العدد 3070 - الإثنين 31 يناير 2011م الموافق 26 صفر 1432هـ

الثورة التونسية: الأسباب...القيادات... الرهانات... (2 - 4)

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

يختلف المحللون في تحديد ماهية الحركة الاحتجاجية في تونس ويكادون يجمعون على أنها ليست ثورة لعدم توافر أسسها من قيادة ومناهج وبرامج عمل ومجلس قيادة ثورة وأهداف قبلية محددة وبيانات وقائد ذي شخصية كرازماتية وغير ذلك من ضرورات العمل الثوري... فأين القيادات إذن؟

منذ عقود بل منذ قرن على الأقل والمجتمع التونسي يفرز القيادات الوطنية والفكرية التي لعبت دورا في الحركة الاستقلالية وفي بناء دولة الاستقلال. لكن بعض هذه القيادات دفعت غاليا ثمن معارضتها لبورقيبة فكان السجن والتعذيب مصير المئات منهم وفي عهد ابن علي تمّ تقليمهم حتى اختار بعضهم المنفى الإجباري في أوروبا ومواصلة النضال من هناك.

لكن تركت هذه القيادات السياسية أنصارا وقيادات وسطى وصغرى في البلاد اختاروا المشاركة بأشكال مختلفة فبعض اليساريين الذين كانوا يصولون ويجولون في ساحات الجامعات اختاروا المشاركة السياسية برداء التجمع الدستوري حتى وصل بعضهم إلى خطة وزير مع ابن علي (سمير العبيدي وقبله محمد الشرفي) وبعضهم امتطى الإعلام ليحظى بمكانة في النظام البائد، وتذكرون ذلك المحاور الشرس (برهان بسيس) الذي ظهر في أكثر من قناة لتبرير تجاوزات النظام السابق. لكن فئة كبيرة من السياسيين لجأت إلى النقابات والاتحادات العمالية وانخرطوا فيها دون الكشف أحيانا عن هوياتهم السياسية حتى يواصلوا المسيرة.

وبما أن الاتحاد العام التونسي للشغل هو منظمة ذات جذور سياسية نشأت لمقاومة ظلم المستعمر للعمال ثم تحولت للنضال ضد الاستعمار في البلاد فقد حصل التزاوج السريع بين هذه النخب السياسية والاتحاد العام التونسي للشغل أو الهيئة الوطنية للمحامين أو الرابطة التونسية لحقوق الإنسان.

وللتذكير هنا يوم الحدث الجلل حين ذهب محمد البوعزيزي إلى مقر المعتمدية ثم إلى مقر المحافظة للاحتجاج على الإهانة كان بجانبه المحامي خالد عوالية وبعض النقابيين بالصدفة، حيث إن مقر المحافظة قريب جدا من قصر العدالة ومن دار الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد وقد منع المحامي وبعض النقابيين النساء والشباب من التصادم مع رجال الأمن حفاظا على حقوق البوعزيزي وعدالة قضيته.

ومنذ ذلك الحين أعرب الاتحاد العام التونسي للشغل والهيئة الوطنية للمحامين عن موقفهما المساند للبوعزيزي ثم بدأت القيادات الجهوية للاتحاد تجيش الناس وتنظم المسيرات الاحتجاجية والتضامنية. كذلك لعب الصحافيون النزهاء والمحامون دوراً كبيراً حيث كانوا في مقدمة المسيرات حتى يحموا بزيهم القانوني جموع المتظاهرين من عصا الأمن.

وشيئا فشيئا أخذ الاتحاد العام التونسي للشغل القيادة وأمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل في الإضراب العام بصفاقس يوم الأربعاء 12 يناير/ كانون الثاني 2011 رفع الشعب سقف المطالب إلى إسقاط نظام ابن علي لأول مرة. وقبل ذلك بأيام كانت الأمانة العامة للاتحاد قد أوكلت للقيادات الجهوية حق اتخاذ الشكل المناسب للاحتجاج في جهتها.

وبذلك تسلمت القواعد حق القرار في الاتحاد العام التونسي للشغل وأخذت تقود المسيرة.

هذا عن القيادات الواقعية فماذا عن القيادات الافتراضية والمهجرية؟

يتبع

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3070 - الإثنين 31 يناير 2011م الموافق 26 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 3:53 م

      بهتان خسيس سوّد الله وجهه

      وتذكرون ذلك المحاور الشرس (برهان بسيس) الذي ظهر في أكثر من قناة لتبرير تجاوزات النظام السابق
      شكرا على الموضوع ويا ريت ذلك الأجور نراه من جديد
      ونسمع سفسطائياته

    • زائر 8 | 8:11 ص

      للأسف أن المقال جاء متأخر

      مقالك يا اخي جاء متأخر لماذا لم تنتقد النظام قبل السقوط و كان عندك تحفظ عليه ؟
      ثم من قال لك بأن (((ويكادون يجمعون على أنها ليست ثورة لعدم توافر أسسها ))) ارجو التدقيق فيما تكتب و شكرا لك

    • زائر 7 | 5:03 ص

      الاتحاد العام التونسي للشغل

      نتمنى لو تخصص مقال تعرفنا فيه بهذه المنظمة العتيدة التي ملأت الإعلام
      وشكرا

    • زائر 6 | 3:15 ص

      الصحافيون النزهاء والمحامون

      دورهم عظيم في كل المجتمعات لكن أينهم
      لا بد أن يضطلعوا بدورهم

    • زائر 5 | 1:22 ص

      ثورة شعب

      صدقت هذا الشعب بركان والحقيقة أنه يستحق أفضل بكثير مما هو فيه
      نرجو من البقية الاتعاظ ومنح شعوبها حقوقها الديمقراطية والعدالة

    • زائر 4 | 11:36 م

      إلى الزائر 2

      رجاء الشعب في تونس صارت له حساسية ضد كلمة التغيير والتحول
      لكثرة ما سمعها سابق
      وأنصحكم باستعمال كلمة ثورة للتعبير عن أي جديد في تونس

    • زائر 3 | 11:33 م

      البركان الخامد من قرون

      النار شقت طريقها اخيرا الى السطح بغضب عارم لا يستطيع ان يقف في طريقه احد ومثل ما انقول كثر الضرب افج للحام وما اكثر الضرب مو بس افج الحام يهد سلسله من الجبال

    • زائر 2 | 11:08 م

      ثورة القرن الواحد و العشرين

      الثورة التونسية في نظري هي ثورة القرن
      انبهر بها الجوار فشرعوا في تقليدها ... و ما يحدث اليوم في مصر مثال على ذلك ... لقد آن للشعوب العربيّة أن تنهض من سباتها ... و أن تقول كلمة الحق في وجه كلّ ظالم سحق حقوقها ... و في انتظار ذلك نحن نتطلع لمعرفة ما ستفرزه الثورة التونسيه من تغييرات لشعب راهن على التغيير
      فإلى الأمام يا شعبي الحبيب

    • زائر 1 | 10:56 م

      حقا الثورة أمام رهان

      هناك تحديات كبيرة تعترض الثورة التونسية
      كان الله في عونكم

اقرأ ايضاً