العدد 3112 - الإثنين 14 مارس 2011م الموافق 09 ربيع الثاني 1432هـ

البحرين على صفيحٍ ساخن

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كانت حصيلة الأحد الماضي وقوع ألف إصابة، أغلبها ناتج عن الاختناق بالغاز الخانق المسيل للدموع فغادروا المستشفى، مع أربع حالات حرجة نتيجة الإصابة بالرصاص المطاطي، فيما أظهرت اللقطات المصوّرة استخدام الرصاص الحي فوق الجسر المطل على دوار اللؤلؤة.

كانت هذه هي الحصيلة يوم غادرت قسم الطوارئ عند الحادية عشرة مساءً، وكانت شوارع المنامة خاليةً تماماً على غير العادة. أمّا في المنطقة المحيطة باللؤلؤة، فكانت أعداد السيارات كما هي في الليالي السابقة.

كانت الليلة قلقةً، فهناك أخبارٌ ظلت تتوالى عن اعتداء جماعات مجهولة من الملثمين على بعض القرى وأحياء المنامة، مع استنفار الأهالي للدفاع عن مناطقهم، وهي ظاهرةٌ تكرّرت في جزيرة المحرق أيضاً. كان المطلوب تخويف كلِّ طرف من الآخر، فالبحرين التي تبحث عن وضع سياسي أكثر عدلاً وصلاحاً وحضاريةً، يُراد لها أن تعيش أوقاتاً من الرعب المصطنع والانفلات الأمني، حتى يخرج من يطالب بفرض الأحكام العرفية الذي جرّبته الجزائر عشرين عاماً طوعاً، وأعلنت التخلّي عنه كرهاً الأسبوع الماضي. علينا أن نجرّب المجرَّب ونرتكب الأخطاء التي سبقنا إليها الآخرون!

في المساء، تم الاعتداء على مقر جمعية العمل الوطني الديمقراطي في المحرق وتكسير النوافذ وتخريب الصالة الرئيسية، وحملت الجمعية الحكومة مسئولية أي اعتداء يطال أعضاءها ومناصريها أو مقارها والعاملين فيها. ويبدو ذلك استكمالاً لما جرى صباحاً من اقتحام حاملي السلاح الابيض للحرم الجامعي واعتدائها على مسيرة طلابية بالأدوات الحادة والقضبان الحديدية والأخشاب. وهي أفعال استنكرها تحالف منظمات المجتمع المدني العربية (يضم 72 شبكة وجمعية من 15 بلداً عربياً)، حيث أدان الدعوة إلى تشكيل ميليشيات مذهبية في البحرين لقمع الاعتصامات المطالبة بالتغيير والحصول على حقوق الشعب الأصيلة. وحذّرت من خطورة دعوات مؤيدي الحكومة لتشكيل ميليشيات، وحيّت بالمقابل شعارات المحتجين الداعية للوحدة الوطنية والإخاء بين مكونات شعب البحرين، مشدّدةً على ضرورة حقن دماء المواطنين بغض النظر عن عرقهم أو مذهبهم أو رأيهم السياسي أو وضعهم الاجتماعي.

صباح أمس (الإثنين) كان أشبه بأيام الإجازة، فالحركة مشلولة، وأكثر المدارس مغلقة، والدراسة بالجامعة معلّقةً حتى إشعار آخر، مع بدء إضراب عام. وفي بعض شوارع العاصمة تتناثر قطع الحجارة والطوب، تدل على اشتباكات سابقة في الليل. المحلات التجارية مغلقة، والمجمعات التجارية تسجّل خسائر كبرى في مبيعاتها، ففي أوقات الأزمات السياسية الكبرى يقتصر الناس على شراء الضروريات.

هذا الوضع وصفته وكالة «فرانس برس» بالقول إن «الحياة شبه متوقفة، حيث أغلقت المدارس والشركات والمصانع، غداة ليلة من الاضطرابات في قرى بحرينية حيث هاجم بلطجيةٌ السكان بحسب مصادر متطابقة». وهو ما دفع السفارة البريطانية والسفارات الأخرى إلى تحذير مواطنيها بالبقاء في البيوت حتى إشعار آخر، وعلى من يضطر للمجيء فعليه التحلي بأقصى درجات الحيطة والحذر، وخصوصاً في الأماكن العامة والطرق الرئيسية.

حاولت الدخول ظهراً لبعض أحياء العاصمة، كانت المداخل مغلقة ببعض الحواجز الصغيرة (حاويات قمامة وأخشاب) لصدّ هجمات من هنا وهناك. منظرٌ أحزنني كثيراً، لأنه ذكّرني بلبنان التي يتغذى شعبها على المخاوف المتبادلة. لسنا بحاجة إلى كل هذا الهياج. لم يكن يوماً صراعاً طائفياً أو مذهبياً حتى تستنفر كل هذه المشاعر الغاضبة والاستنجاد بالخارج. كانت حركةً شبابيةً منسجمةً مع الحراك السياسي العام في كل المنطقة العربية. إنها ابنة مرحلتها، فلماذا تغرقونها في المستنقع الطائفي الذي أغرق أجيالاً من قبلكم؟ ولماذا تحرّفون بوصلة حركة شبابية تطمح للتغيير اللائق بمستقبل البحرين... إلى هذه المحرقة الحمقاء؟

ظهر الأحد، تسرب خبرٌ عن عبور ست حافلات مظلّلة الجسر، وظلّ الخبر غامضاً حتى المساء، حيث تبيّن أنها عادت بمجموعات من النساء. وفي عدد أمس، أوضحت «الوطن» السعودية إجلاء السفارة 200 طالبة يدرسن في جامعات البحرين، بينما غادر الطلاب عبر سياراتهم الخاصة (عدد الطلاب السعوديين 3 آلاف).

في مساء الأحد، كان أحدهم قد سرّب خبراً على «التويتر» عن تدخل خليجي، ونشرت «رويترز» خبراً عن طلب بحريني مساعدة مجلس التعاون. وأعربت الجمعيات السياسية السبع عن قلقها من الوضع المستجد.

عند الثانية ظهراً أمس، عقدت الجمعيات السياسية مؤتمراً صحافياً في مقر جمعية «الوفاق» بالزنج، وجهت خلاله نداء هاجس خطر محدق. وقبل أن ينتهي المؤتمر وصلت أخبار عن بدء تدفق القوات الخليجية عبر الجسر.

لقد أصبحت البحرين على صفيح ساخن، وفي أول ردود الفعل الدولية، حث البيت الأبيض مجلس التعاون ضبط النفس واحترام حقوق المواطنين البحرينيين بدعم الحوار بدل تقويضه. أما الحقوقي العربي هيثم مناع، الذي عرف شعب البحرين وأحبه، فقال إن «هذه الحركة السلمية أثبتت حضاريتها، ولا تفسير للتدخلات العسكرية إلا زيادة كلفة التغيير. فدبابات العالم لا توقف الشعوب، والمثل الليبي غير قابل للتطبيق».

من أهم الأخبار أمس، خارجياً أصدر الرئيس الروسي مرسوماً يمنع معمر القذافي وعائلته من دخول الأراضي الروسية. أما محلياً، فقد زارت مجموعةٌ من الشباب البحريني من دوار اللؤلؤة السفارة اليابانية لتقديم التعازي للشعب الياباني في أعقاب الزلزال المدمر، والتقت نائب رئيس البعثة الذي أعرب عن تقديره لهذه اللفتة الإنسانية من هذا الشعب الكريم

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3112 - الإثنين 14 مارس 2011م الموافق 09 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 30 | 6:10 ص

      الدبابات والمدرعات في نظرنا مثل ألعاب الأطفال فهي لا ترعبنا أبداً

      على طاري وصول قوات أجنبية للبحرين ... أقوول والله خوفتوني صج ... بس ياريت تكفون يا الربع زودوا القوات أكثر وأكثر لأن شعب البحرين قلبه حجر في الحق ولا يخاف من دبابات ولا قاذفات صواريخ
      أهي موتة وحده ونحن ميتون من غير مراسيم ... عمي نحن شعب لا نخاف الموت ونرحب فيه .. تبون تخوفونا بشوية مدرعات ... لا عمي قلوبنا أقوى وتصميمنا أكبر وأكبر من جيوش كل دول الخليج
      سلامتكم من كل مكروه يا شعب البحرين الطيب

    • زائر 29 | 6:06 ص

      الى رؤوس المعارضة

      لاتخافوا التخوين من الاتهام في محاورة النظام فكل خطوة ستدعمنا طالما تمترسناخلف الثوابت
      "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"
      كونوا شجعاناوحكموا العقل واحقنوا دماء الشباب المؤمن بتوجيهاتكم خطأ كانت ام صواب واجلسوا الى طاولة الحوار بكل تواضع وسلمية
      إن كثير من الناشطين أصبحوا يترددون في دفع ضريبة استعادة الحرية بالحوار ونتيجة لترددهم والمكابره والعناد يدفعون ثمنا من حاضر ومستقبل شعوبهم أضعاف ما كان يتعين عليهم دفعه لاستعادة حريتهم لو حكمو العقل وحقنوا الدماء
      اتمنى النشر مع الشكر

    • زائر 26 | 5:42 ص

      اين قلمك يا استاذ قاسم؟

      اشتقنا لتحليلاتك وارئك في الاحداث بدلاً من استغلال مساحتك في سرد ملخص لوقائع اليوم السابق التي هي اصلاً اخبار بايتة في خضم التغييرات السريعة للاحداث.
      اعرف انك محبط ولكن لقرائك عليك حق با استاذ قاسم

    • زائر 23 | 5:07 ص

      انشروا التعليق رجااااااء

      تشكر يا قاسم حسين على قلمك النزيه.. لا خبرة لي في الكتابة، لكني كنت أتمنى أن تلجأ للنقد وسرد رأيك بكل شفافية، عوضاً عن سرد الأحداث التي قرأناها وحفظناها أساساً..

    • زائر 20 | 4:54 ص

      البــــــــــــحرين على فوهة بركان وليس صفيح ساخن فحسب ...الرجاء بادروا بانقاذها.... ام محمود

      الأزمة وصلت الى مرحلة دراماتيكية بسبب الاصرار على ارتكاب الأخطاء المتتالية في قمع الشباب في الدوار واستخدام السلاح ونشر البلطجية في جميع الأماكن للترويع ولضرب الشعب واخافته وهم يعتقدون انهم بهذه الوسائل العنيفة ينتصرون ويثنون الناس عن مطالبهم ولكن هذا هو قمة الغباء اللامحدود مثل ما قال د. منصور اليوم وأنا كتبته في تعليق سابق
      لقد خرجت الامور عن السيطرة والغضب والغليان يموج
      أين المخرج أين الحل أين البلسم للجروح؟
      التدخلات الخارجية سواء العالمية أو الخليجية ستزيد الوضع تدهورا واشتعالا

    • زائر 19 | 4:31 ص

      ابو ملاك

      من يلوم الشعب الثائر له سؤال، لو استجابة السلطة لمطالب الشعب نذ البداية هل سيصل الوضع لما نحن عليه الان؟، وهل يثق الشعب في سلطة تكيد لشعبها بالاعلام والبلطجة والاصرار على ابادته، نرجو من كل حر البحث عن الحقيقة بحيادية.

    • زائر 15 | 4:05 ص

      الأمن نعمة

      يا جماعة الأمن نعمة كبيرة لن نقدرها إلا بعد أن نفقدها تماماً لأنه مازال البعض يكابر ويتصور بأنه في حرب مع أخيه! دخول قوات درع الجزيرة لحفظ المنشأت والمؤسسات الرئيسية لا لقتل شعب البحرين الأبي بسكم شحن لعقول البسطاء ودفعهم في الواجهة ترى البحرين كبيرة مثل قلبها الكبير وتتسع لنا كلنا سنة وشيعة وحتى أجانب أرجعوا لنا البحرين واحة الأمن والأمان وكفانا سياسة والتحكم من بعد تعبنا وفقدنا الكثير أرجوكم كفاية.

    • زائر 1 | 1:53 ص

      بحراناوي

      مانخاف من رصاصهم
      ولا من دباباتهم
      واليوم الموعود قادم قادم

اقرأ ايضاً