العدد 1261 - الجمعة 17 فبراير 2006م الموافق 18 محرم 1427هـ

لماذا يختنق الناس في القاهرة؟

سلوى المؤيد comments [at] alwasatnews.com

.

لأول مرة أزور في رحلتي إلى القاهرة التي رجعت منها حديثاً القناطر الخيرية ولمست مدى جمال الطبيعة فيها. ورائحة الحقول التي تلامس الهواء النقي المنبعث من الأشجار الكثيفة على الطريق فتنعش الروح على امتداد نهر النيل العظيم الذي يشق مصر بخيراته الوفيرة من أولها إلى آخرها. وعبقه التاريخي العريق. ولاحظت عدم استغلال المسئولين لهذه الثروة النادرة للاستفادة منها سياحياً ببناء المقاهي الحديثة على امتداده من الجانبين ومعها المباني الحديثة... لم أجد الاهتمام بنهر النيل وارتفاع اسعار الأراضي والمباني حوله إلا في القاهرة التي يزدحم بها السكان وتعاني من اختناق مروري شديد يرهق أعصاب أهل البلد والسائحين وفوضى أصوات المزامير التي لا تنقطع لسبب ولغير سبب وكأن الناس تنفس عن ضيقها وقهرها في الضغط عليها للوصول إلى بيوتهم. ولا أعرف سبباً لهذا التمركز العمراني في القاهرة إلا وجود الدوائر الرسمية فيها وهذا في اعتقادي ناتج عن نظرة قصيرة للمسئولين في السنوات الماضية. لإنهم لو قاموا بتوفير هذه الدوائر من خلال إنشاء مدن خارجية. لما حدث هذا الازدحام السكاني في القاهرة وأدى إلى الإضرار بالمباني التاريخية العريقة التي نالتها يد الإهمال بشكل مؤلم للنفس. هناك بنايات في القاهرة تعتبر روعة في المعمار الهندسي الإيطالي والفرنسي القديم. ولكنها مهترئة بسبب الإهمال ويعلوها الصدأ... ومداخلها قذرة ولم تطلها يد الصيانة منذ سنوات طويلة... وعندما تسأل عن سبب ذلك يقال لك ان صيانتها تحتاج إلى أموال طائلة، وصاحب المبنى غير قادر على دفعها، ولا أدري لماذا لا تدعم الدولة أصحاب هذه العمارات في صيانتها كما فعلت إيطاليا للمحافظة على الطابع المعماري الحضاري بها فأصبحت روما وفلورنس ونيس تحفاً معمارية تاريخية... لاني لا اعتقد بأن صاحب أي عمارة في القاهرة قادر على إجراء ذلك الترميم باسلوب علمي حديث اليوم... ولا أظن أن أصحاب العمارة مستعدون للدفع لترميمها وخصوصاً وأن أهلها لم يتعودوا على التعاون مادياً في سبيل نظافة المبنى وترميمه... والدليل على ذلك القذارة الواضحة على الأدراج المؤدية إلى طوابق المبنى وبصراحة فأنا لم ألمس هذا الإهمال في الدول التي زرتها إلا في القاهرة، ولا أدري سبب ذلك إلا عدم إحساس المواطن باهتمام المسئولين باحتياجاته الأساسية والفقر المستشري مع البطالة وسط فساد إداري يأكل خيرات مصر الوفيرة.

إن مصر التي يحبها كل العرب، وتحتل مكانة كبيرة في قلبي لأنني درست فيها... ومكانة رفيعة في نفوس العرب جميعاً. بحاجة إلى المزيد من الاهتمام من المسئولين بالنسبة للمرور وترميم المباني وتوفير الاحتياجات الاساسية للشعب المصري الذي يعيش دون المتوسط باسعار مدعومة من قبل الحكومة والضرائب يجب أن تذهب إلى تطوير حياة الناس . لقد واجهت مرتين الموقف البغيض المخجل نفسه عند الدخول إلى مطار القاهرة الدولي للمغادرة. ويدل على عدم اهتمام المواطن بسمعة مصر وهذا الموقف هو الآتي: يقف لك شرطي بعد أن يتم فحص حقائبك ويسألك سؤالاً لم أسمع شرطياً يسأله في أية دولة زرتها عن تذكرتك فتعطيها له وأنت مندهش من سؤاله ليقول لك أنت لم تؤكد على الحجز في تذكرتك عليك بالذهاب إلى غرفة طيران الخليج أو أية شركة أخرى لتؤكد عليها... فترد عليه لقد أكدت عليها وعندما أصل إلى منصة طيران الخليج وأسألهم عن الرقم الرمزي للتذكرة الجديدة سيدركون أنني أكدت. يتجاهلك ويصر أن تذهب للتأكد... لتشعر بالضيق وأنت مستعجل... فيقفز لك شخص لكي يساعدك فيعطيه الشرطي التذكرة، ويتضح لك فيما بعد أنه مراسل... فيكون كأنه أنقذك من هذه الورطة فتعطيه إذا كنت لا تعلم الحيلة الساذجة مبلغاً كبيراً لانه ساعدك... فيقتسمه مع بقية الموظفين والشرطة وموظفي منصة أي شركة طيران عربية.

كيف يغفل المسئولون في مطار القاهرة الدولي عن هؤلاء الذين يشوهون سمعة مصر ويخرج المسافر وهو غاضب أو مغشوش.

المطار واجهة الدولة فيجب أن يتم اختيار كفاءات جيدة ومخلصة لتعمل فيه لأنه يعكس سلوك أهل البلاد... ولا أتصور أن أخلاق الناس الطيبة الأصلية تقبل بذلك العمل المتدني للحصول على المال من السائح.

إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"

العدد 1261 - الجمعة 17 فبراير 2006م الموافق 18 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً