العدد 1318 - السبت 15 أبريل 2006م الموافق 16 ربيع الاول 1427هـ

فلنزرع الأمل في عيون متعطشة للحياة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

تلك هي قناعتي، أن البحريني إنسان يقطر تسامحا ومحبة وانفتاحا ووطنية. لست شوفينيا، لكن كل من ينفتح على الشخصية البحرينية يشعر أنها تتميز بوعي تسامحي، وتحمل أفقاً منفتحاً، إذاً لماذا لا نراهن على طيبة هذا القلب لنزرع إنسانا آخر، إنسانا تواصليا محاورا ذا قلب وعقل منفتحين؟

المواطن البحريني لا يريد أن يسكن فردوساً أرضياً يستظل به تحت شجرة الزيزفون، لا يريد أن يسبح في بحيرة من العسل أو يستحم في نهر من اللبن. إنه يبحث عن خبز «كدورة البدر التمام» على حد تعبير الجواهري، يحلم برغيف غير مغموس في الكذب، يريد أن يتوضأ بوضوء الكرامة من دون أن يكلفه ضياع الوطن، وتمزق النسيج الوطني والمجتمعي، ومن دون أن تنهار منظومته الأخلاقية أو تسقط على الأرض. ذلك لا يكون إلا بتعاون الجميع سلطة ومجتمعا، وكلما عملنا على تجسير العلاقة بأسلوب سلمي تسامحي كان في ذلك خير للبحرين ومستقبل الأجيال القادمة.

الحكومة بحاجة إلى ضخ مزيد من الأموال لإنشاء مشروعات إسكانية مستعجلة. أقول: مستعجلة، لأن الفقر كافر، وأصعب لحظة على الإنسان عندما يجلس مع شاب في مقتبل العمر ويكتشف في عينيه أملا مخنوقا ودمعة كسيرة لا ترى أي طموح للمستقبل.

في أسبوع واحد جلست مع عدة مواطنين بحرينيين، بعضهم راح يحدثني عن شركة له تقوم باستيراد مواد صحية، قال لي: نحن الآن على شفا حفرة من الانهيار. وقال: هناك تاجر درجة ثالثة يريد أن يبتلع السوق بأكملها وراح يبتلع كل الشركات المصدرة للبحرين، وللأسف إحدى الشركات الكبرى أرسلت لنا خطاباً بتحويل كل شيء لهذا الوكيل بمن فيهم موظف ثبت عندنا بالدليل تزويره لمستندات، وكنا قد أخبرنا الشركة الأم بذلك. يراد لنا نحن الضعفاء أن نبتلع. قلت لهم: أروني أدلتكم واثباتاتكم في كل الأمور، ولنأخذ القضايا بالقانون خطوة خطوة ولتكن البداية من الشركة الأم في هولندا.

شاب آخر من النعيم جلست معه، تحدث عن وضعه الكارثي، اقترض قرضا ليتم دراسة زوجته وبعد التخرج مكثت في المنزل، وهو يعاني الآن من دفع الاقساط وألم الواقع، إذ يعمل طيلة النهار وعند رجوعه يمكث في المنزل لخدمة أمه وأبيه، وكلاهما مقعد بسبب المرض.

أما الثالث فهو مواطن بحريني في مقتبل العمر (طيار) تخرج من جامعة في الخارج ودرس على حسابه، وأبوه «جمع الفلس على الفلس»، إذ يعمل سائقاً، حتى أنهى ابنه الدراسة، وقد أتم الابن دراسته في الخارج وكان يعمل ليلاً في مطعم ويدرس نهاراً.

أما الشاب الرابع فيعيش هو وعائلته المكونة من 9 أفراد في خربة كادت أن تسقط عليهم بسبب قدم البناء ويبحثون عن سكن. السؤال: ما هو المطلوب منا كمجتمع مدني وكسلطة؟ بالنسبة لنا يجب توصيل المعلومات عن كل هذه القضايا للسلطة.

بالنسبة إلى أصحاب الشركة اقترحت عليهم عدة أمور منها: تعيين محام لدراسة القانون. ثانياً: الشكوى على الموظف الأجنبي المزور وإيصال الوثائق التي تثبت إيصالهم للشركة الأم عنه وعن ملابسات الحادث، ووضع قضيتهم أمام المسئولين. اما بالنسبة إلى الشاب وزوجته العاطلة فقد ثبت بعد الاتصال بالجهات المختصة نجاحها وتجاوزها للامتحان والمقابلة، وأنه سيتم توظيفها وهي موجودة على القائمة، أما بالنسبة إلى الطيار فقد تم توظيفه في احدى الشركات، لكن الأمل يحدونا بتدخل المسئولين في الشركة بتوظيفه كطيار مدني وخصوصاً أن إحدى الشركات تقوم بالتعاقد مع طيارين من الخارج، وهذا المواطن شخص يستحق التشجيع والدعم، وامتلك كل الوثائق التي تدل على أنه طيار. أتمنى من المسئولين الأخذ بيد هذا الشاب البحريني، وهو من الشباب الطموحين، وإن إدخال السعادة على هذه الأسرة وعلى قلب أبيه الذي صبر على الآلام من أجل إنجاح عائلته يرفع من معنويات هذه العائلة المكافحة، علماً بأن جميع أبنائه ما بين دكتور ومهندس وطيار، وهو يستحق التقدير والاحترام والدعم المادي والمعنوي.

وقبل 10 أيام وصلتني رسالة لطالبة بحرينية كانت تبكي متألمة بسبب هبوط حاد لمعدلها الدراسي وكانت تريد أن تعيد قراءة ورقة الامتحان للتأكد من الدرجة، تم الاتصال بالوزارة ورحب المسئولون بذلك، وقالوا: هذا حقها وفعلا تمت المراجعة واكتشف وجود خطأ في الرقم، وارتفع معدلها التراكمي ودرجتها تقريباً من 93 إلى 97 في المئة، وهنا أحب أن أشكر الوزارة على التعاون وتصحيح الدرجة. أما بالنسبة إلى العائلة المنكوبة التي تعاني من قدم الدار، فقد تم تخصيص شقة لها في السنابس، ولكن بعد الاطلاع على تفاصيل الأمر ووصول الملف أيضا إلى المجلس الأعلى للمرأة تمت إعادة قراءة الملف وهناك أمل كبير بأن تعطى منزلا، إذ إن عدد أفراد العائلة 9 أفراد وهنا تتقدم هذه العائلة بالشكر لوزارة الإسكان وللمجلس الأعلى على موقفهما الكريم.

أقول: البحريني يريد سكنا يقيه حر البر، ووظيفة تقيه ألم الجوع وشعوراً بالكرامة الإنسانية وبالحرية التي تكفل له ممارسة طقوسه، وذلك لا يكون الا بتعاون الجميع، بالسلم والأسلوب الحسن والكلمة الطيبة واستغلال المؤسسات القانونية من برلمان وصحافة ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني. من خلال تواصلي ببعض الوزارات اكتشف أن هناك مسئولين وطنيين يريدون خدمة الناس، وبعض المسئولين سلبيون لا يفكرون إلا في مصالحهم. دعونا نركز على الإصلاحيين ونشجعهم ونوصل لهم القضايا، لعل الله يفتح لمواطن محروم أملا أو نجاحاً أو بارقة سعادة

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1318 - السبت 15 أبريل 2006م الموافق 16 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً