العدد 1250 - الإثنين 06 فبراير 2006م الموافق 07 محرم 1427هـ

القربان الذبيح والوقوف أمام البطولة والبطل

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

عندما يعتلي المفكر منبر الحسين يصبح للحديث مذاق خاص ونكهة ثقافية ذات رائحة معرفية.

آن لنا أن نقف أمام البطولة بقدر وقوفنا أمام البطل. بالحسين نستطيع الغاء قيم البداوة في مجتمعنا والانتقال الى قيم الحضارة والخروج من الشرنقات المذهبية الى حيث الخيمة العالمية. كربلاء تفتحنا على الجمال والكمال الإنساني كيف يحن الرمز والقائد على الاعداء لأنهم سيدخلون النار بسبب قتله يبكي لهم على رغم أنهم بعد سويعات سيصبحوا قاتليه. وأعجب من ابن عربي كيف يختزل مأساة كربلاء ليرى الحسين أخطأ في النهوض وقتل بسبب خياره. كربلاء تفتح شهيتنا لتلقي مزيد من العلوم الانسانية فتأنسن سلوكاتنا ومنظوماتنا القيمية. تعطينا انفتاحا على الآخر بدلاً من الرهاب والخوف من الآخر. تمنحنا مزيدا من التعددية إذ يخير الحسين اصحابه ليلة العاشر في اتخاذ المصير وليتخذوا من الليل جملا.لم يكره أحدا على موقف ولم يضع قيود الاكراه في معصم احد. كربلاء لم تلبس عباءة الشمولية والالغاء.

لم يكرههم على الخيار الدامي والمصير المكتنز بالحزن والسواد والالم.

كان الحسين مسالما ولم يلقي سهما بل كان محاورا من الطراز الاول.كان يناقش الطرف الآخر«ألست ابن بنت نبيكم؟» لم يكن يتوق إلى المواجهة لو كانت هناك مندوحة للتفاوض والقبول بخيار القيم الإسلامية. الحسين كان لا يعيش غربة الجغرافيا وانما غربة الانتماء. فهو منفي في الفكر والرؤية وليس منفيا في المكان، والامام الحسين (ع) يصبح غريباً عندما لا نعيشه كسلوك اجتماعي وكيقم انسانية ومعرفية. كان يعيش غربة الواقع في عدم تفهم رؤاه. أهل الكوفة قتلوه ثم بكوا عليه حتى تساءلت زينب وهي مقيدة بالحديد: أتبكون؟ فمن الذي قتلنا؟ وتلك هي العقدة التي تسمى في علم النفس بالشوزفرينيا والانفصام مثل ذلك الكوفي الذي رأى القوم يسلبون خيم الحسين فراح هو الاخر يبحث عن غنيمة فمد يده إلى بنت الحسين يسلب حليها وهو يبكي، فقالت له: اذا كنت تبكي لحالنا فلماذا تنتزع الحلي منا؟ فقال: إذا لم آخذه سيأخذه غيري. والسؤال نحن كمسلمين هل نأخذ الحسين كقيمة اخلاقية نعكسها على سلوكنا واساليب حياتنا؟ الحسين وحد قومه فهل نحن متحدون؟ الحسين كان قمة في الانسانية مع اهل بيته فهل نحن قمة في الانسانية مع أبنائنا وزوجاتنا؟ عاشوراء تظاهرة ثقافية والمنبر الحسيني الحقيقي هو الذي يزيدنا علماً ومعرفة وثقافة ومواكبة مع العصر وتطور في الرؤية والتعاطي مع الحياة بانفتاح وتوازن ورؤية مستقبلية تفتح لنا آفاقا علمية وفضاءات اقتصادية ورحابة في الإبداع ومندوحة في الابتكار. تتفجر المواهب الملونة باشكال مختلفة من الفنون التي تخدم الدين والوطن والانتماء الانساني.

لقد آن الأوان لأن يقتصر منبر الحسين - كما في عهد الفقهاء الاوائل - على المفكرين الذين يمتلكون قدرة تفكيكية في تحليل التاريخ وانتقاء التراث بأدوات اركيولوجية حفرية عبر تنقيب يبحث عن المعرفة وازالة الروايات الضعيفة المسيسة التى دسها الحكام لتشويه الصورة التراجيدية لكربلاء الحسين.ولعل مقاربات الشيخ مطهري والرؤى النقدية لعلي شريعتي خير ما كتب في ذلك.

لمزيد من الاطلاع اوصي الشباب بقراءة هذه الكتب: 1- تراجيديا كربلاء سوسيولوجيا الخطاب الشيعي. لابراهيم الحيدري 2- عاشوراء لمحمد مهدي شمس الدين 3-الشهادة لعلي شريعتي 4- محاضرات الوائلي مكتوبة في 10 مجلدات. واتمنى من طلاب الجامعة قراءة الملحمة الحسينية 3 مجلدات لمطهري رؤية حضارية ونقدية. اما من منطلق اجتماعي فهناك بعض الرؤى الجميلة في كربلاء لعالم الاجتماع العراقي علي الوردي في كتابه القيم «مهزلة العقل البشري». كربلاء مجرد ساعات في عمر الزمن لكنها خلود يزاحم الزمانقد تطول الأعمار لا خير فيها ويضم الأمجاد يوم قصير

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1250 - الإثنين 06 فبراير 2006م الموافق 07 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً