العدد 1215 - الإثنين 02 يناير 2006م الموافق 02 ذي الحجة 1426هـ

هل نبقى طوال حياتنا نعيش الشعارات،

عبدالله عيسى الكبيسي comments [at] alwasatnews.com

لعل السؤال الأول الذي يسأله المواطن البسيط نفسه وهو يخرج من مبنى المجلس البلدي، في أية محافظة من المحافظات، أو ينتهي من لقاء عضو مجلس بلدي هو: ما الذي تغير في الوضع؟ وما الذي استفاده هو كمواطن من ناحية ما ملأ به الممثلون رأسه من وعود وأحلام وردية بدءاً من تحسين الخدمات انتهاءً بتسهيل الإجراءات؟ أين كل ذلك؟ لا شيء يذكر. عدنا إلى المربع الأول حينما كنا نتهم الجهاز الحكومي بأسره بالتقصير واللامبالاة وارهاق المواطن. وفعلاً كان ذلك الأمر حقيقياً الى حد ما، لكن أداء الأجهزة الحكومية قبل التحول الى المجالس المنتخبة ­ مع شديد الأسف ­ أفضل بكثير والمقارنة قابلة للنقاش. مرحلة تقييم الاستحقاقات، أو ما يفضل بعض الناشطين السياسيين والمهتمين من الكتاب البحرينيين تسميتها باسم «استحقاقات المرحلة»، تثير حالاً من الاضطراب المقلق في ظل ولادة تجربة نيابية ليست في مستوى الطموح. وتجربة بلدية ليست تصل حتى إلى أدنى درجات المقبول، وتجربة ميدانية، وأقصد بها حراك الشارع، تثير هي الأخرى القلق بسبب ضياع المسارات وتداخل الشعارات. فهل قدر لنا أن نعيش في بلادنا، وبشكل مستمر، مرحلة «شعارات» لا تنتهي؟ كان الشعار الأكبر هو: البرلمان هو الحل؟ حل لماذا وكيف ومتى وأين؟ وبعد أن صار البرلمان واقعاً، ما هي حدود الحل في المساحات المقاطعة؟ وما هي مثيلتها في المساحات المشاركة؟ ثم، مرحلة الشعارات التي كانت ولا تزال، لم تغفل عن الحكومة وجرفتها فيما جرفت من شعارات أيضاً.

على من يقع اللوم؟

لكن اللوم على من يقع؟ كنا نريد من البرلمان أن يقدم على الأقل ما نسبته 80 في المئة مما يتطلع اليه شعب البحرين، ولو على مستوى التصدي للفساد المالي والإداري والسرقة والتسلط واستغلال النفوذ بصورة سيئة، لكنه لم يفعل، ولم يصل حتى الى نسبة 20 في المئة، لماذا كان الشعار وقتذاك: البرلمان هو الحل؟ ثم بعد هذه التجربة، لماذا لم يتحول إلى: البرلمان لم يكن حلاً؟ وبالنسبة إلى الوسطيين يمكنهم أن يعترضوا لنقول لهم اعتراضكم مقبول على أن نقول: ليس هذا هو البرلمان الذي سيكون فيه الحل؟ الحكومة تبقى حكومة، تملك دائماً زمام الأمور وتملك زمام المبادرة. في الماضي، حينما كانت شعارات المطالبة بإعادة الحياة النيابية قائمة وساخنة وما أفرزت من حوادث وتداعيات، تعتبر من أهم المراحل المهمة في تاريخ مملكة البحرين، لكن لابد من القول إن تلك المرحلة التي مهدت ­ من دون شك ­ إلى الكثير من التغيير، لم تعد مدونة في ملف التحول السياسي الإيجابي برمته. بمعنى آخر أقول: كانت الحكومة ولاتزال، متهمة في التقصير، لكن على الأقل، لم تغفل الحكومة المساهمة في الشيء الواضح، فحتى لو كان المطلوب منها هو العمل بنسبة 80 في المئة من التطوير على الاصعدة الحياتية وقدمت نسبة لا تزيد على 20 في المئة، فإنها بذلك وجدت قدماً، لكن المطلوب من البرلمان بعد أن تشكل، الدفع في اتجاه رفع أداء الحكومة وعدم الاكتفاء بتحقيق المصالح الشخصية أو المنافع الذاتية كما يقول الكثير من الناس البسطاء اليوم عن أعضاء المجلس النيابي الموقرين. والبعض الآخر يفضل أن يسمي التجربة: خسارة ملايين على الفاضي، فيما لا يتردد بعض الناس من توجيه الشتائم والسباب للنواب، وهو أمر لا نرضاه طبعاً للنواب الأفاضل. فمهما يكن من أمر، فإن النقد البناء هو ما يجب أن يأخذ طريقه بالهيئة التي تسهم في ترسيخ منهج في احترام الرأي والرأي الآخر على الأقل.

مستوى الأداء يثير التذمر

وبودي أن أخاطب الاخوة والأخوات في المجلس الوطني، وخصوصاً أعضاء المجلس النيابي، لأقول ان ما تسمعونه من الناس من حولكم وما تقرأونه ضدكم، لا يعكس فشل التجربة إطلاقاً. فالتجربة بدأت وليس هذا مقام تقييمها، لكن مستوى الأداء ذاته هو الذي دفع بالمواطن إلى التذمر من المجلس. وهو الأمر ذاته الذي يسري على المجالس البلدية التي اختص بعضها للتناحر والخلافات والتهديد بالاستقالات تارة والتلويح بها تارة أخرى، والبعض يقدم استقالته ثم يسحبها، يقدمها ثم يسحبها، فيتفرغ للتقديم والسحب، فيما المواطن ينتظر أن تنجز معاملته البسيطة والتي كانت تنجز في أسرع وقت فيما مضى من السنوات قبل تشكيل المجالس البلدية وعلى رغم بيرواقراطية الأجهزة الحكومية. هكذا قدر لنا أن نعيش مرحلة شعارات لا تنتهي، لكن وعي المواطن هو ما يجب أن يضعه ممثلو الشعب من بلديين ونواب. وعي الشعب قادر على فضح الالاعيب. واذا كنا استبشرنا خيراً من وجود مجلس بلدي اختار المواطنون ممثليهم فيه ليضيف بعداً عملياً واقعياً جديداً لنوعية التجدد والحراك في المجتمع، إلا أن هفوات المجالس الكثيرة، أوقعت الناخب في حال من الندم. وكما قلت سابقاً، طالبنا بإعادة الحياة النيابية ودفعنا بقوة في اتجاه احياء تجربة المجالس البلدية، لا من أجل أن تكون «سلبية» في التعامل ويجد فيها الأعضاء فرصة للحصول على راتب كبير وامتيازات جيدة، ولعلي هنا أكرر أن سمو رئيس الوزراء، شدد كثيراً، وعلى مدى سنوات خلت، على نقاط محورية مهمة منها التأكيد على ضرورة تيسير اجراءات المراجعين وتخليص معاملات الناس، وقد كنا نواجه فيما مضى من السنوات بيرواقراطية متعبة، لكن أن نتحمل البيروقراطية ذاتها في أداء مجالس يفترض أن تكون عوناً للمواطن، فهذا أمر لا يمكن تحمله إطلاقاً. من السهل أن ينشط بعض أعضاء المجالس البلدية هذه الأيام ليكتبوا في الصحف وينشروا تصريحات تظهرهم وكأنهم جلبوا لنا مدينة من المدن الفاضلة، لكن هذا التوقيت، وتمهيداً للانتخابات القريبة، لن يغني ولن يسمن من جوع، * رجل أعمال بحرين

العدد 1215 - الإثنين 02 يناير 2006م الموافق 02 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً