العدد 2498 - الأربعاء 08 يوليو 2009م الموافق 15 رجب 1430هـ

متعة السرعة التي جذبت قلوب الملايين

السريع والغاضب في جزئه الرابع

يعيش منتج سلسلة الأفلام الأميركية المتميزة «السريع والغاضب» «Fast & furious» حالة نجاح كبيرة لهذا الشريط السينمائي الذي يمكن وصفه بأكثر من ناجح على عدة أصعدة، والتي من أهمها حجم الإيرادات التي عادت من ورائه عبر عرض الفيلم في دور السينما العالمية، وتهافت الناس من كل مكان لحضور جزئه الرابع، الذي كان وسيلة استقطاب فعالة للمشاهدين لوجود عوامل البطولة الناجحة من الممثلين، والقصة المشوقة، وحجم الإثارة الكافي في سباق السيارات الذي هو العنصر الأساسي في الفيلم.

ولكن فيما يبدو أن السينما الأميركية لم تستغنِ عن دورها في تسويق المنتجات والسلع والأفكار للجماهير عبر إبرازها بالصورة الجميلة والمحببة إلى العقل الباطن للمشاهد البسط، ما يجعله يتأثر بما يشاهده لا شعوريا، وينجر لممارسة السلوكيات وشراء المنتجات التي تعرض في تلك الأفلام.

والواضح أن فيلم السريع والغاضب «Fast & furious» قد أتى بنفس سياق الأفلام القديمة التي تعرض من أجل التسويق بالدرجة الأولى، وليس من أجل القيمة الفنية وقصة الفيلم، رغم أن الأداء التمثيلي كان لائقا من خلال ما قدمته مجموعة الممثلين المشاركين في الأجزاء الثلاثة السابقة، وكون الفيلم قد أخرج وفق طريقة رائعة وجذابة، إلا أن الفكرة من الفيلم الذي يعاد تقديمه ضمن جزء رابع، تتمحور في تقديم منتج استهلاكي يحصد الأرباح ويحقق المكاسب المادية للفيلم والمنتجات المسوقة فيه، وليس كشريط فيلمي من أجل المنافسة في سوق الجوائز العالمية.

ويعود طاقم العمل الذي برع في الجزء الأول من الفيلم، بمشاركة عدد بسيط من الممثلين الذين قاموا بتقديم الجزء الثالث منه، ليكون حلقة وصل بين أحداث الجزئين، رغم كونه أتى بعدهما، إلا أن التسلسل الزمني لمتتبع أحداث السلسلة يدرك أن ما يحدث في الفيلم الذي تم تقديمه لموسم أفلام 2009 هو تواصل لأحداث هروب «دومينيك توريتو» الذي أدى دوره الممثل البارع «فان ديزل»، بعد السباق العنيف الذي اختتم الجزء الأول بينه وبين «باول ووكر» بدور الشرطي «براين أوكونور»، الذي ساعد «دوم» في الهروب من الشرطة بإعطائه سيارته الخاصة، وليترك الأحداث بعدها مفتوحة.

وما يوضح أن الفيلم هو وسيط في الفترة الزمنية لأحداثه بين الأول والثالث، وخصوصا أن الجزء الثاني لم يكن مرتبطا بأحداث السلسلة بشكل كبير سوى أن البطل «براين أوكونور» كان يؤدي مهمة على صعيد دوره كشرطي في الـ «FBI»، ولم يكن هناك سواه من باقي الفريق المشارك في باقي السلسلة، هو أن بعض الممثلين الذين شاركوا في الجزء الثالث مثل «سونغ كانغ» في دور «هان لو» كان موجودا، في هذا الجزء، وذكر ضمن سياق حواره أنه سيذهب إلى طوكيو، وهي تلميحة ذكية للأحداث التي حدثت في الجزء الثالث الذي حمل عنوان «طوكيو دريفت»، أو «انزلاق طوكيو»، والذي اختتم بظهور «دوم» حينما يتسابق في آخر مشهد، ويذكر أن السيارة التي يقودها هي هدية من صديقه «هان».

يبدأ الفيلم، كما الجزء الأول منه بتصوير «دومينيك» مع عصابته الجديدة، قوامها الممثلة «ميشيل رودريكوز» التي استمرت بتأدية دور «ليتي» الذي قامت بتقديمه في الجزء الأول، و»هان» من الجزء الثالث كما سبق وذكرنا، إلى جانب عدد من الممثلين الجانبيين.

وتقوم مهمة هذا الفريق بسرقة صهاريج البترول، للقيمة التي فيها نظرا لشح وجودها في المنطقة، بما يجعله يساوي الذهب كما ذكر في الحوار، وهو أول مشهد من مشاهد الفيلم الذي يجعل المشاهد يدرك أن «دوم» لا يزال يعيش حياة سرقة الشاحنات، ولكن بطريقة جديدة عما كان عليه في الجزء الأول.

في خدعة سينمائية مبتكرة، وبعد أن يكتشف سائق الصهريج محاولة السرقة، يفلت السائق زمام القيادة ويرمي بنفسه للشارع كي يترك «دوم» و»ليتي» يجاهدان في الهروب من مأزق انجراف الصهريج دون سائق، بعد أن تعلقت «ليتي» في الصهريج، و»دوم» يحاول أن ينقدها، فيما الشاحنة والسيارة في طريقهما نحو منحدر ينتهي بمنعطف يهوي إلى أسفل الجرف.

ويبدأ الصهريج بالتقلب وهو يشتعل متوجها نحو السيارة التي يركبها «دوم» و»ليتي»، فيما «دوم» يركز في الصهريج دون أن يقوم بشيء، حتى إذا ما اقترب منهما، يدفع بسيارته للانطلاق بسرعة، ويتجاوز الصهريج مارا من أسفله.

ينجوا الاثنان، إلا أن «دوم» يعيش القلق من حياته الصاخبة، فيلجأ للهروب وحده إلى المكسيك، فيما رفيقه في الجزء الأول «براين أوكونور» يعاود ممارسته لحياته المهنية كضابط في الـ «FBI» لتتبع والقبض على رئيس عصابة، يقوم بتهريب المخدرات إلى البلاد بطريقة مجهولة.

يتداخل البطلان في هذه القضية بعد أن يقوم تاجر المخدرات الذي يدعى «براغا»، والذي يسعى «أوكونور» للقبض عليه بالتسبب في قتل «ليتي» التي بدأت تتعاون مع الشرطة للقبض على هذا المجرم كي تحصل على تبرأة «دوم» من التهم المنسوبة إليه، والسماح له بالعودة إلى دياره.

تبدأ عملية الالتقاء حينما يحصل «أوكونور» على خيط يقوده إلى شخص يعمل ضمن شبكة «براغا»، والذي يكون هو نفس الخيط الذي يجده «دوم»، فيلتقيان سويا بتوقيت درامي، ويستطيع كل منهما بطريقة منفصلة الدخول إلى عالم «براغا» الذي ينظم سباق سيارات كي يحصل على أفضل السواق للقيام بعمليات التهريب عبر الحدود الأميركية المكسيكية داخل أنفاق سرية تحتاج إلى قيادة ماهرة لتجاوزها.

وفيما يعد تسويقا للسيارات الأميركية وقوتها، يقود بطل الفيلم المحبوب «دومينيك توريتو» سيارة «كومارو»، والتي تبرز في أداء القيادة الروعة والإبداع لصانع السيارات الأميركية «شيفرولية»، وهو ما استحسنه الجمهور طوال أجزاء الفيلم لما تحققه السيارة من أداء جميل في عرض الفيلم.

بعد دخول البطلين إلى هذا العالم، يتوضح أن الأبطال قد تم نقلهم عبر شاحنة مع سياراتهم للمكسيك، وذلك كي يقوموا بعملية نقل للمخدرات، ويساعدهم في الانتقال داخل الحدود المكسيكية أجهزة «GPRS» للدخول في المغارة المعدة مسبقا، والتي تفصل أميركا عن المكسيك.

تقود الأحداث «دوم» كي يكتشف أن قائد الفريق الذي غادر من المكسيك إلى أميركا هو الشخص الذي قام بقتل «ليتي»، فيتعاون مع «أوكونور» بعد أن قام كلاهما بسرقة شحنة المخدرات التي تم تهريبها في ابتزاز «كامبوس» الذي يؤدي دوره الممثل «جون أورتز»، وهو الذي يتلاعب بين دورين، أولهما الواجهة «براغا» كمدير للعمليات، والدور الثاني الذي يكتشفه الإثنان لاحقا أن «كامبوس» هو نفسه «براغا»، والذي يتضح في لحظات مقايضة المخدرات مع العصابة، حينما يقدمون واجهة للعصابة، والزعيم متخف في صورة مساعد.

يتمكن «براغا» من الهروب للمكسيك، حيث يملك قاعدة من الأفراد تشكل عصابة كبيرة وقوية.

وبما أن «أوكونور» يقع في معضلة كون المكسيك خارج صلاحيات إدارته، فبذلك يقرر الذهاب مع «دوم» للقبض عليه بطريقة غير رسمية.

تجري عملية القبض بسلاسة، من خلال وجود «براغا» داخل الكنيسة لوحده، يتضرع طلبا للغفران، فيدخل عليه البطلان ويقبضان عليه بكل سهولة، إلا أن فيلم الأكشن لا يكتمل إن لم تكن عشرات السيارات منطلقة في إثرهما، ويسعون للقبض عليهما واستعادة الرئيس، على إثر اكتشاف الحراس لاختفاء رئيسهم.

الملخص هو أن البطلان يستغلان الأنفاق السرية، التي كانت سبيلا لتهريب المخدرات، في الهروب من المكسيك، ويتكلل هذا الهروب بالنجاح والخروج إلى أميركا، إلا أن لحظة الحسم حينما يقف قاتل «ليتي» الممثل «لاز ألونزو» وهو يحاول قتل «أوكونور»، بعد أن يتمكن من إعاقة السيارة وإخراج رئيسه منها، فينقض عليه «دوم» بسيارته وهو خارج من المغارة، كي يسحق عظامه حينما يصدمه بسيارته.

الحصيلة من الفيلم، والتي كانت هي افتتاحيتنا هي أن الفيلم بفكرته وثيمته التي تتكرر منذ الجزء الأول يسعى لتسويق فكرة السرعة وسباق السيارات، إلى جانب قوة المحركات لمجموعة معينة من السيارات، والتي لا يخفى أن بعض شركات السيارات تقوم بتمويل إنتاج الفيلم بمبالغ معينة كي يتم إبراز سياراتهم فيه.

والمحصلة أن الفيلم كان متميزا، والجهد المبذول في المخاطرة وعملية الإخراج كانا ذوي نتائج متميزة في إخراج العمل بصورة تشد المشاهد لمتابعة الفيلم بالكامل طوال 107 دقيقة، وتكرار مشاهدته لأكثر من مرة أيضا.

العدد 2498 - الأربعاء 08 يوليو 2009م الموافق 15 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً