العدد 3129 - الخميس 31 مارس 2011م الموافق 26 ربيع الثاني 1432هـ

مذكرة إلى بنغلاديش... إذا لم يكن مكسوراً فلا تقم بإصلاحه

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

اسأل أيَّ أميركيٍّ ماذا يعرف عن بنغلاديش وسوف تسمع على الأرجح أمرين: إنها مكان متخلّف مصاب بلعنة الفيضانات والقحط والعدد الزائد من السكان والفقر، و/ أو هو المكان المحظوظ حيث حصل الإبداع الاجتماعي الذي يدعمه المانحون والحكومة والفقراء أنفسهم على انتباه العالم، جسّدته ثورة محمد يونس في التمويل متناهي الصغر، فقد مكّن مصرفه «غرامين» ثمانية ملايين امرأة فقيرة في بنغلاديش من اقتراض مبالغ بالغة الصغر ومباشرة مؤسسات خاصة صغيرة والعمل لإنقاذ عائلاتهن من الفقر المدقع.

لسوء الحظ إن مجلس مصرف بنغلاديش المركزي، الذي ينظم عمل مصرف غرامين، أعطى تعليماته لمجلس غرامين أن يعمل على إقصاء محمد يونس، مؤسس مصرف غرامين، فوراً عن إدارة المصرف.

تم استئناف هذا الحكم الذي يتدخل في إدارة المصرف في المحاكم وسوف يتم اتخاذ قرار قريباً.

وقد عملت منظمات المجتمع المدني العالمي مؤخراً على رفع صوتها حول الموضوع، وقد يتمكن هؤلاء الذين يهتمون بإدامة هذه الحركة على دفع الحكومة في بنغلاديش لعكس موقفها من خلال الاتصال بهم الآن، حيث أن الرأي العالمي لا يهمهم.

يستحق مصرف غرامين المستقل وعلى رأسه محمد يونس أن يتم إنقاذه.

لقد فاز يونس والمصرف الذي أوجده بجائزة نوبل للسلام العام 2006، حيث ألهم أعداداً لا تعد ولا تحصى من الناس لتبني هذا النموذج في دول أخرى، بما فيها الولايات المتحدة.

ويملك عملاء غرامين، وهن نساء بدأن بلا شيء سوى قرض صغير، 75 في المئة من أسهم مصرف غرامين و96,5 في المئة من أرباح البنك المدفوعة، الأمر الذي يشكل مثالاً بارزاً على عمل ونجاح المؤسسات الخاصة.

وقد تم تبنّي أسلوب عمل المصرف في كافة أنحاء العالم، ويثبت أكثر من 125 مليون مقترض اليوم أن الأفقر من بيننا لا يستحقون الائتمان فحسب وإنما هم قادرون على القيام بأعمال مبدعة غير اعتيادية.

شكّل الأمر الصادر عن مصرف بنغلاديش المركزي جهداً مفاجئاً ومثيراً للاستغراب يهدف إلى عكس قرار اتخذ قبل ما يزيد على عقد من الزمان من قبل مجلس غرامين (المكون من تسع نساء هن عميلات ومساهمات، إضافة إلى ثلاثة ممثلين عن الحكومة) بالموافقة على استثناء لشرط التقاعد العادي بحيث يستمر يونس، الذي بلغ 70 سنة من العمر بالخدمة كمدير تنفيذي لغرامين.

يناقض التدخل الدكتاتوري إصرار الحكومة الطويل بأن تعمل المصارف كمؤسسات خاصة مستقلة، متنازلة عن ملكية الحكومة، إضافة إلى تحملها منذ عشر سنوات لقيادة يونس بعد سن التقاعد الاعتيادي وهو 60 سنة.

يستفيد العالم كله من مصرف غرامين. قد يكون مركزه بنغلاديش، ولكنه يشكل أيقونة عالمية ويخدم هدفاً عالمياً. ويمكن القول أن 125 مليون مقترض متناهي الصغر في العالم يدينون بوصولهم للخدمات المالية إلى النموذج والمعايير التي وضعها غرامين، الذي ساعد على تنشيط حركة الإقراض المتناهي الصغر عالمياً. وعندما أعطي يونس جائزة نوبل، صرّحت اللجنة: «...لا يمكن تحقيق السلام الدائم ما لم تجد مجموعات سكانية كبيرة أساليب تمكنها من الانعتاق من الفقر. التمويل المتناهي الصغر هو واحد من هذه الأساليب. تخدم التنمية من الأسفل كذلك في دفع الديمقراطية وحقوق الإنسان».

عبقرية مصرف غرامين وجوهره يكمنان في التزامه التام بالمقترضين منه، ولا أحد غيرهم. لا يمكن للتدخل الحكومي إلا أن يتسبب بالإضراب في التزام المقترضين المتبادل تجاه البنك، الذي ثبت من خلال نسب التسديد غير الاعتيادية لقروض البنك، وملكيتهم لأرباح البنك وإيداعهم نحو 800 مليون دينار في البنك (ثلثي مجموع مصرف غرامين) وإدارتهم الناجحة جداً لمجلس إدارته ومهمته.

لقد أثبتت بنغلاديش حتى الآن حكماً جيداً بشكل مثير للإعجاب في حماية استقلالية مصارفها، وسيكون من غير المفهوم لو أنها انتهكت تلك السياسة الآن فيما يتعلق بأكثر البنوك استقلالية.

وقد كتب يونس: «من سخريات القدر أن حركة الائتمان المتناهي الصغر التي بنيت حول ومن أجل ومع الأموال هي في جوهرها وفي أعماق جذورها ليست عن الأموال بالمرة. إنها تتعلق بمساعدة كل شخص على تحقيق إمكاناته كاملة. ليس الأمر عن رأس المال النقدي وإنما عن رأس المال البشري. الأموال هي مجرد أداة تطلق الأحلام البشرية، وتساعد حتى الأكثر فقراً والأقل حظاً من الناس على هذا الكوكب على تحقيق الكرامة والاحترام والمعنى في حياتهم».

لنناشد حكومة بنغلاديش على الاستمرار بتقاليدها العميقة باحترام استقلالية مصرف غرامين. قد تؤدي المناشدة المباشرة لرئيس وزراء بنغلاديش، شيخ حسينة وسفراء بنغلاديش في الدول الخارجية وكذلك إلى الأمم المتحدة إلى إعادة استقلالية مصرف غرامين وقيادة يونس المميزة

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3129 - الخميس 31 مارس 2011م الموافق 26 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً