مناصب الشغل الجديدة».

وعلى المستوى الخليجي، وتحديداً في المملكة العربية السعودية، تعرف المؤسسات الصغيرة هناك بأنها «مؤسسات ذات ملكية فردية وأن عملية اتخاذ القرارات الإدارية بيد المدير المالك وغالباً ما يكون هو المؤسس لهذا المشروع، وأنها تستوعب نسبة بسيطة من حصة السوق، ولا يزيد عدد العاملين فيها على عشرين عاملاً، ورأس المال لا يتجاوز عشرة ملايين ريال أو ما يعادلها».

بشكل عام، وإذا ما حاولنا حوصلة كل الاجتهادات الرامية إلى التوصل إلى نوع من التعريف الشامل الذي يساعدنا على رؤية وفهم العلاقة بين تلك المؤسسات والاقتصادات الناشئة، والذي يمكن تلخيصه على أنها تلك التي «تتميز بانخفاض رأس مالها وقلة العدد الذي تستخدمه من العمال وصغر حجم مبيعاتها وقلة الطاقة اللازمة لتشغيلها، كما تتميز بارتباطها الوثيق بالبيئة واعتمادها على الخامات المتوفرة محلياً وعلى تصريف وتسويق منتجاتها في نفس المنطقة التي تنشأ بها والمناطق المجاورة لها».

ولكي نستكمل رسم الإطار العام لهذه المؤسسات، نرى ضرورة التعريج على أهم الخصائص التي تتمتع لها تلك المؤسسات، وتميزها عن تلك الكبيرة والعملاقة، والتي يمكن تلخيصها كما تشير لها بعض المصادر بأنها «غير مكلفة في تأسيسها، ورأسمالها المستثمر صغير، وسريع الاسترجاع، ولديها قدرة فائقة على جذب المدخرات، كما إنها تعتمد على العمالة الرخيصة نظراً لقلة رأس المال، إلى جانب سهولة الإنشاء والتأسيس، المترادف مع المنهج الشخصي في التعامل مع العاملين والعملاء، وسهولة الإدارة، المرونة العالية والتكيف مع المتغيرات، وسهولة الدخول في السوق والخروج منه، مع الاعتماد على السوق المحلي، وصغر حجم المبيعات، والقدرة على الاستغلال الأفضل للطاقة الإنتاجية، سوية مع التكامل الإنتاجي مع الشركات الكبيرة، ومرونتها السريعة في خلق فرص عمل، إلى جانب كونها أداة فعالة للتدريب الذاتي والتطوير التقني».

بقيت قضية في غاية الأهمية، وهو الدور الإيجابي المتميز الذي مارسته المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إبان الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة، وهو أمر ألمح له المدير المفوض للشركة العراقية لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة شيروان مصطفى، حيث ألمح إلى «أن من أهم الدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية هو أهمية الدور الذي تلعبه المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تطوير وحماية عجلة الاقتصاد الوطني حيث كانت أقل القطاعات تأخراً بتلك الأزمة، وكانت تمثل خط الحماية الأخير للاقتصاديات المتطور قبل الدخول في دوامات تلك الأزمة المالية والاقتصادية، وبأن البلدان التي استطاعت تطوير برامج عمل مشتركة بين المشاريع العملاقة وبين المشاريع الصغيرة والمتوسطة كانت أقل الدول تضرراً من آثار الأزمة العالمية».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3064 - الثلثاء 25 يناير 2011م الموافق 21 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:04 ص

      زحف تجار كيرلا

      تجار كيرلا ذبحو تجار البحرين الصغار وما نقول الا الله يعين

اقرأ ايضاً