العدد 3095 - الجمعة 25 فبراير 2011م الموافق 22 ربيع الاول 1432هـ

ما العمل؟ (1 - 2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«لقد كان من المقرر أن يكون الموضوع الرئيسي للكراس المسائل الثلاث الواردة في مقال (بم نبدأ؟) وهي: طابع تحريضنا السياسي ومضمونه الرئيسي، ومهامنا التنظيمية، ومشروع إنشاء منظمة كفاحية لعامة روسيا، إنشاء يجري في وقت واحد ومن شتى الجوانب». وإن، كان بحث المسائل الثلاث المذكورة أعلاه، كما في السابق، الموضوع الرئيسي للكراس؛ ولكن كان علي أن أبدأ من مسألتين أعم: لماذا نرى في شعار (بريء)، و(طبيعي) كشعار (حرية الانتقاد) إعلانا حقيقيا للنفير؟ لماذا لا نستطيع الاتفاق حتى حول المسألة الأساسية – دور الاشتراكية- الديموقراطية في الحركة الجماهيرية العفوية؟ إن عرض نظراتنا في طابع التحريض السياسي ومضمونه قد تحول إلى شرح للفرق بين السياسة التريديونيونية والسياسة الاشتراكية- الديموقراطية، أما عرض نظراتنا في المهام التنظيمية، فقد تحول إلى شرح للفرق بين الطريقة الحرفية التي ترضي (الاقتصاديين)، وتنظيم الثوريين الضروري في رأينا. وبعد، إني أتمسك بمشروع (الجريدة السياسية لعامة روسيا بإصرار متزايد كلما ازداد بطلان الاعتراضات المقدمة ضده والتهرب من الجواب على جوهر سؤالي المطروح في مقال «بم نبدأ؟»

هذا مقتطف طويل من المقدمة التي استهل بها ف. لينين في فبراير/ شباط 1902، كراسه الشهير «ما العمل؟: المهام الملحة لحركتنا». لقد وجدت ضرورة الاستعانة به من اجل فهم، ومن ثم توضيح ما يدور اليوم من صراعات، من حوارات في الساحة السياسية البحرينية، وكذلك للإجابة على الكثير من التساؤلات التي فجرتها الأحداث الأخيرة في البحرين، وباتت تثيرها، في ذهن المواطن العادي أولا، وأمام القوى السياسية، وعلى وجه الخصوص منها القوى المعارضة ثانيا. في تشخيص لينين الذي لخصته «المسائل الثلاث» الكثير من العبر التي تستحق التوقف عندها.

المسألة الأولى، وكانت تعكس تمسك لينين بأهمية التحليل السياسي، وتنطلق من شعوره باهمية توافر الرؤية السياسية الصحيحة والواضحة التي تبيح له صياغة جوهر شعارات التحريض السياسي. لذلك وجدناه في ذلك الكراس، يحاول تحديد طابع ومضمون التحريض السياسي الذي تحتاجه المرحلة. وطالما اتفقنا على أنه لا يمكن للتحريض السياسي أن ينبع من الفراغ، فهو بحاجة كي يكون له تأثيره في الشارع، لتحليل سياسي يستند إليه كي تستطيع القوى ذات العلاقة من مناقشته، ويتم في ضوء النتائج التي يتم التوصل لها سبك أطر شعارات التحريض السياسي المناسبة. كان لينين محقا فيما ذهب إليه، لإدراكه بحسه الثوري، وتجربته السياسية الغنية، ضرورة التشريح السياسي لجثة روسيا القيصرية، من أجل استكشافها من الداخل، للخروج بتصور صحيح لكيفية التعامل مع كل عضو من أعضائها. على أرضية ذلك التحليل، كان بوسع لينين أن يحدد موقفه السياسي الصحيح من الحركة التريديونية الاقتصادية ويدحض أطروحاتها على الصعيدين التنظيمي والسياسي، ويعزلها في زاوية ضيقها رغم الشعبية التي كانت تنعم بها، ليس في روسيا فحسب، وإنما في دول أوروبية أخرى.

أما المسألة الثانية التي كان يصر لينين على عدم المساومة عليها، فكانت القناة الإدارية التي تؤدي «المهام التنظيمية» المناطة بالحركة الاشتراكية الروسية. كان لينين يدرك مدى حاجة تلك الحركة إلى قناة تنظيمية سياسية من طراز مختلف، قادرة على استقطاب الاشتراكيين الثوريين الروس أولا، وتواجه، وبكفاءة عالية، أجهزة الاستخبارات الروسية التي كانت من أكثر الأجهزة الأوروبية تقدما وقدرة من جهة ثانية. عكف لينين حينها، وبوعي، على تطوير البنية التنظيمية للحزب البلشفي التي مكنته في مراحل لاحقة من تامين حضور الحزب، رغم كونه أقلية محاصرة في المراحل المبكرة من حياة الثورة البلشفية، المؤثر في الحياة السياسية الروسية. كان طريق لينين وعرا وصعبا في آن، عندما يقاس بحجم التحدي الذي كان يواجهه لينين كقائد، والبلاشفة كحزب.

نصل إلى المسألة الثالثة التي ركز عليها لينين في كراس «ما العمل»، وتلك هي الجريدة الحزبية، كان لينين لا يكف عن المناداة بضرورة امتلاك الحزب لجريدة علنية، وإن لم يكن فلا ضير من أن تكون سرية. كانت الجريدة لدى لينين بمثابة حبل السرة الذي يربط بين الحزب وكل من له علاقة به. لقد كان لينين يدرك ما للجريدة من تأثيرات عميقة على مستويين: الأول خارجي، وهو آلية ربط الحزب بجماهيره ومنظماته التي تدور في فلكه، والآخر داخلي ويتصل بدور الجريدة في المحافظة على وحدة أفراد الحزب الفكرية من جهة، وتماسك أعضائه تنظيميا من جهة ثانية. لذا لم تكن مهمات الجريدة محصورة كما قد يتوهم البعض في النطاق الإعلامي، رغم اهمية ذلك عند لينين، كما أشار لها في كتابات أخرى، بل كانت تتسع لتؤدي مهام سياسية، وتنظيمية أخرى تناولها لينين بالكثير من التفصيل في النقاشات الحزبية الداخلية، وصلت إلى درجة مناداته بقدرة الجريدة، متى ما كانت بالمستوى الذي يطمح إليه، على إحداث التغييرات المطلوبة في روسيا القيصرية.

هكذا إذا كان تشخيص لينين لممارسة العمل السياسي، ورؤيته للأدوات والأنشطة التي يحتاجها الحزب لأداء مهماته. كانت زوايا مثلث لينين للعمل السياسي، فهم صحيح للواقع السياسي، مبني على تحليل علمي دقيق لذلك الواقع، الذي يتطلب تغييره إلى حزب ثوري من طراز مختلف، تبني علاقاته الداخلية والخارجية جريدة قادرة على إحداث التأثير المطلوب.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3095 - الجمعة 25 فبراير 2011م الموافق 22 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:39 ص

      الطائفية

      المهمة الأولى :العمل على إجتثاث الطائفية القذرة والمجرمة بشقيها السني والشيعي.
      ثانياً: تأسيس جبهة أو لجنة تنسيق وطنية من القوى الاحزاب السياسية الغير مؤسسة على فكر أو توجهات أو تواجد طائفي ، لإرساء أسس ومتطلبات النجاح الحقيقية في أي عمل جماعي وطني ...سعيد دلمن

    • زائر 1 | 2:03 ص

      ما الهما الآن؟

      برأيي استاذي الفاضل ان العمل الان يقع على مسؤلية الطرف الذي يفرض القرار ! و يبدأ من ابداء حسن النية و تكذيب الاطروحات الطائفية التي تنسب له ! فهناك توجس كبير من الشارع معارض المعارضة يعيش في مرحلة توجس و خوف من المستقبل و ما يخبئه ! فهم لا يودون التحول الى ايران جديدة و لا الى افغنستان متطورة ؟ فما العمل للان يا استاذي العزيز ؟

اقرأ ايضاً