العدد 1216 - الثلثاء 03 يناير 2006م الموافق 03 ذي الحجة 1426هـ

بوابة دمشق

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

من جديد عادت الضغوط الدولية تمارس على سورية من أعلى المستويات بعد الكلام الخطير الذي أطلقه نائب الرئيس السابق عبدالحليم خدام من شاشة الفضائية «العربية» في نهاية العام الماضي. فالكلام جاء في توقيت دقيق وأعاد فتح أوراق ملفات كثيرة أبرزها تلك التحقيقات المتعلقة بجريمة اغتيال رفيق الحريري.

تصريحات خدام دفعت عقارب الساعة إلى الوراء وطرحت مجموعة نقاط تتصل بالأجواء السياسية التي سبقت الجريمة. وهذا الأمر أعطى ذريعة قوية للجنة التحقيق لتستأنف نشاطها من مكان أعلى من ذاك الذي وصلت إليه تحقيقات اللجنة حين كانت برئاسة القاضي الألماني المستقيل ديتليف ميليس.

عاد الضغط إذاً على سورية بعد هدنة قصيرة ومن البوابة نفسها وتحت شعار استكمال البحث عن الحقيقة وملاحقة الطرف المسئول عن التحريض أو التسهيل أو تنفيذ الجريمة. والضغوط هذه المرة ستكون، كما تظهر الصورة، أقوى من السابق لأنها تستند إلى شهادة الرجل الثاني في النظام السوري وتأتي في سياق إقليمي مختلف عن تلك المشاهد التي مرّت بها المنطقة في السنة الماضية.

يمكن ملاحظة اختلاف السياق الإقليمي في محاور عدة. أولاً، هناك تراجع في العلاقات الإيرانية - الخليجية وهي علاقات شهدت تحسناً في السنوات الماضية. والتراجع في العلاقات يرتكز على نقطتين، واحدة تتعلق بموضوع العراق وأخرى تتصل بأمن الخليج والسباق على التسلح والحشد العسكري.

ثانياً، هناك ما يشبه الارتباك في التنسيق المصري - السعودي بسبب توجهات غير متطابقة في الملفين السوري والإيراني وانعكاسهما على الساحة العراقية. وهذا الأمر يلاحظ من خلال عدم حماس دول الخليج إلى تلك الرسائل أو المبادرات والأدوار التي قام بها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بشأن العراق وموضوع أمن الخليج والدعوات الأميركية لفصله عما تسميه «الشرق الأوسط».

ثالثاً، هناك ما يشبه عدم الارتياح في العلاقات السورية - السعودية، وهي علاقات كانت متينة وقوية تقليدياً وأسست أحياناً لنوع من الثنائية الصلبة في التعامل مع سياسات مصر أو العراق أو إيران في فترات متقطعة. وربما جاءت زيارة الرئيس حسني مبارك للسعودية بعد أيام من كلام خدام في إطار تجديد التفاهم على صيغة معقولة تضبط إيقاع العلاقات اللبنانية - السورية ضمن توازنات معينة لا تسمح للقوى الدولية باستغلال توترها لتمرير أهداف سياسية مستفيدة من موضوع التحقيق في جريمة الاغتيال.

هذه المشاهد المختلفة على المسرح السياسي العربي تكشف عن وجود توترات خفية تعبّر عن قلق عام على توازنات معينة يجب دعمها أو المحافظة عليها حتى لا تنهار أمام الضغوط الدولية التي تجددت بقوة بعد الكلام الذي أطلقه خدام على شاشة التلفزة. وضمن هذا الإطار يمكن فهم معاني تلك الزيارة السريعة التي التقى خلالها الرئيس مبارك العاهل السعودي في الرياض. فالزيارة ليست متعلقة بتخفيف التوتر اللبناني - السوري فقط. فهذا الأمر ليس نقطة مستقلة عن مجموعة ملفات ومن بينها اغتيال الحريري والضغوط الدولية على دمشق ومحاولة واشنطن الاستفادة من تلك الثغرات لتمرير أهداف تتجاوز تلك العناوين.

ما وراء تلك العناوين هو الأهم. فالمسألة تتجاوز كلام خدام والأجواء السياسية التي سبقت اغتيال الحريري. فما تريده واشنطن ليس معرفة الحقيقة أو البحث عن الفاعل وإنما استغلال كل تلك الاحتقانات في المنطقة لضرب جسور الثقة وما تبقى من اتصالات بين دول لاتزال تنضوي تحت خيمة الجامعة العربية. وحين ترتفع الشكوك وتتحول إلى توجسات بين دول عربية وأخرى تستطيع آنذاك أن تتحرك الدول الكبرى وتبدأ بممارسة ضغوطها في مختلف مناطق التوتر والقلق لزعزعة ما تبقى من «النظام العربي» ومنظوماته الإقليمية من المحيط إلى الخليج.

كلام خدام الذي قيل في محطة «العربية» ذهب في الاتجاه الخطأ، فهو لم يقدّم الدليل على الفاعل... ولكنه أعاد فتح الطريق أمام الدول الكبرى للعودة إلى ممارسة ضغوطها على بوابة دمشق. وهذا ما أراد الرئيس مبارك بحث تداعياته مع العاهل السعودي

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1216 - الثلثاء 03 يناير 2006م الموافق 03 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً