العدد 3121 - الأربعاء 23 مارس 2011م الموافق 18 ربيع الثاني 1432هـ

المجتمع الدولي استجاب لنداء الدول العربية بشأن ليبيا

ديفيد كاميرون comments [at] alwasatnews.com

رئيس الوزراء البريطاني

بدأت القوات البريطانية يوم السبت (19 مارس/ آذار 2011) مشاركتها في العمل العسكري فوق أجواء ليبيا ضمن عملية دولية بالتعاون مع الولايات المتحدة وغيرها بناء على طلب من الدول العربية، وذلك تنفيذا لإرادة الأمم المتحدة.

وتماشياً مع قرار مجلس الأمن الدولي 1973، فإن لهذه الضربات العسكرية هدفان. أولهما هو إحباط الدفاعات الجوية الليبية وتمكين فرض منطقة الحظر الجوي بشكل آمن فوق أجواء ليبيا. وثانيهما هو حماية المدنيين من هجمات نظام القذافي ضدهم. وقد تم إحراز تقدم جيد في ذلك، حيث إن قوات التحالف تمكنت من تحييد الدفاعات الجوية الليبية، ونتيجة لذلك أمكن تنفيذ فرض منطقة الحظر الجوي فوق ليبيا بفعالية. كما أنه من الواضح أن قوات التحالف ساعدت في تفادي مجزرة دموية في بنغازي، ربما بالكاد في الوقت المناسب.

لكن من الضروري أن نتذكر كيف وصلنا إلى هذا الإجراء الشديد والخطير.

ففي مساء يوم الجمعة (18 مارس) حددتُ أنا والرئيس أوباما والرئيس ساركوزي الشروط التي يتوجب على العقيد القذافي استيفاؤها وفق متطلبات القانون الدولي الموضحة في قرار مجلس الأمن رقم 1973. فقد قلنا بأنه لابد أولا من تنفيذ وقف فوري لإطلاق النار، ولا بد من وقف جميع الهجمات ضد المدنيين.

وثانياً، قلنا بأنه يتوجب على القذافي وقف تقدم قواته تجاه بنغازي.

وثالثا، قلنا إن على القذافي سحب قواته من أجدابيا ومصراته والزاوية، وتوفير إمدادات المياه والكهرباء والغاز لجميع المناطق، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية للشعب الليبي.

استجاب القذافي بإعلان وقف إطلاق النار، لكن سرعان ما اتضح بأنه كسر وعده ذلك. فقد استمر بدفع دباباته تجاه بنغازي بأسرع وقت ممكن، وبتصعيد عملياته ضد مصراته. ويوم السبت وحده وردت تقارير عن وقوع العشرات من القتلى في بنغازي والعشرات غيرهم في مصراته.

وبالتالي كان وجوب إيقافه عند حده ضروريا وقانونيا وصوابا، وكان علينا إيقافه عند حده. ضروري لأن علينا، إلى جانب آخرين، محاولة منعه من استخدام القوة العسكرية ضد شعبه. وقانوني لأننا نحظى بدعم مجلس الأمن الدولي. وصواب لأنني أعتقد بأن علينا ألا نقف جانبا بينما يبطش هذا الدكتاتور بأفراد شعبه. وتوافقنا بذلك جامعة الدول العربية والكثيرين غيرها.

وخلال القمة التي عقدت في باريس يوم السبت، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية وممثلون عن الدول العربية - من بينها قطر والإمارات العربية المتحدة والعراق والأردن والمغرب - أكدوا تأييدهم، وأقتبس هنا ما قيل، «لجميع الإجراءات اللازمة، بما فيها العسكرية، تماشيا مع قرار مجلس الأمن رقم 1973 لضمان الانصياع بجميع متطلباته».

وقد أوضح وزير الخارجية العراقي خلال هذا الاجتماع بأن فرض منطقة حظر جوي فوق شمال العراق أنقذ حياة آلاف الأكراد، وربما حتى حياته هو شخصيا. ومن حيث المشاركة الفعالة، أعلم بأن القطريين يعتزمون المساعدة في فرض منطقة الحظر الجوي. كما تنظر دول عربية أخرى في مشاركاتها إلى جانب عدد من الدول الأوروبية ومن أميركا الشمالية. وقد تحدثت صباح الاثنين مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذي أكد لي دعمه الواضح لجميع أوجه قرار مجلس الأمن، واتفقنا على وجوب تنفيذه.

كانت الرسالة الصادرة من اجتماع باريس واضحة وصريحة. لقد استجاب المجتمع الدولي لنداء الدول العربية. وأكدنا معا للشعب الليبي «عزمنا بأن نكون إلى جانبهم لمساعدتهم في تحقيق تطلعاتهم وبناء مستقبلهم ومؤسساتهم ضمن إطار ديمقراطي».


إذاً ما الذي سيحدث تالياً؟

سوف تستمر المرحلة التالية من العملية بالتركيز على فرض منطقة الحظر الجوي وحماية المدنيين. وبينما أكتب هذا المقال، مازال القذافي يرتب صفوف قواته لشن المزيد من الهجمات ضد المدنيين - وخصوصا في مصراته - ونحن عازمون على وقفه عند حده. ورسالتنا لأفراد قوات القذافي واضحة: سوف لن نتسامح مع الهجمات ضد المدنيين، وكل من يؤازرون تلك الهجمات سوف يحاسَبون على جرائمهم. وقد حان الآن الوقت لأفراد نظام القذافي بأن يهجروه. عليهم وضع أسلحتهم وهجر دباباتهم والتوقف عن تلبية أوامر من بطش بأفراد شعبه.

بالطبع ليس هناك عمل عسكري غير مصحوب بمخاطر، لكننا نبذل بكل تأكيد كل ما في وسعنا لتجنب وقوع ضحايا بين المدنيين. وقد ألغى طيارو سلاح الجو الملكي البريطاني يوم الأحد مهمتهم عندما تبين لهم بأن هناك مدنيين متواجدين بالقرب من أهداف عسكرية تم تحديدها. وهذا مثال جليّ جدا على ما نقوم به في محاولة لتخفيف خطر وقوع إصابات بين المدنيين.

من الضروري أنه في دعمنا لتنفيذ القرار أن يخطط النظام الدولي الآن لاستقرار السلام الذي يتبع ذلك. ربما ينطوي ذلك على إصلاح سريع للبنية التحتية المتضررة، والحفاظ على استمرارية تقديم الخدمات الضرورية كالرعاية الصحية والتعليم، وإصلاح القطاع الأمني، وضمان المضي بعملية سياسية صريحة وشفافة لإجراء الانتخابات. ولسوف تلعب بريطانيا دورها في ذلك.

وبما يتعلق وما يجري على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، فإن المهم حقاً هو أن مستقبل ليبيا يقرره شعبها، بمساعدة من المجتمع الدولي. وقد أوضحت المعارضة الليبية أنها لا تود رؤية أي تقسيم للبلاد، وهذا هو موقفنا نحن أيضا. كما أعربت المعارضة عن رغبتها الجامحة الواضحة في رحيل القذافي. ونتفق معها في ذلك أيضاً.

إن قرار الأمم المتحدة محدودٌ في نطاقه. فهذه العملية العسكرية لا ترمي إلى تغيير النظام: بل إنها لحماية المدنيين. ولكننا سنواصل تطبيق سلسلة واسعة من العقوبات الصارمة الهادفة إلى ممارسة الضغط على النظام. ولا يمكن لأحد أن يتكهن بما يخبئه المستقبل طبعا، ولكننا وصلنا الآن إلى وضع أصبح فيه لدى شعب ليبيا فرصة أفضل بكثير لتقرير مستقبله.


إلى أولئك الذين ما زالوا يعارضون هذه العملية

ثمة من يقولون إننا نثير متاعب للمستقبل وحسب. ويقول هؤلاء إن العرب والمسلمين لا يمكنهم تأسيس أنظمة ديموقراطية وأن من شأن توفير المزيد من الحريات في هذه الدول أن يؤدي إلى التطرف وعدم التسامح. أما أنا فأعتبر هذه الحجة مهينة ومتحيزة جدا، لا بل إنها خاطئة تماما وقد ثبت خطأها. وما علينا إلا أن نتذكر أن هذا هو ما قيل عن مصر قبل شهر واحد فقط.

قالوا إن رحيل مبارك سوف يؤدي إلى فراغ خطير يستغلُّه المتطرفون لتعزيز قوتهم. بيد أن الصورة الدامغة يوم السبت الماضي تجلت في وقوف الملايين من الناس بصبر واعتزاز في طوابير طويلة لممارسة حقوقهم الديموقراطية، وكانت المرة الأولى التي يتسنى للبعض منهم فعل ذلك.

إنني أتحسب من أن تؤدي مشاهدة صور القصف على التلفزيون إلى تذكر العمليات المؤلمة في العراق في العام 2003. ولربما أخذ البعض يفتش عن أوجه الشَّبه بحثا عن أجندة سرية. وأود أن أشير هنا إلى أن قرار الأمم المتحدة - الذي صغناه بالتعاون مع اللبنانيين والأميركيين والفرنسيين - يوضح بشكل جلي أنه لن يكون هناك احتلال لليبيا. فالقرار يفوض عمليتنا ويضع حدوداً لها. وهو يستثني تحديدا وجود أي قوة احتلال بأي شكل ولأي جزء من الأراضي الليبية.

غير أن اختلاف الأمور مع العراق أعمق من ذلك. حيث لا يقتصر الأمر على أن العملية هذه المرة تحظى بتفويض كامل وغير مبهم من الأمم المتحدة، ولا أنها تحظى هذه المرة بدعم من دول عربية وائتلاف دولي واسع. فالنقطة هنا هي أن هناك الملايين في العالم العربي يريدون أن يعرفوا بأن الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والفرنسيين والمجتمع الدولي يكترثون لما يصيبهم من معاناة وقمع. لقد طلب منا العالم العربي أن نعمل معه لوقف المذابح. وعلينا أن نلبي النداء

إقرأ أيضا لـ "ديفيد كاميرون"

العدد 3121 - الأربعاء 23 مارس 2011م الموافق 18 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:30 ص

      دائما و أبدا

      هذه الأنظمة تنافق و تسعي خلف مصالحها الخاصة بفئة متمصلحة،
      علما بأن الكثير من شعوب و المنظمات الأهلية في هذه البلدان شرفاء و فيهم خير بائن للعيان!!!
      و لكن طال الزمان أو قصر ... سوف تتغلب الشعوب على جلاديها في كل مكان

    • زائر 3 | 1:54 ص

      الوضع الإنساني في البحرين

      لابد و أنكم تعرفون عن الوضع الإنساني

    • زائر 2 | 1:53 ص

      يبقى أن تساعدوا في البحرين

      وضع البحرين و خاصة الوضع الإنساني لا يقل عما يجري في ليبيا.

    • زائر 1 | 12:49 ص

      مصالح

      ومتى تسمعون النداء بشأن البحرين

اقرأ ايضاً